يعتقد غالبية المواطنين أن السجين يستحيل أن يغادر المؤسسة العقابية إلا بعد استنفاذ مدة الإدانة، غير أن بعض المحاكم والسجون عبر الوطن عايشت حالات نادرة لعمليات فرار مساجين، مستغلين غفلة الحراس والشرطة، وإن كانت شخصية السجين تميل إلى التمرد والعصيان رغم علمهم أن العقوبة تصل إلى 5 سنوات حبسا نافذا، جراء محاولة الفرار، الشروق فتحت ملف الفرار من السجون والمحاكم واستطلعت الأمر مع مختصين وخبراء في علم النفس والقانون والأمن. اختارت الشروق قصص واقعية لفرار مساجين من محاكم وسجون بمختلف مناطق التراب الوطني، ملابساتها شبيهة بلقطات مسلسلات وأفلام الأكشن أمثال"بريزن بريك" و"إيسكايب"...
الهربة من نوافذ المراحيض ومكاتب المحققين سجلت حالة فرار بطلها سجينان من محكمة تيسمسيلت، متهمان بجنحتي ترويج المخدرات وانتهاك حرمة منزل، وقد تمكنا من الفرار بعد طلب قضاء حاجتهما ليقفزا من أعلى نافذة المرحاض، وتم إلقاء القبض عليهما بعد 24 ساعة، وحاول شاب آخر الفرار من مكتب وكيل الجمهورية بمجلس قضاء تيارت، حيث ألقى بنفسه من الطابق الثاني، أصيب على إثرها بكسور، استدعت نقله إلى المستشفى.
فرار سجين في غفلة من حراس سجن سيدي بلعباس تمكن سجين الفرار من المؤسسة العقابية بدائرة تلاغ جنوب سيدي بلعباس، حيث انتهز فرصة غفلة الحراس، عندما كان رفقة مجموعة من المساجين أسندت لهم أشغال تنظيف المحيط الخارجي للمؤسسة العقابية، للإشارة السجين الفار، كان على وشك إنهاء مدة عقوبته المدان بها في قضية سرقة، في جويلية القادم، على إثرها انتشر رجال الأمن في المنطقة بحثا عن المحبوس، وإلى يومنا لم يتم الوصول إليه.
سجين يهرب بعد المداولات اهتزت محكمة الخروب بقسنطينة على وقع حادثة فرار سجين 22 سنة بمجرد خروجه رفقة أعوان الشرطة من الباب الرئيسي لقاعة الجلسات، بعد إدانته 3 سنوات بتهمة السرقة، ولاذ بالفرار مكبل اليدين متجها نحو مسقط رأسه بمدينة عين اعبيد، بعد تأكد ذلك بالعثور على الصفاد بمخرج الخروب باتجاه مسكنه وبعد 3 أيام تم القبض عليه.
3 مساجين يفرون من محكمة الشراڤة نفذ 3 مساجين مسبوقين قضائيا عملية فرار عندما كانت الشرطة بصدد إدخالهم إلى المحكمة للمثول أمام القاضي الجزائي ومحاكمتهم بتهمة الاعتداء والسرقة، حيث ما إن نزعت الأصفاد من يديهم، صعد الأول على دراجة نارية كانت في انتظاره والآخران هربا راجلين، وفشل أحدهما ليقع في قبضة رجال الأمن وبعد بضع شهور تم القبض على بقية الفارين، وخلال محاكمتهم بتهمة الفرار اعترف أحدهم أنه لو تتيح له فرصة الهروب ثانية لهرب.
فرار سجين مستغلا اكتظاظ المحكمة بالمتقاضين استغل سجين اكتظاظ محكمة غرداية بالمتقاضين ليفر مباشرة بعد عرضه على وكيل الجمهورية، إثر تورطه في قضية ترويج المخدرات، وقد فشل رجال الأمن في الإمساك به بسبب الازدحام، وتوصلت التحريات الأولية حول عملية الفرار بأنها كان مخطط لها مسبقا كونها نفذت بسرعة ودقة كبيرة، وإلى يومنا لم يتم القبض عليه رغم تواصل عملية البحث عنه.
مستورد مخدرات يفر من مجلس قضاء الأغواط استطاع متهم يبلغ 43 سنة من مدينة مغنية، متابع باستيراد ونقل وبيع المخدرات الفرار من مجلس قضاء الأغواط بعد تقديمه أمام وكيل الجمهورية، مستغلا غفلة رجال الأمن، على إثرها باشرت مصالح الأمن عمليات البحث عن المتهم الفار بتكثيف دوريات المراقبة بالقرب من مجلس قضاء الأغواط ومحطة نقل المسافرين بحثا عن المتهم.
فرار محبوس من محكمة الغزوات قام أحد المحبوسين المتورطين في قضية سرقة سلاح ناري وتكوين جماعة أشرار، بالهروب من قبضة رجال الأمن بعد تقديمه رفقة متورطين أخرين أمام قاضي التحقيق لدى محكمة الغزوات، مستغلا لحظة تحويله من مكتب قاضي التحقيق إلى الباب الرئيسي، ليتمكن من الفرار في لحظة تقديم شركائه الأربعة للتحقيق، حيث لم يتفطن رجال الشركة له إلا بعد فوات الأوان.
فرار محبوس من مجلس قضاء مستغانم بعد فك الأصفاد شهد مجلس قضاء مستغانم محاولة فرار محبوسين قبل دقائق من محاكمتهما قي قضية استئناف حكم إدانتهما 10 سنوات حبسا نافذا، وفيما تم القبض على أحدهما بعد عراك شديد مع أحد أفراد الشرطة، تمكن الثاني من الفرار بعد فك الأصفاد، ليتم تطويق المجلس وتكثيف عملية البحث، في الوقت الذي باشرت جهات أخرى التحقيق مع الموقوف الذي فشل في عملية الفرار لمعرفة وجهة شريكه.
توقيف السجين الفار من محكمة القليعة تمكنت مصالح أمن القليعة بولاية تيبازة من إلقاء القبض على السجين الفار من محكمة القليعة بحر الأسبوع المنصرم على مستوى مدينة الدواودة رفقة صديقه المنحدر من مدينة المعالمة الذي ساعده على الهرب من المحكمة، ونجحت عملية البحث والتحري على السجين الفار في القبض عليه داخل حافلة لنقل المسافرين المتوجهة نحو زرالدة.
الباحثة والنفسانية سميرة فكراش: نفسانية "شخصية السجين تميل إلى التمرد والعصيان" قالت الأستاذة سميرة فكراش مختصة في علم النفس ورئيسة مركز البحوث التطبيقية والنفسانية، أن شخصية الإنسان تميل إلى التمرد والعصيان والسجين يفكر دائما بمحاولات الفرار والهروب كلما أتيحت له الفرصة، فيتمرد على التعليمات والقوانين والعادات والأعراف والتقاليد، موضحة أن السجين يمارس بذلك سلوكا منافيا لما هو معتمد في الحياة الاجتماعية في كل تصرفاته، ويقوم دائما بكل ما هو مخالف للآخر، ويضع نفسه في وضعية الخطر بتنفيذه مخططات الهروب وهو على دراية بالعقوبات التي تسلّط عليه، ما يفسر نفسيا بمحاولة إظهار ذاته للآخر وقدرته على تجاوز الخطر. وأضافت المتحدثة أن السجين في سلوكه الاجتماعي يظهر نفسه ضحية ويعبر عن ذلك بعبارات "أنا مظلوم ولا أستحق العقوبة"، ونادرا يوجد فعلا مظلومون في السجون وهؤلاء لا يحاولون الهروب خوفا من تعرضهم لعقوبات أشد.
رئيس هيئة إدماج المساجين حمديني عمار: "عقوبة السجين الفار من شهرين إلى 5 سنوات حبسا نافذا" صرح عمار رئيس المنظمة الوطنية لإدماج المساجين والوقاية من العود، أن الهروب من السجن ينظمه قانون العقوبات تحت القسم 3 من المادة 188 إلى المادة 194 من القانون رقم 82-04 المؤرخ في 13 فبراير 1982 من شهرين إلى 3 سنوات كل من كان مقبوض عليه أو معتقل قانونا بمقتضى أمر أو حكم قضائي، ومن يهرب أو يحاول الهروب من الأماكن التي خصصتها السلطة المختصة لحبسه أو مكان العمل أو أثناء نقله ويعاقب بالحبس من سنتين إلى 5 سنوات إذا وقع الهروب أو الشروع فيه بعنف أو بالتهديد أو بواسطة الكسر أو تحطيم باب السجن وتحكم المادة 40 من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوس الصادر في 2005 عن التمرد أو العصيان أو الهروب الجماعي. وفي السياق نفسه قال الأستاذ حمديني "إن الإنسان داخل السجن يكون في ضائقة نفسية وخاصة عند المبتدئين حيث غالبا ما يهيئهم المجرمون المحترفون المحكوم عليهم بعقوبات مشددة تتراوح بين 20 سنة والمؤبد أو الإعدام بتحريضهم على الفرار والإخلال بنظام السجون، لأن المبتدئين مادة قابلة للاشتعال وهي بمثابة قنابل موقوتة داخل المؤسسات العقابية القديمة".
الخبير العسكري الرائد رمضان حملات: فرار المساجين سببه تفشي ظاهرة رشوة الحراس أفاد الخبير العسكري الرائد رمضان حملات أن ظاهرة هروب المساجين برزت في الجزائر خلال العشرية السوداء كحادثة سجن سركاجي، الذي حوّل فيه أغلبية المتورطين مع الجماعات المسلحة، حيث قضيته حسمت بتواطؤ حراس السجن الذين فتحوا الأبواب وسمحوا لهم بالفرار وتم القبض عليهم فيما التحق الفارون بالجماعات المسلحة المتواجدة بجبال البليدة والمدية، موضحا أن الحراس آنذاك كانوا يستجيبون لأوامر الجماعات خوفا من اغتيالهم والانتقام من عائلاتهم، وهناك حالات من الحراس اقتنعوا بما تفعله الجماعات المسلحة. واعتبر هروب المساجين في حالة السلم والظروف العادية كارثة وطامة كبرى، لأن السجناء مجرمون مدانون في جنح وجنايات ولا يجدر بالحراس الخوف منهم وعليهم أن يكونوا أوفياء لما درسوه في مراكز التكوين في حالة ما إذا كان صحيحا لأن حراسة المساجين مهمة نبيلة، تحمي المجتمع من حالة الرعب عند عودة المجرمين إلى نشاطاتهم القديمة، وأرجع الرائد حملات فرار المساجين إلى التهاون والإهمال المهني أو إرشائهم وهي الظاهرة التي استفحلت في الجزائر، حيث هناك بعض الحراس يتواطؤون مع جماعات إجرامية خارج السجن تؤثر عليهم لمساعدة شركائهم على الفرار، وقال إن أغلبية المساجين الذين تدور فكرة الهروب في أذهانهم محكوم عليهم بالسجن لمدة طويلة تتراوح بين 20 سنة والمؤبد، واقترح المتحدث لتجنب حدوث حالات فرار، ضرورة تجنيد الحراس وانتقائهم حسب شروط معينة كأن يكون مستواهم التعليمي لا يقل عن المستوى النهائي ليكونون واعين بالمهمة المكلفين بها، وتكوينهم معنويا على الانضباط وتطبيق القوانين والتعليمات.