تحظى اللجان الدينية المسجدية بمكانة مهمة وسط المصلين والمواطنين المقيمين في الحي، وذلك لدورهم الكبير في بناء المسجد واهتمامهم بأموره، وإن كان بعض الأئمة يرون في هذه اللجان عائقا يقف في طريقهم وتدخلا في مهامهم، ما يشرع أبواب الصراع بينهم، إلا أن الكثير من المصلين يرونها مطلبا ضروريا في المساجد الجديدة المشيدة منذ سنتين، والتي منع إنشاؤها بعد تجميد القانون القديم وتماطل الدولة في الإفراج عن القانون الجديد. يرى بعض الأئمة أن اللجان الدينية المسجدية هي أكبر مشكلة تجابههم، فهي تتدخل في مهامهم وتعرقلها في ظل غياب قانون خاص يحدد دورها، وهو ما يجعلهم على خلاف دائم، حتى أن بعض اللجان منعت أئمة من اعتلاء المنابر، وآخرون تورطوا في قضايا ومثلوا أمام المحاكم وهو ما وقع في أحد المساجد غرب العاصمة، أين تورط رئيس لجنة المسجد وعضو فيها في تحطيم مسكن الإمام ورمي أثاثه في الخارج، وكان الإمام قد قيد شكوى أمام الضبطية القضائية يتهمها فيها بالتهجم عليه رفقة 20 شابا وقضوا على مسكنه الذي صرف قرابة 30 مليون سنتيم لتشييده. وليست هذه الحالة الوحيدة. ففي أحد أحياء العاصمة، منع أعضاء اللجنة الدينية المسجدية الإمام من الدخول إلى المسجد وهددوه باستعمال الأسلحة البيضاء واعتدوا عليه بالسب والشتم أمام المصلين. ويرى بعض الأئمة ممن يسعون إلى التمتع بالحرية التامة في التصرف في بيوت الله، أن هذه اللجان هي مجموعة من المسنين المتقاعدين الذين لا هم لهم سوى اختلاق المشاكل والاحتجاج عن كل تصرفاتهم كغلق المكتبات ومنع الحلقات، إلا أن المواطنين يجمعون أنه لولا هذه اللجان لما كانت المساجد قائمة لذا فمن حقها السهر على حمايتها والعناية بها.
الشيخ علي عية: صراعات الأئمة واللجان الدينية سببها أموال المحسنين اعترف إمام المسجد الكبير الشيخ علي عية، بقدم الصراع بين اللجان الدينية المسجدية والأئمة حيث لا يكاد يخلو مسجد من هذه الخلافات فأروقة المحاكم تعج بالقضايا المشابهة أين يشتكي الإمام من اللجنة أو العكس. وهذه الخلافات يراها الشيخ عية سببا لنشر الحقد والعداوة والبغضاء بين أبناء الحي الواحد حتى أصبح المأمومون داخل مسجد واحد منقسمين بين مؤيد للإمام وآخرين للجنة الدينية. وانتقلت الخلافات إلى المنازل. وأعطى شيخ الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن والذكر مثلا بأفراد عائلة لم يتبادلوا تهاني العيد الماضي بسب هذه الخلافات، وحمل المتحدث الصناديق الموجودة في المساجد نسبة 70 بالمائة من هذه المشاكل. وواصل الشيخ عية حديثه قائلا إن المساجد تسلط عليها أصحاب النفوذ والأموال والأعمال "اللجان الدينية"، لذا أصبحوا يتحكمون في تسييرها وتعيين الأئمة حتى إن بعض مديري الشؤون الدينية أصبحوا يعرضون الإمام على اللجنة الدينية قبل منحه التكليف والتعيين. وأردف إمام المسجد الكبير أن أغلبية أعضاء اللجان الدينية المسجدية لا يحفظون كتاب الله ولا يفقهون في أمور الدين فمنهم التجار وأصحاب النفوذ إلا أنهم يصرون على التدخل في الأذان، الفتوى، الصلاة واختلاق العداوة مع الإمام، وهناك بعض المساجد تقع فيها فتن وصدامات لما يكون الإمام منتميا إلى تيار أو حزب معين واللجنة إلى تيار آخر مختلف مما يخلق فتنة كبيرة، يجب إبعادها عن المساجد على حد قول الشيخ عية. فالمساجد التي لا تسيرها اللجان تسير جيدا داعيا الوزارة إلى الإفراج عن القانون الجديد بعد عرضه على مختصين لإطفاء الفتنة.
صاحب مشروع صحوة المساجد عبد الفتاح حمداش: أئمة يرفضون اللجان لتحويل المساجد إلى ملكية خاصة أكد صاحب مشروع صحوة المساجد عبد الفتاح حمداش زيراوي، أن لجنة المسجد ضرورية في هذا الزمان فهم من خيرة سكان الحي وعلى اطلاع بأموره فهم من يحرصون على نظافة الحي والمسجد، يساعدون الفقراء، يساهمون في تربية الأولاد وتعليمهم، تزويج الشباب، حل بعض الخلافات... فيعينون بذلك الإمام في أداء رسالته، إلا أن بعض الأئمة على حد قول المتحدث لا يخرجون من مقصوراتهم وهم محل شكوى من الناس ويرفضون اللجان لتحويل المساجد إلى ملكية خاصة، وآخرون يرغبون في التمتع بصلاحيات مطلقة والانفراد بتسيير المساجد فلا ينازعهم أحد في ذلك، ضاربا مثلا بإمام في إحدى الولايات هو الآمر الناهي حتى إنه يدعى ب "الإمبراطور"، وهو ما يحدث شرخا وخلافات بين اللجان والأئمة فالمساجد اليوم معطلة يضيف الشيخ عبد الفتاح، لأن الإمام لا يريد من ينافسه حتى وإن كان ضعيفا وغير مؤهل، ومنهم من يرغب في تغيير نظام الحي وآخرون أوصدوا باب المكتبات، وهناك العديد من القضايا حول الخلافات بين اللجان والأئمة عالجتها المحاكم، حتى مراكز الأمن تتلقى باستمرار شكاوي من هذا القبيل. أما عن أسباب تماطل الدولة في إصدار القانون الجديد الخاص باللجان المسجدية، فأوضح الشيخ عبد الفتاح أن بعض الأئمة يكتبون تقارير يهولون فيها الأحداث ويلعبون على وتر الأمن لتخويف وزارة الشؤون الدينية من تفعيل دور هذه اللجان.
نقيب الأئمة جلول حجيمي: اللجان الدينية باتت تتدخل في كل الأمور وألغت الإمام أوضح الأمين العام للتنسيقية الوطنية لأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الشيخ جلول حجيمي، أن اللجان الدينية المسجدية قدمت مجهودات خلال مرحلة البناء يجب تثمينها غير أن بعضها حاد عن مهمته الأساسية، فأصبحت لجانا ضاغطة على الإمام ومن معه، فمع أن تسيير المسجد مهمة تسند إلى هذا الأخير إلا أن بعض اللجان تتدخل فيها وفي المحراب، المكتبة وغيرها من الأمور... فاللجنة هي هيئة تطبيقية لمشروع معين ينتهي نشاطها بانتهاء المشروع كبناء المسجد أو المدرسة القرآنية غير أن ما يحدث حاليا هو العكس فهذه اللجان على حسب رأي الشيخ حجيمي، تتدخل في كل الأمور ويحدث صراع في الأفكار انتقل إلى الشارع بالرغم من أنه يفترض أن يكون عملهما تواصليا، كما يفترض أن تسند إليهم مهمة توزيع قفة رمضان بحكم أنهم أكثر خبرة ودراية بالمحتاجين والمعوزين من سكان الحي.
إمام مسجد الكاليتوس الشيخ كمال بعزيز: اللجان المسجدية غير ضرورية في المساجد الجاهزة يرجع تواجد اللجنة الدينية حسب إمام مسجد الكاليتوس، الشيخ كمال بعزيز، إلى المسجد بحد ذاته فإذا كان بحاجة إلى البناء والتجهيز فهي ضرورية أما في غير ذلك فلا مهمة لها. وأضاف الشيخ أن بعض المساجد تشهد خلافات ومشاكل كثيرة سببها أصحاب الأموال ورجال الأعمال الذين يسيرونها، وهو ما وقع له عندما كان إماما بأحد مساجد براقي أين اصطدم بمشاكل عديدة مع اللجنة المسجدية دفعته إلى القيام بطلب تحويل بالرغم من أنه كان من المساهمين في بناء المسجد، فالإمام يقول الشيخ بعزيز إذا كان عكس تيار اللجنة المسجدية يتعرض للمضايقات خاصة أن أعضاء هذه اللجان يتدخلون حتى في الجانب الروحي كالأذان والصلاة ويمارسون تسلطهم فيه . النائب عن حزب الكرامة محمد الداوي: القانون الحالي يمنع إنشاء اللجان الدينية في المساجد صرح النائب عن حزب الكرامة، محمد الداوي، بأن عدد المساجد في الجزائر في تزايد مستمر وذلك بفضل مجهود المواطنين والمحسنين، وقد عمدت وزارة الشؤون الدينية منذ سنتين إلى تجميد القانون الخاص باللجان المسجدية الدينية، حيث بإمكانهم حاليا تغيير أعضاء اللجنة في المساجد القديمة أما المساجد والزوايا الحديثة التي بنيت مؤخرا فليس بإمكانهم إنشاء لجان فيها. وأردف المتحدث أنه وجه سؤالا إلى وزير الشؤون الدينية عن مصير القانون الجديد الخاص بهذه اللجان بغية تسريع العملية، غير أن إجابة هذا الأخير يقول النائب محمد الداوي جاءت لتكريس ما هو قائم حاليا محاولا إبعاد الكرة من مرماه بقوله إن القانون تم إرساله إلى الأمانة العامة للحكومة وتم عرضه عليها عدة مرات وسيتم تعديله. ويعتقد النائب عن حزب الكرامة أن مسألة اللجان لا تقلق الحكومة، مشددا على أنها لا تملك أي مبرر لتعطيل بيوت الله، كما أن المساجد لا يمكنها القيام بدورها على أكمل وجه دون هذه اللجان، واستطرد المتحدث أن القانون الجديد سيحدد المهام وينهي الصراعات فالإمام سيكلف بالخطاب الديني والفتاوى أما اللجنة الدينية فستتكفل بتسيير المسجد.
الرئيس السابق للجنة الدينية لمسجد الإصلاح: وجود اللجان الدينية سببه غياب الأئمة عن المساجد كشف الرئيس السابق للجنة الدينية لمسجد الإصلاح بالكاليتوس، عن العديد من المشاكل التي تواجهها اللجان الدينية التي تشرف على بناء بيوت الله، ففي بعض المساجد التي تعاني من غياب إمام رسمي معين من قبل وزارة الشؤون الدينية يصبح الأئمة المتطوعون يتصرفون وفق رغباتهم ويرفضون الرجوع إلى اللجنة الدينية أو الأخذ برأيهم أو الحديث إليهم، بل هناك أئمة لا يعترفون باللجنة الدينية أصلا، ويقوم الأئمة المتطوعون بفرض تياراتهم وتوجهاتهم الدينية على المصلين. فإذا كان الإمام المتطوع سلفيا يمنع دروس يوم الجمعة، كما أن بعض الأئمة المتطوعين لديهم أتباعهم وهو ما يشجعهم على التسلط. وأضاف المتحدث أن الكثير من رؤساء اللجان بل وحتى الأعضاء أيضا تلقوا تهديدات بالقتل، اتهامات بالسرقة، اعتداءات بالسب والشتم وغيرها من المشاكل. وأكمل الرئيس السابق للجنة الدينية لمسجد الإصلاح أنه يفترض أن ينتهي عمل اللجنة المسجدية بانتهاء أشغال المسجد واكتمال بنائه فتعين الوزارة إماما ليشرف عليه، غير أنه في حالة تماطل وزارة الشؤون الدينية في تعيينه وتسيير الأمور فيه بالأئمة المتطوعين فبقاء اللجنة أمر ضروري لمتابعة تسيير المسجد.