أشقاؤنا في الخليج وقد ذهبوا لمعسكر داوود في ضيافة حسين أوباما بحثا عن قرنين عاد فريقهم مصلوم الأذنين، وقد أيقنوا أن أمريكا هي في حالة طلاق مع العرب، بعد أن دخلت في عناق ساخن على نمارق فارس مع ملالي طهران، قد يتحوّل إلى زواج متعة وربما إلى زواج كاثوليكي، وقد سارع العريس إلى تقديم المقدم من الصداق، بمنح الضوء الأخضر الأمريكي للحشد الشيعي للمشاركة في معارك استعادة الرمادي من تنظيم "داعش" تحت المظلة الجوية الأمريكية. الرد الخليجي جاء سريعا باستئناف الطيران السعودي ل"عاصفة الحزم" حتى قبل انتهاء الهدنة، رغم طلبات أوباما الملحّة بتمديدها دون أن يقدّم ثمنا لها بالضغط على شريكه الإيراني، ومن خلاله على الحوثيين، ثم يأتي البيان الأمريكي بتوفير غطاء جوي لتدخل قوات الحشد الشيعي في الرمادي ليكشف للخليجيين حقيقة الانقلاب الدراماتيكي في سياسة الولاياتالمتحدة في المنطقة. على امتداد يومين من مباحثات قمة كامب دافيد، لم يحصل الخليجيون على أي شكل من أشكال التطمينات حيال العلاقات الجديدة بين إدارة أوباما وإيران، بل خرج من حضر منهم بهواجس أكبر من حقيقة تراجع الحماية الأمريكية التقليدية لدول الخليج، قد تتحول معها الولاياتالمتحدة إلى حليف نشيط لإيران، يسهّل عليها استكمال عملية التوغل في الفضاء العربي: في العراق، وسورية، ولبنان، واليمن، مع ممارسة ضغوط على دول الخليج لصرف نظرها عن العراق، الذي باتت إدارته مناصفة بين الولاياتالمتحدةوإيران، وسورية التي لا تريد الولاياتالمتحدة أن تكون فيها الغلبة ل"النصرة" أو لتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف ب"داعش"، ولا حتى في اليمن، التي دعت الولاياتالمتحدة بشأنه إلى إشراك إيران في أي تسوية قادمة. الزواج الأمريكي الإيراني لم يعد خافيا عن أحد، حتى أن الولاياتالمتحدة قبلت بالمشاركة جنبا إلى جنب مع ميليشيات الحشد الشيعي، ولم تعترض على التصريحات الإيرانية، على هامش زيارة وزير دفاعها لبغداد، والتي أوحت بمشاركة عسكرية إيرانية مباشرة في محاربة "داعش"، لنشهد بعد أيام طائرات أمريكية تغطي زحف قوات ميليشيات الحشد الشيعي الطائفية، وقوات الحرس الثوري على عرب الأنبار. ولأنّ السياسة الأمريكية مع هذا الرئيس باتت واضحة، لا تحتاج إلى انتظار تكشف محتوى الاتفاق النووي، فإن دول الخليج ملزمة اليوم باستباق اللحظة التي سوف تُرفع فيها القيود عن إيران، وتستعيد أكثر من 120 مليار دولار مجمّدة، لتتحرك بجرأة أكبر نحو توسيع نفوذها في الإقليم بمباركة أمريكية صريحة، على الأقل مع الإدارة الأمريكية الحالية، وأنه يتعين على قادة الخليج البحث عن مصادر قوة بديلة، ضامنة لحد أدنى من التوازن مع إيران، التي يراد لها أن تتحول إلى دركي يتقاسم الوظيفة مع الكيان الصهيوني كما كان الحال زمن الشاه، خاصة وأن إيران قد انتزعت من العرب الورقة الفلسطينية بالكامل، سواء في الجبهة الشمالية، مع انضباط "حزب الله" في استتباب الأمن على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، أو في غزة، حيث أنتج العداء المصري لحماس، وإهمال العرب للمقاومة، مزيدا من الارتماء في أحضان إيران.