حينما تصل أحكام الإعدام في مصر إلى رئيس منتخب بطريقة شرعية، ذنبه الوحيد أنه أراد لشعبه أن لا يقبل الضيم، ولا يعطي الدنية أبداً في دينه أو وطنه أو شرعيته، فهذا يعني أن نهاية النظام الفرعوني لهذا البلد المتمثل في عبد الفتاح السيسي وزبانيته أصبحت وشيكة، وأن اللعنة ستتابعهم حتى يتم العدول عن قرار الإعدام، وهذا مؤشر أن ثورة مصر العظيمة استعادت شرعيتها، ولم تفشل بهذه القرارات كما يشاع، لأن آلة الانقلاب أخرجت كل أوراقها المشؤومة باستعمال منصات الشنق، وساحات الإعدام. لقد تنبأ محمد مرسي بمصيره، قبل الانقلاب عليه بيوم، وقالها بالحرف الواحد: "إذا كان الحفاظ على الشرعية ثمنه دمي أنا، فأنا مستعد أن أبذل ذلك رخيصاً في سبيل هذا الوطن واستقراره". نعم، هكذا تحدث مرسي، إنه سبيل الزعماء عند الثبات على مبادئهم، ليس كثبات السيسي على إجرامه، ليرسخ مرة أخرى أن المؤسسة العسكرية في مصر هي الوحيدة القادرة على قلب نتائج صناديق الاقتراع في أي زمن شاءت، بذريعة "إرادة الشعب" الزائفة، السيسي الذي لم يحِد على نهج معلمه المشير الطنطاوي ويقود مجلساً عسكرياً أعلى، بل عزم أن يكون هو صاحب كرسي فرعون، لتصيبه لعنة "أنا ربكم الأعلى"، والذي وصل إليه بطموح الراقصات وبقايا الشعب، وحثالة الطبقة المثقفة، بمساعدة أذناب النظام السابق. يبدو جلياً -والأمر لا يحتاج إلى استعمال العقل تماماً- أن مؤيدي الانقلاب، يتلذذون في لعق أحذية العسكر ويسبّحون بحمدهم، ويتمتعون بممارسة ذلهم، إنهم هكذا دائماً، ليتواطأ معهم القضاء المصري المقرف الذي أصبح أضحوكة؛ فالطريقة التي تتم في ظروفها المحاكمات، وما تعتريها من أقل إجراءات حقوق الإنسان وشرعية الدفاع عن النفس، والأكثر من ذلك سرعة إصدار الأحكام بالإعدام على نخبة الناس وأشرفهم قدراً، أسرع من الحكم على ذبح أغنام في حظيرة للمواشي، هذا ما يبرهن برهاناً قاطعاً أن القضاء المصري الذي كان مرجعاً للأحكام في العالم العربي، لم يعد يمتّ للقضاء بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد، بل أصبح أقل شأناً من محاكم "بوكو حرام" التي توزع أحكام الإعدام في قاعات القضاء، كما توزع الحلوى في قاعات الأفراح. فهل مصر الآن تعيش مرحلة سوء حظها العاثر، التي تمثل أسوأ مدارك الأمم، على يد زعيمها المزعوم السيسي؟ الأكيد أن هذه المرحلة هي الأشد ظلمة وإفلاساً في تاريخ مصر؛ إذ يرزح شعبها تحت وطأة الطغيان والجور في ظل المشهد القاتم لقرارات الإعدام الملعونة.