باشرت مصالح وزارة المالية تحقيقات معمقة مع الديوان الوطني لإنتاج وتسويق الخمور "أونسيفي" بعد ورود معلومات تفيد بتورط هذا الأخير في صفقات مشبوهة مع شركة فرنسية وأخرى مغربية مسوقة للنبيذ الجزائري، وكشفت تقارير حسب ما علمته "الشروق" أن الديوان الوطني للخمور تكبد خسائر ضخمة لمدة 15 سنة عادلت 20 مليون دولار سنويا بسبب السعر المنخفض الذي كان يبيع من خلاله النبيذ للمتعامل الفرنسي المدعو "domaines et vignobles du monde". وحسب مصادر مؤكدة فإن الشركة الفرنسية والتي تعتبر المتعامل الأول المستورد "للنبيذ الجزائري" بحجم يتجاوز 75 بالمائة من صادرات الجزائر من الخمور، تواطأت مع شركة مغربية لاقتناء الخمر الجزائري بسعر رمزي وإعادة تسويقه على أساس أنه منتج في المغرب بأسعار باهظة جدا في السوق العالمية، وهو النبيذ المصنع من الكروم المنتجة بولايات بومرداس، عين تيموشنت، تلمسان، معسكر، وتعاملت الشركة الفرنسية التي يتواجد مقرها بضواحي باريس مع الشركة المغربية المدعوة "e2m " ويٌشتبه في تواطؤ بعض مسؤولي الديوان الوطني للخمور. وتزامنت تحقيقات مصالح وزارة المالية حول حجم الخسائر التي تكبدتها صادرات الجزائر من الخمور مع تحريات مصالح الدرك التي اشتمت "رائحة فساد" بالديوان الوطني للخمور. وتعدّ الشركة المغربية التي استولت على حصة الأسد من صادرات النبيذ الجزائري المتعامل الأول في منطقة المغرب العربي لمثل هذا النوع من المنتجات والمصدر الأول لأوروبا، وينتج هذا الأخير أجود أنواع النبيذ التي تبين فيما بعد أنه منتج جزائري صنع في الجزائر وصدر إلى المغرب بتواطؤ فرنسي ليعاد تغليفه وتسميته وبيعه بمبالغ باهظة جدا. ووجهت مصالح وزارة المالية أسئلة لديوان الخمور بشأن الأسعار المنخفضة التي كان يسوق على أساسها هذا النبيذ، وهو ما أثار شبهة تواطؤ المسؤولين، ورجحت مصادرنا أن يتم إقالة مدير الديوان الوطني للخمور بالرغم من أن حركة التغييرات التي باشرها رئيس الجمهورية قبل 3 أيام والتي شملت عددا من مديري المؤسسات العمومية لم تشمل الديوان، إلا أنه لا يستبعد، حسب ذات المصادر، أن تحدث تغييرات على رأس هذه المؤسسة، خاصة وأن حركة الإقالات والتنصيب مستمرة وقد تقطع رؤوسا جديدة خلال المرحلة المقبلة. وكان ملف تصدير الخمور قد أثار جدلا واسعا في أروقة الحكومة والبرلمان ووسط الأحزاب السياسية وخبراء الاقتصاد بعد أن صرح قبل أشهر وزير التجارة عمارة بن يونس بتحرير تجارة الخمور وتعويض تراجع مداخيل النفط بالشروع في تصدير كميات ضخمة من الخمور الجزائرية التي تلقى رواجا كبيرا في الخارج، إلا أن الحكومة جمدت تعليمة تحرير تجارة الخمور، وبقي الوضع معلقا لحد الساعة إلى غاية الفصل في الملف.