القائد العام لكشافة الإسلامية: نور الدين بن براهم كشف نور الدين بن براهم في هذا الحوار الذي خص به "الشروق اليومي" عن أمور خطيرة تحدث في صفوف الكشافة، بسبب ما وصفه بالتدخل السياسي السافر من طرف رئيس حزب سياسي عقد مؤتمره مؤخرا. * * صورة الكشافة اهتزت لدى العائلات الجزائرية بسبب المنشقين * * وقال بن براهم بأن الإنشقاق يقوده خمسة أعضاء في المجلس الوطني لهذا الحزب، بالإضافة إلى مناضل آخر في نفس الحزب، وصفهم بن براهم بالعناصر المأجورة المأمورة بتعليمات من رئيس هذا الحزب. * * - "الشروق": بداية، ما حقيقة ما يحدث في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية هذه الأيام؟ ولماذا جاء هذا الإنشقاق في هذا الظرف بالذات؟ * - بن براهم: المشكلة بدأت مباشرة بعد أن عقد أحد الأحزاب مؤتمره مؤخرا. أصل المشكلة في الكشافة الإسلامية هو تدخل سياسي سافر من طرف رئيس حزب سياسي في المدة الأخيرة، مباشرة بعد أن عقد هذا الحزب مؤتمره، قام رئيسه بتكليف عناصر مأجورة، مأمورة بتعليمات حزبية، ودفتر أعباء بزعزعة استقرار الكشافة ووحدة صفوفها، عدد العناصر المنشقين ستة من بينهم خمسة أعضاء في المجلس الوطني لهذا الحزب، والسادس مناضل معهم، وهناك مصلحة خاصة في مقر هذا الحزب مكلف بهذه المهمة ويرأسها شخص نعرفه جيدا، وهو شخص معارض للتيار الوطني، ولجأت هذه الجماعة عمدا إلى صرف الرأي العام عن حقيقة التدخل الحزبي في الملف الكشفي من خلال إثارة الشكوك حول تسيير الكشافة الإسلامية الجزائرية، لأن هؤلاء الأشخاص -عندما ستنتهي مهامهم- موعودون بترقيات ومناصب يستطيع أن يتكفل بها هذا الحزب، ومنهم من ينتظر صفقات تجارية وعد بها من طرف هذا الحزب، بدليل أن القائد الأصلي لهذه الجماعة المنشقة هو تاجر من وهران، يملك عددا كبيرا من محلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية بولاية غليزان، بعدما كان سنة 2000 يعمل في تشغيل الشباب، وفجأة أصبح ثريا وتهاطلت عليه الأموال، وأصبح "مليارديرا!" ويملك عددا كبيرا من المحلات. * * -هل تملك الأدلة والإثباتات على أن رئيس حزب سياسي وراء كل ذلك، وأنه هو الذي يخطط لكل ما يحدث في الكشافة الإسلامية الجزائرية؟ * * نعم أملك أدلة من كل الأنواع، المادية، والمعنوية الموثقة والمكتوبة إضافة إلى شهادات عديد من الأشخاص. * * -طالما أنك متأكد وواثق من كلامك وتملك الأدلة التي تحدثت عنها، لماذا لا تتخذ إجراءات رسمية وترفع دعوى قضائية أو شكوى ضد هذا الحزب أمام العدالة أو لدى مصالح الأمن؟ * * كل شيء في وقته. * * -هل الحزب الذي تقصده بكلامك هو الأرندي، الأفلان أم حركة مجتمع السلم؟ * *لا.. لا، لا أريد أن أذكر اسمه الآن، سأكشف عنه وعن أسماء الأشخاص الذي يخططون ويتآمرون على رأس الكشافة وعن انتمائهم الحزبي في الوقت المناسب. * * -متى سيحين الوقت المناسب؟ * * بعد عشرة أيام من الآن، سأكشف عن اسم هذا الحزب، وذلك يوم 30 أوت الجاري خلال لقاء وطني بالجزائر العاصمة، سأعقده مع 2000 إطار كشفي من جميع الولايات. * * -هل هو أحد الأحزاب الثلاثة التي ذكرتها لك؟ * * لن أتحدث الآن هناك حسابات، أنتم لا تعرفونها، ولكنكم ستعرفون فيما بعد أنني كنت على حق عندما أجلت الكشف عنه إلى غاية 30 أوت، وسأقدم ملفا كاملا شاملا وافيا للرأي العام حول هذا التدخل السافر الذي يتنافى مع قوانين الدولة والجمهورية وأيضا عريضة لرئيس الجمهورية ووزير الداخلية يوقع فيها كل القياديين الكشفيين، منهم 48 محافظا، و132 عضو مجلس وطني و19 عضو مجلس إدارة و15 ألف قائد كشفي، مصحوبة بوثيقة نوضح فيها بالأدلة أن ما يحدث في الكشافة هو تدخل عضوي من طرف هذا الحزب بأوامر مباشرة، وأيضا من خلال مطالبته لمناضليه باقتطاع نسب مالية من أموال الكشافة لصالح هذا الحزب، وهذا أمر خطير جدا، لم يحدث أبدا في تاريخ الجزائر ولا في تاريخ الجمعيات الكشفية، وسأنشّط ندوة صحفية أفضح فيها للرأي العام بالشهادات والإثباتات على كل ما أقوله، لأتأسس كطرف ضد هؤلاء الأشخاص أمام الشعب وأمام مؤسسات الدولة، أعتقد أنه حان الوقت ليسقط القناع عن هؤلاء، الذي أعتبرهم انتحاريين يريدون نسف الكشافة. * أما مواضيع التسيير المالي الأمر محسوم لأننا نشتغل في شفافية، وحساباتنا كلها طاهرة، والتقارير المالية ترفع للهيئات الرسمية دوريا مصادقة من طرف لجنة خاصة تسمى لجنة المراقبة المالية ومحافظ الحسابات، حيث أننا نسلم تقريرا ماليا دوريا لكل من رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الشباب والرياضة، ووزارة المالية والخزينة العمومية، إضافة إلى لجنة المراقبة المالية للكشافة ومجلس الإدارة، نحن لا نلعب في مثل هذه المسائل، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأمور المالية. * * - من المؤكد أن ما نشر عنك كقائد عام للكشافة الإسلامية من اتهامات وتجاوزات موجهة لشخصك، قد وصل لرئيس الجمهورية، ألا تعتقد بأن الرئيس أصبح يملك صورة سوداوية عنك، خاصة لأن المعارضين وجهوا لك اتهامات وفضائح خطيرة عن طريق الصحافة؟ * * رئيس الجمهورية لا يعتمد على هذا الضجيج ليعلم ما يحدث في البلاد، لأنه يملك الأدوات التي تمكنه من معرفة الحقيقة، ومعرفة ما يحدث في البلاد يسكت ليفكر قليلا، يفرك يديه ببعضهما، ثم يضيف أنا تابعت نهج الكشافة منذ 1936 تاريخ نشأتها، وقد تعاملت الكشافة مع جمعية العلماء المسلمين وتعايشت معها، لكن جمعية العلماء لم تبتلعها، بل تعاونت معها، وتعاونت الكشافة مع حزب، لكنه لم يبتلعها كذلك، بل تعايش معها، وتعايشت الكشافة مع النمط السياسي الذي ساد البلاد بعد الاستقلال، ثم مع وضع التعددية، بعد 1989، وبقيت دائما تتعاون مع كل القوى السياسية في البلاد وكل أطياف المجتمع، وأنا جندت نفسي لأحافظ على هذا النهج بأن أتعايش وأتعاون مع كل الأطراف دون أن تتعرض الكشافة لعملية مصادرة أو ابتلاع من طرف أي كيان أو حزب سياسي، واليوم يثيرون معركة في فنجان تسمى معركة التسيير، ويخطط لها حزب سياسي يريد زعزعة الكشافة وضرب استقرارها، لأغراض تدخل في إطار حساباته السياسية لرئاسيات 2009، كما تدخل في إطار الخلافات الدائرة داخل هذا الحزب نفسه. * * - ما قصة الإعتمادات البيضاء التي وقعتها لإنشاء أفواج تدعمك وتنشط خارج الأطر الكشفية وقدموا وثائق تثبت ذلك؟ * * يضحك.. الإعتمادات البيضاء التي تم تصويرها وقدمت للصحافة هي في حقيقة الأمر مزورة، وتلك الجماعة تريد تضليل الرأي العام، وإعطاءه صورة سوداء عني، وقصة هذه الإعتمادات مثل قصة الفواتير المزورة التي قدموها للصحافة ليثبتوا بأنني أبيع بدلات الكشافة للأفواج الكشفية. * * - على ذكر الفواتير، اتهمتك تلك الجماعة أيضا بابتزاز القادة الكشفيين على مستوى الأفواج لبيع اللباس الكشفي لهم، رغم أنه هبة من طرف رئيس الجمهورية، كيف حدث هذا؟ * * الحقيقة أن الفاتورة التي يتحدث عنها هؤلاء يتوقف عن الكلام يبحث عن الفاتورة ويعطينا نسخة عنها ويشير بيده هذه الفاتورة الأصلية، وهي تحمل الرقم 2008/16 مختومة من طرف لزهاري زواوي الرئيس المدير العام لمؤسسة أوراس للملابس التي تنتج لنا البدلات الكشفية، ومكتوب عليها في الأعلى اسم الفوج الكشفي "جنات"، ولاية إيليزي، أما الفاتورة المنشورة في الصحافة، فهي الفاتورة المزورة، وهي تحمل نفس الرقم، حيث قاموا بتصوير الفاتورة الأصلية عن طريق جهاز السكانير، ثم حذفوا منها اسم الرئيس المدير العام من أسفل الفاتورة، وحذف اسم الفوج الكشفي من الأعلى لتبدو وكأنها موقعة باسمي. * وبودي أن أشير هنا إلى أن اللباس الكشفي، هو مساعدة ودعم تقدمه لنا الحكومة بعد فتح ملف الكشافة لدى مصالح رئيس الجمهورية سنة 2002، وليس هبة من رئيس الجمهورية، فقد قدمنا طلبات عديدة للرئيس آنذاك، لأننا كنا نواجه معضلة كبيرة جدا في توفير البدلات الكشفية، وقدمنا برنامجا لتطوير الكشافة يمتد إلى غاية 2015، وقد استجاب لنا الرئيس وبدأنا ننسق في تلك المرحلة مع مدير ديوان الرئيس العربي بلخير، حيث كان مستشار رئيس الجمهورية في تلك الفترة الهاشمي جيار، بمتابعة الملف، وصنف الرئيس الكشافة كمنظمة ذات منفعة عمومية من خلال مرسوم رئاسي وأيضا مرسوم تنفيذ أصدره رئيس الحكومة، ومن النقاط التي انبثقت عن هذه المراسيم تخصيص مساعدة مالية في قانون المالية لصناعة 39 ألف بدلة كشفية كمساهمة أولية في إطار الصفقة الأولى سنة 2007، ثم 15 ألف بدلة إضافية بناء على طلبات المحافظات الولائية بموجب ملحق مصادق عليه من طرف مجلس الإدارة، و200 بدلة في إطار التضامن والدعم لأبناء الكشافة الصحراوية. أما الصفقة الثانية سنة 2008، فتتضمن 60 ألف بدلة، إلى غاية 13 أوت 2008 وزعت 67 ألف و124 قطعة على الأطفال مجانا، وبودي أن أشير كذلك إلى أن الأفواج تستفيد من تبرعات ومساعدات من طرف بعض التجار ورجال الأعمال وتستغلها في شراء البدلات من عند الشركة، وتلك الأفواج هي حرة في شراء البدلات، وأنا لست مسؤولا على ذلك. * * - المعارضون يطالبون بتحقيق من طرف الداخلية ومفتشية المالية ومجلس المحاسبة في تسيير أموال المنظمة، هل أنت مستعد لذلك وأين ذهبت الأموال التي يتحدث عنها معارضوك؟ * * نحن مستعدون لعمليات من طرف لجان التفتيش التابعة لمجلس المحاسبة ومفتشية المالية، لأن حساباتنا كلها طاهرة، كما أننا نشتغل في شفافية تامة، آخر مجلس وطني انعقد من 27 إلى 29 مارس الفارط، بسيدي فرج ووقع عليه جميع الأعضاء البالغ عددهم 132 عضو، بما فيهم المنشقون الذين وقعوا وصادقوا على تقرير المجلس الوطني، إلى حد الأشهر الأخيرة كانت الكشافة هي الملاك الأمين والنموذج الناجح في التسيير، وأعضاء المجلس الوطني، بما فيهم المنشقون، كلهم صادقوا على تقرير المجلس الوطني، فإذا كان هناك تجاوزات وخروقات أو سوء تسيير لماذا صادق هؤلاء على تقرير المجلس الوطني إذن، منذ أسابيع فقط كانوا يصفقون ويطبلون لي، ومن بينهم المحافظ الولائي للكشافة بوهران منير آيت يعلي الذي كان يتسابق لتقبيل رأسي كل صباح ومساء ويصر ويلح على ذلك يوميا، واليوم بعد أن تلقى التعليمات الحزبية انقلب ضدي فجأة، حيث ذهبت تلك القبلات، وأين ذهبت رسالة الشكر التي بعث بها لي، يخرج وثيقتين من درج مكتبه ويريهما لنا انظروا ماذا بعث لي قبل أن يتلقى تعليمات بالانقلاب علي، إنها رسالة شكر شخصية يمتدحني فيها ويشكرني على البدلات الكشفية التي أرسلتها لأفواجه بوهران، إضافة إلى بيان يحييني فيه على المسؤولية العالية، وكذلك الأمر بالنسبة لعمراني بن يحيى محافظ الكشافة بوهران الذي أهداني هذه اللوحة الشرفية الزجاجية الفخمة، قبل أن ينقلب ضدي فجأة، وكذلك محمد بوشواطة المحافظ الولائي لعين الدفلى، الذي أرسل له لائحة مساندة وتأييد مبصومة وموقعة من طرفه يوم 1 جويلية 2008، ويخرج بن براهم اللائحة من الدرج ليريها لنا. * * - إلى أين يريد هؤلاء الوصول؟ * * لا أعلم، ما أعلمه أنهم وصلوا إلى تسويد صورة الكشافة وضرب ثقة العائلات الجزائرية التي قدمت لنا أبناءها لنحافظ عليهم كمربين، ووصلوا إلى إضعاف الكشافة كشريك مع السلطات العمومية ومختلف الشركاء الأجانب وتلطيخ سمعتها. * * - لماذا لا تطلب المساعدة من الحكومة لتوقيفهم عند حدهم؟ * * لست ضعيفا إلى حد طلب المساعدة من أحد، أنا قائد منتخب وهذا يمنحني القوة الكافية للتكفل بهم، فقد كنت المرشح الوحيد في المؤتمر الأخير، وصادقوا علي بالإجماع الساحق. * * - هناك تقارير أمنية وإعلامية تقول إن هناك أفواجا تنشر للشيعة، في غياب رقابة وغياب برنامج وطني موحد؟ * * لم يصلني أي تقرير عن ذلك، لكن هناك كتابا لتوحيد برنامج التربية الدينية للكشفيين، وحمايتهم من الاستغلال الحزبي.