يستقبل الجزائريون ليلة القدر المباركة، وكّل يمارس طقوسا معينة في هذه المناسبة، وإن كان الغالبية يجمع على تشابه عادات مجتمعنا من الإقبال على ختان الأطفال وإحياء سهرات مميزة لتلاقي العائلات، لكن البعض تفرّد بطقوس غريبة ومُحيرة، حيث انتشرت في العشر الأواخر من رمضان الفضيل ظاهرة التوجه نحو شواطئ البحر وإشعال شموع مختلفة الألوان على طول الشاطيء، وبعدها تطفئ الفتيات العازبات وحتى المتزوجات تلك الشموع بماء البحر وكل واحدة تتمنى أمنية... سواء الظفر بعريس أو إنجاب الأطفال أو الشفاء من مرض مرددات دعاء أو تماتم معينة، الظاهرة لاحظناها بشواطئ العاصمة وتيبازة وبومرداس، وكنا نحسب أنها مجرد تسلية يقوم بها بعض الشباب الذين يقصدون البحر بعد الإفطار للسباحة، وهدفهم إضفاء جو رومانسي على المكان، لنتفاجأ بعائلات كاملة تقدم على إشعال الشموع على طول الشاطئ. اقتربنا من عائلة قادمة من منطقة دواودة بولاية تيبازة قامت بناتها الثلاث بإشعال 3 شموع على طوال شاطئ العقيد عباس، وعند مغادرتهن قمن بإطفاء الشموع ورفع أيديهن بالدعاء، سألن الوالدة عن السبب، فأجابتنا بأن الظاهرة ليست بجديدة، وهي عادة متأصلة لدى بعض سكان ولايات الشلف والبليدة وتيبازة، والذين يغتنمون مناسبة ليلة القدر للتوجه نحو الشواطئ وإشعال الشموع، ثم تمنّي أمنية بعد إطفاء الشمعة في ماء البحر، وترديد دعاء معين. وعن إمكانية تحقيق الأماني بعد هذا السلوك، تجيب الوالدة "حتى ولو لم تتحقق فنحن تعودنا على هذه الظاهرة في ليلة القدر"، ويستهجن كثيرون هذا السلوك مبررين حسب تعبيرهم بأنه في ليلة القدر تُطلق "الجن" ومن الخطورة إشعال الشموع أمام البحر وترديد تماتم غير مفهومة، فالظاهرة ربما تتسبب في استحضار الجن ومرض الأشخاص، لتتحول الأمنية من نعمة إلى نقمة، ولاقتناع كثير من الجزائريين بأنه في ليلة القدر تُطلق "الجن والعفاريت" يلجأون لطقوس معينة لحماية أنفسهم من هذا القادم، ففي منطقة خميس مليانة بولاية عين الدفلى، يقبل المواطنون على شراء قارورات القطران، وليلة السابع والعشرين من رمضان يقدمون على وضع نقاط من مادة القطران على أسفل أقدامهم، معتبرين أن القطران يحمي من خطر الإصابة "بمس جني" ليلة القدر.