يعتبر ضريح سيدي عبد الرحمن مقصد الكثيرين حيث لا يزال الآلاف ممن يتبركون به يزرون الضريح بوتيرة فاقت حدود المعقول ،خاصة وأنها عادة وجدت مند زمن بعيد ولا تزال تفرض نفسها الى يومنا هذا ،رغم كل ما توصل إليه العصر الحالي من رقي علمي ،فقد صار هذا المكان مقصد الكثيرين ولغابات مختلفة،وللغوص في هذا العالم المليء بالتخيلات والمعتقدات،قادتنا زيارة استكشافية لضريح سيدي عبد الرحمن بأعالي العاصمة،لنرصد لقرائنا واقعا يومي يعيش الكثيرون من زوار ضريح سيدي عبد الرحمن . *"مول الجمر والمزمار" كما يحلو للبعض تسميته ،حيث يقصد هذا المكان العديدين أملا في طرد التابعة ،النحس ،العين ،الحسد وغير ذلك من المعتقدات ،يقصدون المكان ليلا ونهارا للعلاج من المس وإبطال النفاق وآخرون يقصدونه فقط رغبة في قراءة الفأل وآخرون يأتون من كل حدب وصوب لاكتشاف أشياء أخرى ،فقد أصبح ضريح سيدي عبد الرحمن مكانا للترويح عن النفس مع طقوس الشعوذة. *شاطئ للترويح عن النفس مع طقوس الشعوذة يقصد هذا الولي الصالح نساء من مختلف الطبقات الاجتماعية للتبرك به ،فمنهن من تعاني من مرور قطار الزواج عليها ومنهن من تعاني الخيانة الزوجية وأخريات يعانين العقم وغيرها من المشاكل الاجتماعية التي تحدق بالعائلات الجزائرية . ولا تقتصر زيارة الضريح على الفتيات فقط ،بل حتى الرجال حيث وجدوا فيه ملاذا لغسل القلوب من الهموم وحل عقدهم النفسية في حين وجده آخرون مكانا للتخلص من همومهم وأمراضهم التي استعصى معها الدواء ،نظرا لقدرة هذا الضريح على التغلغل في المخيلة الاجتماعية والتربع فيها بكل ما تتبعه الأسطورة من نسج الخيال حسب اعتقاد الكثيرين على الرغم من وفاة الولي ،لتتجسد بذلك معاني الجهل بكل صورها . *الطواف حول الضريح وحرقة البكاء ...اهم الطقوس فور دخولنا لمقام سيدي عبد الرحمن ،شد انتباهنا عدد من الزوار المتواجدين بذات المكان من نساء ورجال يطوفون حول الضريح يبكون ويشكون ويتضرعون لسيدي عبد الرحمن ،راجين منه أن يداوي جروحهم ،فتقربنا من أحد الزائرين متسائلين عن هذه الطقوس والممارسات غير العادية. فأجابنا أحدهم بكل عفوية بأنه يؤمن بأن الأولياء الصالحين يوصلون دعا ويهم إلى الله عزوجل حاولنا إقناعه بأنه على خطأ والله قريب من عباده ولا يحتاج ذلك لوسيط لكنه ومع الأسف لم يقتنع ،فانصرفنا وتوجهنا إلى زائرة أخرى ،فقالت أنها تزور الضريح بشكل دائم وكلما دخلت إليه شعرت بطمأنينة وراحة لا مثيل لها وزيارتها للمقام تجلب لها الحظ ،كما وقفنا بنفس المكان على طقوس عدة ،فعلى حد تعبيرهم ،تبعد عنهم "التابعة"السحر و"التعطيلة"والنحس وهذا الأمر يدفع بالكثير من الفتيات إلى صلاة ركعتين وشرب الماء من أحد الشيوخ الذي نصب نفسه مسؤولا عن الضريح ثم وضع قطعة قماش على رأسه والطواف على مقام الضريح وبعدها وصغ الحنة التى تترامى هنا وهناك ثم اشعال الشموع وهكذا يعتقدنا أنهن بهذه الطقوس قد تخلصنا من تلك الأعراض التي تلاحقهن. زوار الأضرحة استباحوه كل المحرمات في بيوت الله ،فمن المعروف أن معظم مقامات الأولياء الصالحين بنيت في شكل قبور داخل المساجد ،لكن بيوت الله للأسف لم تخل من المحرمات فكل شيء محرم صار مباحا لدى زوار المقامات ولا يخلو مقام سيدي عبد الرحمن منها وأثناء تواجدنا لاحظنا العديد من حركات الرقص الماجن ،كما استغربنا من سيدة رقصت مطولا وسط زوار المقام من دون حرج رغم اختلاط النساء بالرجال والشيوخ ،والعجائز والشباب والشابات. أيعقل أن نتضرع لغير الله؟ ونحن نتجول في ضريح سيدي عبد الرحمن ،وجدنا كل الطقوس والسلوك تمارس هناك لنجد من النساء من تطلب الزواج والنجاح والحظ ومن الرجال من يطلب المال ويشكي همومه ويطلب بنت الحلال ،فمنهن من هي مقبلة على الزواج تأتي لزيارة الضريح لطلب النجاح والعلاج الدنيوي ،ومنهن من يقول أنه يتبرك لصاحب المقام لأنه يستجيب لدعواته ،أما عن شعل تلك الشموع ،فقال أحد المتحدثين أن هذا الأمر له مرجعية تاريخية ،فقد وردت في روايات تاريخية أنه في عهد سيدي عبد الرحمن كان ينظم في هذا المكان حلقات لقراءة القرآن الكريم لساعات متأخرة من الليل ونظرا لشاسعة المكان،كانوا يكترثون من اشعال الشم وع للإنارة أكثر وأبدى المتحدث أسفه من تحول هذه الظاهرة إلى طقوس استحدثت ولها دلالات ليس لها أي صحة إذ أن هناك من النساء من تقوم بإشعال أكثر من شمعة بعدد أفراد عائلتها لتتبرك بها وتجعلها فألا نعتقد أنه سيتحقق لا محالة . ويبقى المقام مقصد الكثيرين لغايات مختلفة أكثرها تتعلق بالعنوسة العقم والكرب ليشرع قاصدو المكان في السجود والدعاء والتضرع لغير الله ،إضافة إلى طقوس أخرى تقترب إلى عالم السحر والشعوذة في سبيل نيل المبتغى ،وبين هذا وذاك يبقى زائرو هذا المكان يتبركون بمقام سيدي عبد الرحمن بطرق عديدة تختلف باختلاف شخصية كل زائر .