إذا كانت ليلة القدر أو ليلة السابع والعشرين -كما تعرف عند الجزائريين- مرتبطة بعادة ختم القرآن وتكريم الحفظة والأطفال الصائمين لأول مرة وليلة لختان الاطفال حتى تكتمل فرحة آبائهم وفرصة للإكثار من الدعاء وطلب التوبة والمغفرة، فإن لها طقوسها وعاداتها بعضها اندثر وزال وبعضها لازال قائما. بدع وطقوس للتخلص من الجنوإذا كان البعض في هذه الليلة المباركة يقصدون المساجد ويقضون ليلهم بها لإقامة الصلاة والإكثار من الاستغفار والأدعية فإن البعض الآخر كان يعتمد فيها على عادات وطقوس عديدة تسيرها معتقدات قد يراها البعض غريبة لدرجة وصفها بالخرافات إلا أن كل من نشأ عليها ورسخت في روحه وتقبلها عقله ليست إلا حقيقة لا بد من العمل بها والاعتماد عليها. معتقدات وأساطير مفادها عند البعض أن السماء في هذه الليلة المباركة ستنشق لينبعث منها نور أبيض يسمح لكل من شاهده برؤية تلك الملائكة التي نزلت على الأرض استنادا للآية الرابعة من سورة القدر ''تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر'' ما كان يدفع بالعديد من الناس إلى الصعود فوق سطح منازلهم في ليلة السابع والعشرين لا في العشر الأواخر كما حدده علماء الدين انتظارا لهذا الحدث والإكثار من الأدعية ليكون في يوم الغد موضوع أطراف أحاديثهم لإجابة عن سؤال ماذا رأيت بالأمس وما كان دعاؤك؟ ولتكثر بهذا الخرافات والمعتقدات والأساطير. ويقال أنه في الأيام الموالية لهذه الليلة -والتي توصف في الآية الثالثة من سورة القدر ''ليلة خير من ألف شهر''- تعاد فتح أبواب النار وبهذا تعود الشياطين إلى الأرض بعد غيابها طوال الشهر ما جعل الطقوس الخاصة تتنوع وتتزايد من أجل التخلص من الجن وتفادي الإصابة بما قد يسيء إلى النفس ويضر بها وبما قد يجعلها تتصرف بغرابة. وفي هذا تروي لنا السيدة ''خيرة'' عن عملية وضع القطران على الأرجل برسم علامة عليها بهذا المحلول، حيث يخضع جميع أفراد العائلة إلى هذه العملية وحسب أقوال ذات المتحدثة فإنه حسب ما جاء في المعتقدات أن الجن والشياطين لا تحب الرائحة المنبعثة من محلول القطران، بل إن رائحته تجعلها تنفر من النفوس لدرجة أنها تفر من كل من يضع القليل منه ولتكتمل الطقوس عند العنصر النسوي يتم وضع الحنة على الأيادي والأرجل وتختم بوضع الحرقوس على الحواجب. المهيبة وفرصة اجتماع العائلات ومن العادات التي لا تزال العديد من العائلات الجزائرية تحتفظ بها في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان نجد عادة ''المهيبة'' -واصلها الهبة- وهي مجموعة الهدايا التي تقدم للخطيبة كلما حلت مناسبة سعيدة وتتضمن ألبسة نسائية وقطعة من ذهب خاتم أو سلسلة وأحذية وبعض أنواع الزينة والتجميل والعطور وأدوات التجميل، كما تختلف أنواع المستلزمات حسب النوعية والثمن، حيث تختلف من عائلة لأخرى تبعا للإمكانيات المادية التي تتوفر عليها هذه الأخيرة، وغالبا ما يفضل لها الخطيب أن تكون في هذه الليلة لا في أيام العيد حتى تكتمل فرحة الفتاة بيوم العيد بارتداء ملابس جديدة يكون مصدرها مال زوجها. ولهذه العادة آثار حميدة تجمع قلوب الأسر، حيث تتم دعوة أهل الخطيب الى بيت الخطيبة في السهرة لتكون مناسبة تجمع العائلتين وفرصة للتقريب بينهما قبل عقد القران. ومن العادات الأخرى التي يعتمد عليها الجزائريون في ليلة السابع والعشرين والتي تعتبر فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية والأسرية، نجد -أيضا- دعوة العرسان الجدد إلى مائدة الإفطار ودعوة أهل العريس أو المقربين إليه للعروس على وجبة الإفطار وقضاء السهرة معهم قصد تعرفها على باقي أفراد أسرته من جهة، ورغبة عائلة العريس في التعرف إليها -من جهة أخرى- وتحسسيها بتقبل عائلة الزوج لها وبأنها أصبحت فردا من أفرادها وبالمكانة التي أصبحت تحتلها وسط أسرتها الجديدة، كما تعتمد يعض العائلات في هذه الليلة المباركة على دعوة الأقارب في سهرة يجتمع فيها الأهل فرحة بالمولود الجديد كفرد جديد منها لا في حفلة ''السبوع'' كما يقام عادة بل تعبيرا عن سرورهم فقط. ولأن ليلة القدر تعرف بكونها ليلة مباركة فإنه من العادات الأخرى التي يعتمد عليها الجزائريون هو قص شعر الذكور على وجه الخصوص لأول مرة تباركا به-.