استفحلت وطأة العطش ببلديات البليدة، وتعالت شكاوى المواطنين ووصفوا ما يحدث ب "العقوبة"، تزامنا وموجة الحر الاستثنائية التي تشهدها المنطقة منذ شهر رمضان المنصرم، وصار الناس ينامون ليستعدوا في اليوم الموالي للتسلح بالعبوات بحثا عن جرعة ماء على حد تعبير محدثينا. سكان دوار القبايل وقرية الرميلة ببلدية بن خليل شمال البليدة قالوا إن حناجرهم بحّت من الصراخ، طلبا لتوفير الماء، حيث استمرت الانقطاعات عنهم لتصل قرابة العامين من الزمن. وصار مطلب توفير المياه محل احتجاج يومي، من دون أن تلقى شكاويهم استجابة. وتفاقمت معاناتهم في رحلات البحث عن الماء. ورغم عملية تجديد شبكة المياه بالمنطقة من قبل مصالح البلدية غير أن سوء التسيير ومشكلا تقنيا حرم آلاف العائلات من حقها في التزود بالماء الصالح للشرب. وتبخر حلمها في أن تجود حنفيات منازلهم، بحسب ما أكده رئيس البلدية بالنيابة، في حديث إلى "الشروق". وبموزاية في البليدة، يئن قاطنوالأحياء، وسط المدينة، بفعل النقص المسجل في التزود بالماء، منذ أسبوع. واستحال على المواطنين الحصول على المياه حتى باستخدام المضخات. وتحولت الحمامات والآبار الإرتوازية وجهة المواطنين الأولى. وأمام ازدياد الطلب على الصهاريج ارتفع سعرها ليصل إلى 800 دج. أما بمركز بلدية وادي جر فتتكرر مشاهد نقل الماء بسواعد الأطفال وعلى ظهور المسنين، فيما يقضي جل المواطنين أيام الصيف في تصيُّد صهريج في ظل ندرتها. قاطنوحي 520 مسكن المجاور لجامعة سعد دحلب بأولاد بعيش في البليدة أكدوا، في معرض شكواهم إلى "الشروق"، أن دعواتهم السلطات المحلية والأمنية ومؤسسة تسيير المياه لوقف ظاهرة سرقة المياه باءت بالفشل. وبقيت إرسالياتهم حبيسة أدراج المسؤولين منذ مطلع الصيف، في وقت يستمر قاطنوالبناءات الفوضوية التي تكاثرت مؤخرا في استنزاف كميات مهمة من الماء، يدفع فواتيرها وبانتظام قاطنو 520 مسكن. تدهور قطاع المياه وتضاؤل حلول في الأفق بحي بن صالح في بلدية وادي العلايق، جعل المواطنين يجوبون المزارع لتأمين مورد ماء تسقى به البساتين ويشرب منه الحيوان غير آبهين بخطورته على صحتهم. في حين تقزمت طموحات أهالي بوقرة والأربعاء شرقا وأصبحت لا تعدوضمان "قطرة ماء". المتضررون، ممن التقتهم "الشروق"، عبر عدد من البلديات، قالوا إن ملامحهم تغيرت تحت أشعة الشمس المحرقة ونالهم التعب الشديد وأحبطوا من صمت الجهة المشرفة على تسيير الماء، فيما تشتد المعضلة يوما بعد يوم، داعين مسؤولي القطاع إلى تدارك العجز المسجل على وجه الاستعجال بدل إطلاق الوعود الكبيرة والأرقام مع كل زيارة لوزير القطاع.