عاشت فرنسا، الجمعة، ليلة رعب بعد هجمات متزامنة في العاصمة باريس، تعد الأعنف في تاريخ البلاد حيث خلفت مئات القتلى والجرحى، فيما وصفها هولاند بأنها حوادث إرهابية غير مسبوقة وأعلن على إثرها حالة الطوارئ في البلاد وغلق الحدود للحيلولة دون وقوع عمليات جديدة. وقال هولاند، السبت، أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هو المسؤول عن الهجمات وأعلن عن الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام. وهاجم مسلحون ومفجرون مطاعم وقاعة للموسيقى واستاداً رياضياً في أماكن عبر باريس، مساء الجمعة، وقتلوا ما لا يقل عن 128 شخصاً. وقالت مصادر في التحقيقات، أن الهجمات أسفرت عن 128 قتيلاً على الأقل وحوالي 200 جريحاً بينهم 99 في حال الخطر. وأعلن مصدر مقرب من التحقيق عن مقتل ثمانية مهاجمين في الهجمات. وعبر القاضي المكلف التحقيق بهجمات باريس عن خشيته من وجود "متواطئين أو مشاركين لا يزالون فارين". وقال مسؤول في مجلس مدينة باريس، إن أربعة مسلحين قتلوا بطريقة ممنهجة ما لا يقل عن 87 شخصاً كانوا يحضرون حفلاً لموسيقى الروك في قاعة باتاكلان. وشن رجال كوماندوس من قوات مكافحة الإرهاب هجوماً في نهاية الأمر على المبنى. وفجر المسلحون أحزمة ناسفة وتم إنقاذ عشرات من الناجين. وأضاف المسؤول، إن نحو 40 شخصاً آخرين قُتلوا خلال ما يصل إلى خمس هجمات أخرى في منطقة باريس من بينها تفجير انتحاري مزدوج على ما يبدو خارج الاستاد الوطني حيث كان هولاند ووزير الخارجية الألماني يحضران مباراة كرة قدم ودية. وأصيب نحو 200 شخص. وجاءت تلك الهجمات المنسقة على ما يبدو في الوقت الذي أُعلنت فيه حالة الطوارئ القصوى في فرنسا تحسباً لوقوع هجمات إرهابية قبل مؤتمر عالمي للمناخ من المقرر افتتاحه في وقت لاحق من الشهر الجاري. وفرنسا عضو مؤسس في التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ويشن هجمات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورياوالعراق. وقال النائب العام في باريس فرانسوا مولينز، إن إجمالي عدد القتلى بلغ 120 شخصاً على الأقل. وقالت متحدثة باسمه إن ثمانية مهاجمين قُتلوا أيضاً منهم سبعة فجروا أنفسهم بأحزمة ناسفة في أماكن مختلفة في حين قتلت الشرطة واحداً بالرصاص. وبعد خروجه من مباراة كرة القدم قرب التفجيرات أعلن هولاند حالة الطوارئ في كل أنحاء فرنسا وذلك لأول مرة منذ عشرات السنين وأعلن إغلاق حدود فرنسا لمنع مرتكبي الهجمات من الهروب. وأُغلق مترو أنفاق باريس كما صدرت أوامر بأن تظل المدارس والجامعات والمباني المحلية مغلقة يوم السبت. ولكن من المتوقع استمرار بعض خدمات السكك الحديدية والخدمات الجوية. وقال هولاند في كلمة وجهها للشعب عبر التلفزيون عند منتصف الليل قبل أن يرأس اجتماعاً طارئاً لمجلس الوزراء "إنه رعب". وتوجه فيما بعد إلى مكان أدمى هجوم وهو قاعة باتاكلان وتوعد بأن تشن الحكومة حرباً "لا رحمة فيها" على الإرهاب. وتم تعبئة كل أجهزة الطوارئ وألغيت إجازات الشرطة وتم استدعاء 1500 فرد من تعزيزات الجيش إلى منطقة باريس واستدعت المستشفيات أطقمها للتعامل مع الضحايا. وقالت المتحدثة باسم النائب العام إنها لا تستطيع تحديد ما إذا كان هناك مسلحون مازالوا طلقاء. وتبث محطات الإذاعة تنبيهات لسكان باريس بضرورة أن يلزموا بيوتهم وإخلاء الشوارع وتحث السكان على إيواء أي شخص تقطعت به السبل في الشارع. ووقع أدمى هجوم في قاعة باتاكلان حيث كانت فرقة إيغلز أوف ديث ميتال لموسيقى الروك بكاليفورنيا تقيم حفلاً. وتبعد هذه القاعة بضعة مئات من الأمتار عن المكاتب السابقة لصحيفة شارلي إيبدو الأسبوعية الساخرة والتي كانت هدفاً لهجوم دام شنه مسلحون متشددون في جانفي. وسمع شهود في القاعة المسلحين يهتفون بشعارات إسلامية وشعارات تدين دور فرنسا في سوريا. وقال هولاند: "نعرف من أين جاءت هذه الهجمات". وفرنسا في حالة تأهب قصوى منذ الهجمات على صحيفة شارلي إيبدو ومتجر كوشير في باريس في جانفي مما أدى إلى مقتل 18 شخصاً. وألغى هولاند خططاً للسفر إلى تركيا في مطلع الأسبوع لحضور اجتماع قمة لمجموعة العشرين. ودعا إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي الفرنسي في الساعة التاسعة صباحاً (08:00 بتوقيت غرينتش) يوم السبت. وقاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل دعوة عالمية للتضامن مع فرنسا وأدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "الهجمات الخسيسة". وكان جولين بيرس وهو صحفي من محطة أوروبا1 الإذاعية موجوداً داخل قاعة الموسيقي عندما بدأ إطلاق النار. وفي تقرير لشاهد عيان نُشر على موقع المحطة على الإنترنت قال بيرس إن عدة أشخاص صغار جداً لم يكونوا يرتدون أقنعة دخلوا القاعة أثناء الحفل الموسيقي وهم مسلحون ببنادق كلاشنيكوف وبدأوا في "إطلاق النار بشكل عشوائي على الناس.. كانت هناك جثث في كل مكان". وكان تون وهو شاب يبلغ من العمر 22 عاماً ويعيش قرب باتاكلان داخلاً القاعة مع اثنين من أصدقائه في نحو الساعة 10:30 مساء (21:30 بتوقيت غرينتش) عندما رأى ثلاثة شبان يرتدون حللاً سوداء ومسلحين بمدافع رشاشة. وبقى تون في الخارج. وقال لوكالة رويترز للأنباء، إن أحد المسلحين بدأ في إطلاق النار على الناس. وأضاف "كان الناس يسقطون مثل الدومينو". وقال إنه رأى أشخاصاً أصيبوا بالرصاص في سيقانهم وأكتافهم وظهورهم وعدة أشخاص يرقدون على الأرض قتلى على ما يبدو. ولم تصدر أي جماعة إعلاناً موثوقاً به بشكل فوري عن مسؤوليتها عن الهجمات ولكن أنصار تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مناطق في العراقوسوريا قالوا في رسائل على تويتر، إن التنظيم هو الذي نفذ الهجمات. وقالت تغريدة، إن "دولة الخلافة تضرب في عقر دار الصليب". وسُمع دوي انفجارين قرب استاد فرنسا حيث كانت تقام مباراة كرة قدم ودية بين فرنسا وألمانيا. وقال شاهد إن أحد التفجيرات أطاح بالناس في الهواء خارج مطعم لمكدونالدز يقع أمام الاستاد. واستمرت المباراة حتى النهاية ولكن حالة من الذعر سادت بين الحشد بعد انتشار شائعات عن الهجوم . وحامت طائرات هليكوبتر فوق الاستاد في الوقت الذي نُقل فيه هولاند على عجل إلى وزارة الداخلية للتعامل مع الموقف. وفي وسط باريس اندلع إطلاق نار عند منتصف المساء خارج مطعم كمبودي في الحي العاشر بالعاصمة. وقُتل 18 شخصاً عندما فتح مسلح النار على الجالسين لتناول العشاء، مساء أمس (الجمعة)، في شرفة خارجية في منطقة شاروني الشعبية القريبة في المنطقة الحادية عشر. وظلت الشرطة فيما يبدو تبحث عن المشتبه بهم فيما بعد. وترددت أنباء غير مؤكدة عن إطلاق نار في أماكن أخرى. * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *