ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3583 شهيدا و 15244 مصابا    هولندا ستعتقل المدعو نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس للجزائريين انتماء مغاربي!
محمد السعيد يواصل تعقيبه على عبد اللطيف الفيلالي 2/3
نشر في الشروق اليومي يوم 20 - 09 - 2008


غلاف الكتاب
يقرر المسؤول المغربي بأن الجزائريين ليس لهم أي انتماء مغاربي لأنهم" لم يختاروا في تنميتهم النهج المغاربي (ص 106) ويتنبأ بأن المسؤولين الجزائريين" لن يكونوا قادرين في المستقبل على أن يصبحوا مغاربة بأسمى ما في الكلمة من معنى" (ص 129)
*
الا أنه يقر ضمنا بأن العدوان العسكري الذي شنه الجيش الملكي المغربي على الجزائر سنة 1963 هو الذي دفن الحلم الوحدوي المغاربي: "إنها حرب الرمال التي وضعت حدا لفكرة المغرب الغربي" (ص 99) ودون شعور يعترف بالطابع المبيت لهذه الحرب من جانب بلاده حين يوضح بأنّ "المغرب كان يواجه جيشا نظاميا حديث النشأة، يفتقر الى الاطارات، والتجربة والعتاد " (ص 98)، وكان من نتائج تلك الحرب وباعترافه ايضا نسف قرار ندوة طنجة لعام 1958 القاضي ب " تحديد سياسة البلدان الثلاثة بعد استقلال الجزائر في اطار المغرب العربي" ويضيف: "ان ما حصل من خلال هذه الحرب المؤسفة الجزائرية المغربية هو العكس تماما" وهنا كان الأصح، أن يتحدث عن الحرب المغربية الجزائرية على اعتبار أن البادئ بها كان الطرف المغربي كما أسلفنا، ونذكر جميعا أنّ الرئيس الراحل هواري بومدين وصف ذالك الهجوم المباغت على حدودنا الجنوبية الغربية ب: "طعنة خنجر في الظهر ".
*
وحتى في مجال التشاور والتنسيق في السياسة الخارجية وفق ما ورد في فقرة اخرى من بيان ندوة طنجة فانّ العمل كان بالضرورة محدودا أثناء حربنا التحريرية لأن فرنسا الاستعمارية " كانت تتولى بمقتضى اتفاق دبلوماسي مع تونس والمغرب تمثيل هذين البلدين في الدول التي لا يتمتعان فيها بالتمثيل الدبلوماسي الدائم "(1) وكثيرا ما أصطدم هذا الشكل من التعاون مع دولة الاحتلال، بجهود الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وديبلوماسيتها في الدفاع عن قضية شعبنا.
*
وإفراطا في حشد عريضة الاتهام، يصر الكاتب على تحميل "الوطنية الجزائرية" جميع الشرور لأنّها" أرادت فرض نفسها على المنطقة كلّها... وكان ذلك خطأ من طرف جيراننا" (ص 99).
*
لا أشعر بالرغبة في اعادة فتح جراح الماضي القريب التي لم تندمل بعد لدى الماضويين، أو اثارة ذكريات محرجة لبعض المستأسدين، وانما يقتضي الموقف التذكير ببعض الحقائق الثابتة عن وقوف الجزائر الدائم في طليعة الدفاع عن المصير المشترك للشعوب المغاربية مستشهدا بآراء بعض المفكرين من المغرب نفسه، وبذلك يستقيم الميزان الصادق لتقدير الرجال بأقدارهم:
*
*
1 في المجال السياسي:
*
*
اندمج المطلب الاستقلالي الوطني مع الوعي المغاربي منذ تأسيس حركة نجم شمال افريقيا في أوائل القرن الماضي، بوصفها أول حركة سياسية وطنية اقليمية أدرجت كفاحها في إطار شمال افريقيا وطالبت بالاستقلال لبلدانه الثلاثة وعملت من أجل توحيد حركتها الوطنية الثورية، ويشهد المفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري بأنّ جمعية نجم شمال افريقبا "ستصبح ابتداء من مارس 1926 جمعية سياسية للدفاع عن كيان المغرب العربي" (2) كما كانت هذه الفكرة محور نشاطات" جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين"، التي دعت في مؤتمرها المنعقد في مدينة تلمسان في نوفمبر 1935 الى "العمل من أجل ايقاظ الوعي بوحدتنا الوطنية في شمال افريقيا... وبعث وحدة عتيدة سجلها التاريخ" (3).
*
*
ومما يستدعي الانتباه أنّ جمعية طلابية بهذا المطلب المغاربي المبكّر، عقدت مؤتمراتها المتلاحقة في باريس والجزائر وتونس ولم تلتئم أبدا فوق الأراضي المغربية، و تلك واقعة أشار اليها عرضا استاذ مغربي اخر في جامعة محمد الخامس وهو الدكتور علي اومليل (4).
*
*
2 في المجال العسكري:
*
*
اضطرت فرنسا اثر اندلاع ثورة نوفمبر الى التعجيل بمنح تونس والمغرب استقلالهما ضمن استراتيجية لعزل الثورة الجزائرية، وكتب على المجاهدين أن يواصلوا لوحدهم خوض جحيم الحرب على الرغم من وجود اتفاقيتين سريتين لإنشاء جبهة مشتركة للتحرير واستبعاد الخطوات الانفرادية لوقف اطلاق النار مع العدو: فالاتفاقية الأولى أبرمت في مطلع سنة 1955، بين قادة جبهة التحرير الوطني وحزب الاستقلال والحزب الحر الدستوري التونسي (5) في حين نصّت الاتفاقية الثانية التي كشف عنها علال الفاسي، في الرابع من اكتوبر 1955، غداة تنصيبه أمينا عاما لجبهة تحرير المغرب العربي خلفا للحبيب بورقيبة، نصّت على توصل المقاومة المغربية وجبهة التحرير الجزائرية الى "توحيد حركتيهما في حركة واحدة تسمى جبهة تحرير المغرب العربي". (6)
*
لم يلتزم أشقاؤنا مع الأسف بما اتفق عليه وتغلبت عليهم الاعتبارات الوطنية الضيقة مما مكن الجيش الاستعماري بعد انسحابه من تونس والمغرب، من تركيز نيرانه على الجزائر وعزلها عن محيطها. ففرنسا، كما صرّح وزير الخارجية الفرنسي آنذاك "كريستيان بينو" أمام البرلمان يوم 02 جوان 1956. تخلصت من تونس والمغرب بمنحهما الاستقلال بالتراضي حتى تتفرّغ للجزائر "(7)
*
و لعل اكثر من شعر بألم هذا العبء الذي حال دون تشتيت القوات الاستعمارية على امتداد أراضي المغرب العربي كلّها، الرئيس الراحل هواري بومدين بوصفه آنذاك قائدا لأركان جيش التحرير الوطني: فقد تساءل:
*
"هل كان في مقدور الجيش الاستعماري أن يراقب منطقة ملتهبة بأكملها؟ وهل كان يتعين على الجزائر أن تضحي بعشر سكانها لو أن الحرب تواصلت في مجموع المغرب العربي من طنجة إلى قابس مثلما اقترحت ذلك جبهة التحرير الوطني؟"(8)
*
لحسن الحظ هناك في المغرب الشقيق رجال لم يتنكروا لهذه التضحيات من أجل المغرب العربي، فالراحل علال الفاسي وقف في الجلسة الختامية لندوة طنجة في نهاية افريل 1958 قائلا: "المجد لإخواننا الجزائريين الذين يواصلون وحدهم بكل بسالة القيام بواجبهم. إن إصرارهم على الاستمرار في النضال، شكّل العامل الحاسم لانبعاث الحقيقة المغاربية" (9) وبعد مرور ثلاثين سنة سجّل المفكر المغربي محمد عابد الجابري بأن " فرنسا أدركت الأخطار التي تنتظرها نتيجة تطور أشكال النضال والتنسيق بين الحركات المغاربية، فبادرت الى الاعتراف باستقلال المغرب وتونس حتى تستطيع مواجهة الثورة الجزائرية"(10).
*
قد يظن البعض أن فكرة المغرب العربي تعتبر أحد افرازات التاريخ السياسي الحديث لأقطار شمال افريقيا فقط، ولكنّها كانت حية لحظة بداية الغزو الفرنسي لبلادنا. فكان الأمير عبد القادر حسب بشير بومعزة، على استعداد للتنازل عن سلطته بشرط أن تكون المقاومة شاملة، فقد "اعتبر قبل تعيينه أميرا أنّ الخلافة يجب أن تترك للسلطان المغربي على أن تنظّم المقاومة للاحتلال الفرنسي في إطار المغرب العربي" (11).
*
*
3 غداة الاستقلال:
*
*
عندما استرجعت الجزائر استقلالها، عملت على إعطاء الحلم الوحدوي المغاربي قاعدة سياسية واقتصادية. فأما الجهد السياسي فقد توج أساسا بترسيم الحدود مع جيرانها مما أشاع جوّا من الثقة والاستقرار ساعد على إبرام معاهدات لحسن الجوار والتعاون مع الرباط وتونس ونواقشط وطرابلس، كما دفعت الجزائر بالمملكة المغربة إلى الاعتراف بموريطانيا التي كانت تطالب بضمها مما أبعد شبح حرب أخرى عن المنطقة.
*
وانصّب الجهد الاقتصادي أساسا على بناء أنبوبين لتصدير الغاز الطبيعي، الاول يعبر الأراضي التونسية شرقا والثاني الأراضي المغربية غربا، مما يدرّ على البلدين عائدات قارة تساهم في الرفع من مستوى معيشة أشقائنا.
*
حقا كان هناك خلاف سياسي حول الهدف من بناء المغرب العربي: أيكون لصالح الشعوب أو لصالح الأنظمة؟ اختارت الجزائر بناء مغرب الشعوب خلافا للرباط، ومازالت عند اختيارها الذي يتعارض مع الاستقلال الأجنبي والظلم الاجتماعي، إذا اعتبر السيد الفيلالي ذلك تنكرا لواجب البناء المغاربي، فهو حرّ في رأيه.
*
ولعلّ أكبر الخدمات التي قدمتها الجزائر، خدمة غير مرئية ولكنها ذات أثر محسوس وهي امتناع الجزائر الدائم عن استغلال مواطن الضعف في النظام الملكي للإطاحة به خاصة عندما كان على حافة الهاوية، تهدده معارضة داخلية متصاعدة. وندرك جميعا أنّه لم يكن من السهل في مناخ الستينيات أن يتجاور بسلام نظامان سياسيان بتوجهات وتحالفات متناقضة: مملكة محافظة قائمة على روابط الدم، ونظام ثوري نابع من إرادة الشعب، كان في مقدور بومدين مثلا، أن يرفع أصبعه الصغير أثناء المحاولة الانقلابية العسكرية الدموية التي وقعت في قصر الصخيرات في جويلية 1971 ليتخذ التاريخ مجرى آخر في هذا البلد الشقيق.
*
ومازال يتردد في أذني حتى اليوم وكنت حينها صحافيا في التلفزيون، ذلك الصوت النسائي الذي التقطه قسم الاستماع من إذاعة الرباط، وهو يعلن بين فواصل الموسيقى العسكرية: مات الملك، عاشت الجمهورية.
*
ترى، كيف سيكون مصير الفيلالي لو ساعدت الجزائر الانقلابيين؟ هل كانت لتخرج خشائش الأرض من كهوفها اليوم؟
*
بالمقابل، ماذا قدّمت المملكة المغربية لمشروع بناء المغرب العربي؟ انّ سجلها خاو من الايجابيات. قطيعة ديلوماسية مع تونس عقب اعترافها بموريطانيا، حرب عدوانية ضد الجزائر عام 1963 وحرب عدوانية أخرى على الشعب الصحراوي منذ عام 1975، أحد عشرة محاولة لزعزعة الاستقرار في موريطانيا، ثمّ الزج بها في حرب مدمرة على الشعب الصحراوي، وعندما أبرم نظامها الجديد الذي اطاح بالرئيس ولد دادا اتفاقية سلام مع جبهة البوليزاريو في أوت 1979، سعت الرباط بكل الوسائل بما فيها التآمر وقصف مدينتي نواديبو، ولاغوير جوا في جويلية 1980 إلى ثنيه عن هذا المسار الانقاذي.
*
وبهذه التصرفات فتحت الرباط الباب أمام التدخلات الأجنبية في المنطقة، ودفعت بها في سباق محموم للتسلح محدثة نزيفا في ميزانيات دول المنطقة وهدرا في طاقاتها على حساب التنمية الوطنية ورفاهية المواطن المغاربي.
*
ويمكن أن نضيف الى هذا السجل الأسود ما ترتب عن غزو الصحراء الغربية من تعطيل مشروع "الاتفاق المغاربي للتعاون الاقتصادي" الذي أعدته اللجنة الاستشارية الدائمة المغاربية، الى جانب تأخر المملكة ب 15 سنة عن التصديق على الاتفاقية الحدودية مع الجزائر، وتولدت عن ذلك أزمة ثقة بين العاصمتين مازلنا نعاني من اثارها حتى اليوم، ويكفي ان نأتي هنا بشهادة الرئيس الموريطاني الأسبق مختار ولد دادا الذي حمّل حليفه الملك الحسن الثاني مسؤولية التوتر القائم اليوم في المنطقة، اذ كتب في مذكراته:
*
"ان حرب الصحراء لم تكن في واقع الأمر، لتندلع لوقام ملك المغرب بالتصديق على اتفاقيات الرباط الحدودية مع الجزائر" (12).
*
*
الصحراء الغربية: الجزائر مصدر المصائب!
*
*
يزعم الفيلالي في معرض حديثه عن المسألة الصحراوية "أن جزائر بومدين استولت على هذه القضية لتحولها الى حرب ضد المغرب "(ص113) ويجد في ذلك " أحد الأسباب الذي يدفعه الى عدم الإيمان بالمغرب العربي مطلقا"(ص127) مع أنّه سبق أن أشار إلى أن فكرة هذا البناء الوحدوي دفنت نهائيا سنة 1963.
*
سأعفي القارئ الكريم من الحجج المغربية لغزو الصحراء الغربية لكونها معروفة إلى درجة أنها لم تقنع، باعتراف المؤلف نفسه، حتى محكمة العدل الدولية " التي لم تحسم في الأمر"(ص115) وأكتفي بمثال واحد عن لجوء الدبلوماسية المغربية إلى التفسير المغرض لتغطية إخفاقاتها أمام الرأي العام.
*
فالكاتب يورد في الصفحة 119 كيفية تصويت منظمة الأمم المتحدة في ديسمبر 1975 على لائحتين حول الصحراء الغربية:
*
"رفع إلى اللجنة الرابعة مشروعا لائحتين الأول جزائري ويطالب بتقرير المصير لشعب يطمح إلى الاستقلال وأماّ المشروع الثاني، الذي يسانده المغرب فيطلب الاعتراف باتفاقيات مدريد التي ترسي القاعدة الجديدة للعلاقات الاسبانية المغربية. صوّتت اللجنة على المشروعين، وكان ذلك مصدر ارتياح كبير للمغرب".
*
وما لم يقله الفيلالي هو أن المشروع المغربي المناهض لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير حصل على 54 صوتا بما فيها صوت اسرائيل، بينما صوتت 88 دولة لصالح المشروع الذي دعمته الجزائر ومعنى ذلك وبكل بساطة، أنّ المجموعة الدولية أيّدت بأغلبية ساحقة حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، ورفضت اتفاقيات مدريد التي تكرّس الاحتلال كأمر واقع.
*
فلا غرابة اذن أن يصب الوزير الأول المغربي جمّ غصبه على القادة الجزائريين الذين "لا يطيق حتى النظر إلى وجوههم" والذين "مع الأسف اضطررت للعمل معهم، دون طيب خاطر، بل على العكس" (ص121) فالحقد عليهم لا حدود له: "أنهم نجحوا في استعمال منظمة الأمم المتحدة لإقحامها في حل النزاع الصحراوي" (ص119) "و حاصروا بأموالهم افريقيا... واشتروا، نعم اشتروا بالمال ذمم ثوار أنغولا والموزمبيق وأولئك القادمين من الجزر الواقعة في عرض دكاروغينيا" (ص121).
*
وما نسي الفيلالي الجهر به، هو أن الجزائر رفضت صفقة الملك بإطلاق يده في الصحراء الغربية مقابل تصديقه على الاتفاقيات الحدودية تماما كما رفضت الترخيص له عام 1963 باستعمال بشار كقاعدة للهجوم على موريطانيا. لست مصدر هذا الخبر وإنما مصدره الرئيس ولد دادا الذي نشر ما قاله الراحل الرئيس هواري بومدين:
*
"أعرف الأغنية التي يرددها الحسن الثاني لمن يرغب في سماعها، يريد أن يبرم معي صفقة: أن أقوم بطرد جبهة البوليزاريو مقابل التصديق على اتفاقية الحدود. لن أبرم أي صفقة معه لسببين اثنين: من جهة، لا شيء يضمن لي أنه سيحترم تعهده الجديد بعد أن أخل بالتعهد السابق، ومن جهة أخرى، فإنّ احتضان البوليزاريو ومساعدته على تحرير بلاده ينبعان من مبدأ أساسي تقوم عليه السياسة الجزائرية وهو دعم جميع حركات التحرير التي تكافح من اجل استقلال بلدانها" (13).
*
*
فلنكف بالله عن التلاعب بعقول الجماهير بنية استيعاب احتجاجاتها وتبرير كل التجاوزات! في البدء قدمت الدعاية المغربية قصية الصحراء الغربية على أنها مسألة شخصية، يتمسك بها بومدين لا غير، ثم وجهت سهامها في عهد الرئيس الشادلي بن جديد إلى الدكتور أحمد طالب الابراهيمي وزير الخارجية، وعندما ترك هذا الأخير الحكومة، سمعنا في كواليس الأمم المتحدة من يدعي من الوفد المغربي بأن "الجزائر تنتهج سياسة طالب بدون طالب" واليوم، فانّ بوتفليقة هو حجر عثرة لأنه" يسعى إلى تدمير المغرب!".
*
*
إنّ سياسة النعامة هذه تبقي المنطقة في حالة توتر دائم مضرّ بمصالح شعوبنا التي تتطّلع الى غدا أفضل في كنف تجديد الصلة بالتضامن الأخوي، وإنها لنفس السياسة التي تكيل بمكيالين: هنا يحرم الفيلالي الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير، وهناك في العراق يعترف به للأكراد (ص 225 ). ويعلم الجميع أن الأكراد يعيشون ضمن الدولة الواحدة، ويشكلون جزءا لا يتجزأ منها.و شتان بين الوضعين هنا وهناك.
*
*
*
يتبع
*
*
*
*
المراجع:
*
*
(01)
*
*
La France et le Tiers Monde :La Doc.Française N_4701/4702/14Janv.1983 P65 _ Paris 1983 _
*
(02) مجلة مركز دراسات الوحدة العربية _ ص 19 _ بيروت يناير 1987(08)
*
(03) المرجع السابق ص 19
*
(04) المرجع السابق ص48
*
(05) Paul BALTA : Le Grand Maghreb _ P 22 _ Editions la Découverte _ Paris 1990
*
(06) Md EL ALAMI : Allal Al Fassi : Patriarche du nat _ marocain P99 _ Imprimerie
*
(07) Arrissala _ Rabat 1972 Gilbert MEYNIER : Histoire Interieure du FLN. p 562 Editions Fayard _ Paris 2002
*
(08) خطاب 19 جوان 1975
*
(09) Md EL ALAMI _ P 224
*
(10) مجلة مركز دراسات الوحدة العربية ص 29 _ بيروت يناير 1987
*
(11) المرجع السابق ص 27 بشير بومعزة:
*
(12) Mokhtar OULD DADDAH : La Mauritanie contre vents et marais _ P 469 _ Editions Karthala _ Paris 2003 _


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.