وزير العدل حافظ الأختام: الطيب بلعيز تزامنا مع افتتاح السنة القضائية صدر كتاب هام لوزير العدل حافظ الأختام، الطيب بلعيز، عن دار "القصبة" يقع في 331 صفحة من الحجم المتوسط. * واعتبر هذا الإنجاز سابقة فريدة من نوعها في مسار قطاع العدالة الجزائري، فهو نتاج تجربة ميدانية لمسار إصلاحي شامل منبعه برنامج الرئيس بوتفليقة، وربما لأول مرة يسجل مسؤول جزائري ما زال يشغل منصبه تفاصيل ورشة قطعت في تطورها شوطا كبيرا من تصور كبير لأهم عنصر يحقق تطور الدولة. * اختار الطيب بلعيز أن يكون العنوان الرئيسي لمؤلفه: "إصلاح العدالة في الجزائر"، وفي هذا الاختيار إشارة ضمنية إلى أن واقع قطاع العدالة يمر بمرحلة تجديد عميقة وفق خطة وآليات مدروسة يقودها خبراء يدركون جيدا مدى حساسية ملف العدالة في كينونة الدول التي تخوض ثورة تحديث لهياكلها وتطمح إلى الرقي. كما وضع عنوانا فرعيا وهو "الإنجاز التحدي" الذي يشير إلى أن هذا القطاع الهام كان يعيش حالة ركود قبل مجيء الرئيس بوتفليقة، لكنه بعد مجيئه تحول إلى أولوية تستقيم بها بقية القطاعات، لذلك تحول إلى ورشة رصدت لها كل الإمكانيات الضرورية لتحقيق غاية دولة العدالة، وفي نفس العنوان الفرعي تعرية للواقع الصعب الذي كان يميزه قبل بدء تطبيق برنامج رئيس الجمهورية. * * قطاع العدالة هو أهم ما ينقل ويوصل دلائل رشاد الحكم * فتح الطيب بلعيز كتابه بمقطع من خطاب الرئيس بوتفليقة الذي ألقاه بمناسبة انعقاد الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة بتاريخ 28 و29 مارس 2005: "إن المقارنة مع ما كان عليه حال القطاع منذ خمس سنوات خلت تبين جليا أن هناك تحولات ملموسة قد حدثت ولا ينكرها أحد، تحولات بدأ المواطنون بفضلها يستعيدون ثقتهم في مرفق القضاء، ويلمسون فيه تحسنا في نوعية الأداء وأسلوب التعامل الذي أخذ يقترب تدريجيا من طموحهم في التمتع بعدالة قوية ومحايدة ومنصفة". * * قطاع العدالة: من فك المنازعات إلى رؤية أكثر شمولا * قال المؤلف في مقدمة كتابه إن الجزائر تشهد حركة متنامية ومتكاملة الخطى في مختلف المجالات منذ مجيء الرئيس بوتفليقة سنة 1999، ويعتبر تحدي إصلاح العدالة، الذي كان أولوية الأوليات في هذه الحركة، أهم ملف تراهن عليه قوى الدولة الجزائرية لتحقق التنمية المرجوة، لأن العدل والمساواة هما أساس إعلاء القيم الإنسانية والمحافظة على سير دولة الحق والقانون، ولا يتحقق ذلك إلا بمنظومة قضائية كفأة تعلو ولا يعلى عليها. * وتناول بلعيز كذلك كرنولوجيا سير ورشة العدالة منذ سنة 1999 عندما نصب الرئيس بوتفلقية اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة مرورا بمرحلة الدراسة والمناقشة والتوصيات إلى غاية إطلاق جملة من التدابير الاستعجالية أهمها ضمان استقلالية القضاء والمحافظة على حقوق الإنسان وإصلاح نظام السجون. وبعد مرور خمس سنوات تظافرت فيها الجهود لإنجاح الإصلاحات أصبحت الأفكار حقيقة وظهرت للعيان نتائج ميدانية نوعية انعكست إيجابا على حركية الدولة والمجتمع، ولعل تقييم التجربة الذي تم خلال الندوة الوطنية لإصلاح العدالة التي انعقدت يومي 29 و30 مارس سنة 2005 بين حجم التطورات التي عرفها القطاع. * وثمن صاحب الكتاب مجهودات الإطارات الكفأة والقضاة الذين كانوا إلى جانبه منذ 2003. وأكد على ضرورة مواصلة المسيرة: "لا يسعنا سوى التطلع بنفس ممتد نحو المزيد من الإنجازات، انطلاقا من وقفة تقويم وتقييم لأجل ذاكرة تنحت في تاريخ العدالة الجزائرية معالم ومعابر للرقي، بإرادة واعية متحدية وفاعلة". * * قراءة في محاور الكتاب * قسم المؤلف كتابه إلى ستة محاور ضمنها الميادين التي شملتها الإصلاحات: * إرساء دعائم استقلالية القضاء * سيادة دولة الحق والقانون * تطرق بلعيز في المحور الأول من كتابه إلى الإجراءات التي اتخذت لضمان استقلالية القضاء، هذا المفهوم الذي يضمن للمتقاضي حق الفصل في قضاياه بصفة عادلة. وتم تحقيق هذه الغاية من خلال إحاطته بإطار تشريعي دقيق وفعال. وجسد ذلك من خلال سن القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاء، حيث حددت فيه ملامح الموازنة بين حقوق القاضي وواجباته ودعمت فيه صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء لضمان الفصل الفعلي بين السلطات. كما استحدثت في ذات القانون مدونة أخلاقيات مهنة القضاة وآليات حمايتهم اجتماعيا ومهنيا. * تطوير المنظومة التشريعية وتدعيم التعاون القضائي الدولي * وتطرق في المحور الثاني إلى مفهوم دولة الحق والقانون، ولتحقيق هذا الهدف كان لزاما تطوير المنظومة التشريعية الجزائرية وتدعيم التعاون القضائي الدولي، استجابة للمتطلبات الداخلية وتجسيدا للالتزامات الدولية وحماية حقوق الإنسان والاقتصاد الوطني. وفي هذا الإطار تم إصدار مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية التي شملت إعادة النظر في تسيير وتنظيم قطاع العدالة، تجسيد المبادئ الدستورية وتدعيم حماية القيم الاجتماعية وتكريس مبدأ المساواة، تدعيم حماية الحريات الفردية وحقوق الإنسان، تعزيز مبدأ حرية المعاملات، تدعيم حماية المجتمع من ظواهر الإجرام، المساهمة في استتباب الأمن وتعزيز المصالحة الوطنية، تطوير البحث في المجالين القانوني والقضائي وتطويره، تدعيم مجالات التعاون القضائي الدولي وتدعيم حقوق الإنسان. * ترقية الموارد البشرية وتثمينها لتأصيل منطق الفعالية والنوعية في الأداء * وفي المحور الثالث تطرق إلى الاهتمام بالعنصر البشري المشتغل بقطاع العدالة، وذلك من خلال: تنمية وتطوير قدرات القضاة علميا واحترافيا، تحسين مستوى أداء موظفي قطاع العدالة وترقية مهن أعوان العدالة. * عصرنة قطاع العدالة وتطوير هياكله ووسائله * وفي المحور الرابع تطرق الكتاب إلى الآليات التي تحقق احترافية وفعالية قطاع العدالة، من خلال توظيف المعرفة باستخدام التكنولوجيات الحديثة التي تحسن الخدمة القضائية وتضمن الأمان القانوني وإصدار الأحكام والقرارات في آجال معقولة وقابلة للتنفيذ، ويتجسد ذلك في: توفير محيط ثقافي ومهني مناسب لأداء عصري، تحقيق خدمة نوعية محاطة بضمانات الأداء الآمن، تطوير آليات التسيير، تطوير الآليات المساعدة على اتخاذ القرار ورسم السياسات المستقبلية، تسهيل استفادة ذوي الاحتياجات الخاصة من خدمات مرفق العدالة وتدعيم هياكل ووسائل قطاع العدالة. * إصلاح المنظومة العقابية * وفي المحور الخامس تطرق الكتاب إلى الإنجازات التي تم تحقيقها على مستوى قطاع السجون والتي من شأنها أن تجعل المؤسسة العقابية فرصة ليتحول المجرم إلى إنسان صالح، وقد اتخذت لأجل ذلك مجموعة من التدابير، وهي: مراجعة الإطار التشريعي لتطبيق السياسة العقابية، تدعيم حقوق المحبوسين وأنسنة ظروف الحبس، معالجة ظاهرة اكتظاظ السجون وتحسين ظروف الإيواء فيها، تجسيد المبادئ الفضلى لسياسة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، تحسين سير المؤسسات العقابية وتدعيم أمنها وترقية الموارد البشرية لإدارة السجون. * ترقية وتثمين منجزات إصلاح العدالة * شفافية في الأداء وفعالية في التطبيق * وفي المحور السادس تطرق الكتاب إلى الأساليب والآليات التي من شأنها أن تثمن وتنمح الشفافية لسير قطاع العدالة من خلال: تفعيل دور الإعلام والاتصال في قطاع العدالة، التحفيز على الأداء النوعي والفعال لمرفق العدالة، التأكيد على حماية المصالح العليا للوطن، الاهتمام بترقية الروابط الإنسانية في قطاع العدالة وتثمين منجزات الإصلاح في ظل التنمية الشاملة. * ودعم بلعيز كتابه بملاحق تمثلت في مقتطفات من خطابات رئيس الجمهورية التي تتحدث عن قطاع العدالة، بالإضافة إلى أهم النصوص التشريعية والتنظيمية التي بادرت بها وزارة العدل خلال الفترة الممتدة من 1999 إلى 2008، وبعض الإحصائيات.