لو كان هناك معتصم واحد لأجابكِ..ولكن؟؟ حمّل الدكتور يوسف القرضاوي الرؤساء والحكومات الإسلامية والعربية "المسؤولية الكاملة" عن الوضع المأساوي الذي يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزّة المحاصر. وقال القرضاوي في بيان شديد اللهجة وجهه بصفته رئيسا للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، حصلت الشروق أون لاين على نسخة منه، بأنه يحمل تلك الحكومات المسؤولية الدينية والتاريخية والأخلاقية، محذّرا من أن الصمت الذي "تتقصّده" هذه الحكومات قد يُؤدّي إلى كوارث لا يعلم عقباها إلى الله، ووصف القرضاوي ما يتعرض له الغزّاويون بأنه "إبادة جماعية ضد شعب بأكمله". * وقال الدكتور القرضاوي بأن الحصار المشدود على غزة منذ أكثر من 20 يوما هو حصار صهيوني بمباركة أمريكية وبصمت عربي إسلامي، عمدت فيه قوى الاحتلال إلى قطع كل أسباب الحياة من إغلاق المعابر التي تربط القطاع بالعالم، وقطع الكهرباء والماء وتعطيل المخابز وانقطاع الغذاء والدواء، وأردف قائلا "ولم يبق له إلا قطع الهواء، ولو استطاع لفعل ذلك ولما تردّد تشفيا وانتقاما من هذا الشعب الأبي الصامد"، مضيفا بأن الذي يحدث على الأرض هو عملية انتقام مفضوحة. * وأوضح العلامة الدكتور يوسف القرضاوي في بيانه، أن الحصار تسبب في مقتل 200 مواطن أكثر من نصفهم من الأطفال، وأن الاحتلال لم يميّز بين صغير أو كبير، وراح يضغط على أعناق الفلسطينيين ليستأصل أنفاسهم. * وانتهز الدكتور القرضاوي فرصة قرب موسم الحج ليناشد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وحكومته لاتخاذ كافة الإجراءات لتمكين إخوانهم ضيوف الرحمن من غزة، من أداء فريضة الحج لهذا العام. ودعا القرضاوي جامعة الدول العربية وكل الحكومات العربية والإسلامية، إلى تحمّل مسؤولياتها كاملة والتدخّل لحل أزمة الفلسطينيين في القطاع بعمل جادّ لرفع المعاناة وإعادة الكهرباء والغاز لأولئك المحرومين. * والتفت القرضاوي إلى السلطات المصرية دون أن يحدّد من يقصد بكلامه، وطالبها بفتح معبر رفح فورا أمام أشقائها في القطاع، وواصل البيان قائلا "يجب فتح المعبر فورا..لأن هذا هو ما توجبه حقوق الأخوة والجوار والمسؤولية العربية والإسلامية. * كما ناشد الاتحاد العالمي على لسان القرضاوي، الأممالمتحدة وكل الهيئات الدولية وكل الشرفاء والأحرار في العالم إلى أن يهبوا لنجدة هذا الشعب الذي دخل في مرحلة الخطر، كما قال البيان. * وناشد القرضاوي كلا من حركتي فتح وحماس إلى أن تعودا إلى مائدة الحوار، وقال "عليهم أن يتغلبوا على كل العوائق والصعوبات حتى يستطيعوا الوقوف صفا واحدا أمام العدوّ المتربّص". * ووجه القرضاوي دعوة عامة إلى جماهير الأمة الإسلامية والعربية إلى أن يهبوا لمساندة إخوانهم المحاصرين في غزة وأن يدعموهم بكل ما يتمكنون منه، وأن يعملوا بالوسائل المشروعة من أجل رفع الحصار ومنع الإبادة الجماعية، وختم القرضاوي بيانه بتوجيه لوم للحكومات الإسلامية والعربية وللجماهير المسلمة مما يحدث في غزّة، قائلا "إن صمتنا الغريب أمام هذه المأساة والإبادة الجماعية ليس مقبولا شرعاً ولا شهامةً ولا عقلاً، إننا سنُسأل أمام الله تعالى إذا لم يقم كل واحد منا بدوره وحسب طاقته وبواجبه نحو إخوانه فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". * * نص البيان: * * بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول الحصار الظالم على قطاع غزةة * الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، * (وبعد) * فقد فرض الله على العلماء أن يقولوا الحق في كل موقف، وأن يقفوا في وجه الظالم المتجبر، وينتصروا للمظلومين المستضعفين، ولا يعينوا على إثم وعدوان، وأن يكونوا منارة هدى وإرشاد في كل زمان ومكان، وأن يذكروا حكام المسلمين إذا نسوا، وينبهوهم إذا غفلوا، حتى يأخذ كل ذي حق حقه، ويسود عدل الله في أرض الله. * وإن قطاع غزة يعيش ولليوم العشرين على التوالي حالة من الحصار الشامل فرضته السلطات الصهيونية، وذلك بإغلاق كل المعابر التي تربط القطاع بالعالم، وهي بمثابة شرايين الحياة لأكثر من مليون ونصف مواطن، لا ذنب لهم سوى أنهم مواطنون شرفاء متمسكون بحقهم، مدافعون عن وطنهم، مصرون على استرجاع جميع حقوقهم الإنسانية والقومية والسياسية. * إن الذي يعيشه الشعب الفلسطيني عموماً وأهل القطاع خصوصاً، هو عملية انتقام مفضوحة من هذا الشعب الأبي المجاهد الذي رفض الركوع والخنوع للعدوان الصهيوني الأمريكي، ولكن هذه العقوبة الجماعية وهذا الانتقام الأسود الحاقد فاق كل التوقعات تشاؤما، حتى وصلت الأمور بهذا العدو الصهيوني، بمباركة أمريكية مع صمت عربي وإسلامي، أن يقدم على إغلاق كامل للمعابر وقطع للكهرباء والماء وتعطيل المخابز وانقطاع للغذاء والدواء، ولم يبق له إلا قطع الهواء ولو استطاع لفعل ذلك ولما تردّد تشفّيا وانتقاما من هذا الشعب الأبي الصامد. * إن الذي يعيشه قطاع غزّة اليوم، ما هو إلا إبادة جماعية ضد شعب بأكمله لم يفرّق فيه العدو بين كبير وصغير، حيث توفي أكثر من 200 مواطن بسبب الحصار الظالم وأكثر من نصفهم من الأطفال، ولا بين صحيح ومريض، وما الصور التي تعرضها علينا بعض شاشات التلفاز من داخل المستشفيات في غزة والتي تبين لنا حجم المأساة التي يعانيها هؤلاء المرضى إلا جزء من هذه المأساة الكبرى. * كما تزامن هذا الحصار الشامل المفروض على أهلنا في القطاع مع موسم أداء فريضة الحج، مما جعل حجيج هذه السنة من القطاع ممنوعين من السفر، بل لم يحصلوا كذلك حتى على تأشيرات الحج من المملكة العربية السّعودية. * أمام هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه إخواننا في قطاع غزة فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يعلن ما يلي: * 1- يناشد الاتحاد منظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية، وجميع الحكومات الإسلامية والعربية في تحمل مسؤولياتهم كاملة أمام هذا الوضع المأساوي، والتدخل لحل هذه الأزمة، والعمل الجاد على رفع هذه المعاناة، وإعادة الكهرباء والغاز إلى هؤلاء المحرومين من أبسط الحقوق في القرن الواحد والعشرين، وإلاّ فإنها تتحمل مسؤوليتها الدينية والتاريخية والأخلاقية، ويحذر الاتحاد من أن الصمت يؤدي إلى كوارث لا يعلم عقباها إلا الله تعالى. * 2- يطالب الاتحاد السلطات المصرية بفتح معبر رفح فوراً أمام أشقائها في القطاع، سدا للضرورات الصحية والغذائية، وإتاحة الفرصة لدخول قوافل الإغاثة الشعبية، وهو ما توجبه حقوق الأخوة والجوار والمسؤولية العربية والإسلامية. * 3- يناشد الاتحاد الأممالمتحدة والهيئات الدولية وكل الشرفاء والأحرار في العالم أن يهبوا لنجدة هذا الشعب الذي دخل في مرحلة الخطر، وأصبح مهددا في صحته وحياته ووجوده. * 4- يناشد الاتحاد الإخوة في فتح وحماس أن يعودوا إلى مائدة الحوار، ويتغلبوا على كل العوائق والصعوبات، حتى يستطيعوا الوقوف صفا واحدا أمام العدو المتربص، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4]. * 5- يناشد الاتحاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وحكومته اتخاذ كافة الإجراءات لتمكين إخوانهم ضيوف الرحمن من غزة، من أداء فريضة الحج لهذا العام. * 6- يدعو الاتحاد جماهير أمتنا الإسلامية والعربية إلى مساندة إخوانهم المحاصرين بقطاع غزة المحرومين من أبسط الحقوق، ودعمهم بكل ما يتمكنون منه، والعمل بكل الوسائل المشروعة من أجل رفع هذا الحصار، ومنع استكمال هذه الإبادة الجماعية، والتعبير عن هذا الدعم بكلّ الطرق السلمية من الاعتصامات والمظاهرات ونحو ذلك. إن صمتنا الغريب أمام هذه المأساة والإبادة الجماعية ليس مقبولا شرعاً ولا شهامةً ولا عقلاً، إننا سنسأل أمام الله تعالى إذا لم يقم كل واحد منا بدوره وحسب طاقته وبواجبه نحو إخوانه فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". * يقول الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر:51، 52]. * أ.د. يوسف القرضاوي * رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين *