انصاعت كتل أحزاب التحالف الرئاسي بالمجلس الشعبي الوطني، إلى موقف الحكومة المتردد في الالتزام بالوعد الذي أطلقته مطلع العهدة الخريفية الحالية، والقاضي بإحالة مشروع القانون العضوي المتعلق بالمالية، الذي يمكن النواب من مراقبة أوجه صرف المال العام، بانشغال الجهاز التنفيذي بإعداد "خطة عمل" الحكومة الجديدة. * وبررت هذه الكتل مواقفها المداهنة للحكومة، بداعي فسح المجال أمام الجهاز التنفيذي لتسريع خروجه من حالة اللاشرعية الحالية، في انتظار نيل "خطة العمل" قيد الإعداد، موافقة البرلمان بغرفتيه، وهو الموقف الذي عبر عنه رئيس المجموعة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي، ميلود شرفي، الذي اعتبر الحديث عن مشروع القانون الإطار للمالية، في الظرف الراهن في غير محله. * ولم يتردد ميلود شرفي في الدفاع عن الحكومة بشأن هذه القضية، معتبرا بأن الوقت لا زال كافيا لعرض مشروع القانون العضوي للمالية على البرلمان، طالما أن المدة التي تفصلنا عن عرض مشروع قانون المالية للسنة المقبلة لا زالت كافية لإحالة ومناقشة المشروع. * ولم يختلف موقف جبهة التحرير عن موقف رفيقه وغريمه في التحالف الرئاسي، التجمع الوطني الديمقراطي، بحيث فضل الناطق باسم الجبهة ونائبها في الغرفة السفلى، السعيد بوحجة، إرجاء فتح هذا الملف داخل البرلمان، إلى ما بعد نيل الحكومة الجديدة مصادقة البرلمان على خطتها للعمل، مبررا هذا الموقف بكون "البرلمان في عطلة إجبارية منذ المصادقة على الدستور الجديد"، وما تلى ذلك من تبعات تغيير صلاحيات وتسميات بعض المؤسسات الدستورية، الأمر الذي حتم على البلاد الدخول في "مرحلة انتقالية"، ينتظر أن تنتهي بمصادقة غرفتي البرلمان على مخططها للعمل بعد عيد الأضحى. * وعلى عكس مواقف أحزاب التحالف الرئاسي، يرى حزب العمال أن الخروقات الدستورية التي ما انفكت ترتكبها الحكومة، لم تنته عند رفضها للعمل بقانون ضبط صرف الميزانية، الذي يمكن النواب من تسليط آلياته الرقابية على الجهاز التنفيذي، بل تعداه إلى خروقات أخرى، مشيرا في هذا الصدد إلى الخرق المتكرر للقانون رقم 01/ 04 المتعلق بالخوصصة، والذي يفرض على وزير الصناعة وترقية الاستثمارات عرض حصيلة سنوية حول مسيرة الخوصصة، على البرلمان، وهو الأمر الذي دفع بالحزب كما قال، إلى تقديم مساءلة ضد وزير القطاع، بسبب هذا الخرق المتكرر، غير أن مكتب المجلس، وقف في طريق هذه المساءلة. * كما أكد نائب حركة النهضة، محمد حديبي، أن تماطل الحكومة في إحالة القانون العضوي للمالية على البرلمان، بعد تعليق العمل به منذ سنة 1984، يعني أنها "ماضية في تصميمها على حرمان المؤسسة التشريعية، من إحدى أهم آلياتها الرقابية، المتمثلة في مراقبة صرف المال العام، الأمر الذي حرم النواب من مناقشة علمية واعية لمشاريع قوانين المالية". * وقد سبق لكل من وزير المالية الأسبق، مراد مدلسي، أن أكد للصحفيين بمجلس الأمة في سنة 2005، أن مشروع قانون ضبط الميزانية جاهز على مستوى الأمانة العامة للحكومة، وأكد أن إحالته على البرلمان، أصبحت مجرد وقت فقط، وهو الأمر الذي أكده خليفته، كريم جودي، قبل أن يجدد رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية الحالية، التأكيد على أن الإحالة ستتم قبل انقضاء العام الحالي، غير أن شيئا من ذلك لم يتحقق، قبل حوالي شهر من اختتام الدورة البرلمانية الراهنة