عندما قرّرت حماس العودة إلى العمل المسلح والعمليات الاستشهادية، كرد فعل على التعنت الإسرائيلي والحصار العربي... * قالت إن هذا الخيار لا يعتبر في حقيقة الأمر "خيارا" وإنما هو اضطرار، لانسداد مسار العمل السياسي واستمرار معاناة غزة الجريحة وهي تعاني من حصار عربي إسرائيلي، وكان قرار وقف التهدئة والعودة إلى حمل السلاح في نظرهم الحل الأمثل الذي قد يميّز الفصل الجديد من فصول الصراع العربي الإسرائيلي. * لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، لاسيما بعد إعلان حماس هذا، هو هل سيكون خيار المقاومة المسلحة مجديا، وإلى أي حد، بعد ما حدثت متغيرات كثيرة على الساحتين العربية والدولية، وبعد ما فضّلت حماس خوض غمار اللعبة السياسية التي بدا أنها لم تؤت ثمارها المرجوة والمؤملة على الأقل. * حماس تريد بهذا التصعيد الحفاظ على صورتها التي أسرت بها قلوب الرأي العام العربي والإسلامي، صورة المقاوم الذي يثبت على الحق الذي تخلى عنه كثيرون من رفقاء السلاح في فتح، بعدما رموا أنفسهم في أحضان السلام الموهوم ومسارات أوسلو، ولكن هل ستنجح في ذلك؟ * لقد خاضت حماس في مسار سياسي محكوم باتفاقيات أوسلو، وقبلت الدخول في انتخابات أهّلتها لتمثيل الشعب الفلسطيني، لكنها بعد الحصار الذي فُرض على غزة، بأياد عربية وصهيونية معا، تشبثت بحقها السياسي ولو كان ذلك على حساب معاناة الشعب، في حين كان يمكن للتخلي، مرة أخرى، عن السياسة لتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني أن يزيد في رصيد الحركة، ولكن لا أحد يعرف ما يدور في أذهان قياديي حماس، وما هي الأهداف الإستراتيجية التي يرون أنهم حققوها في هذه السنوات. * حماس اليوم تبعث المقاومة المسلحة في ظل واقع عربي فقدت فيه كثيرا من أوراقها، فلم يعد لحماس أَلَقُها السابق في مصر والأردن على الأقل، فضلا عن دول الخليج العربي، ولم يعد لخيار العمل المسلح نفسه مناصرون، وربما كان سعي قيادات حركة المقاومة الإسلامية لتفنيد أي فصام داخلي وخارجي في الحركة يعكس أن هناك شيئا ما، وأن القرارات لم تعد واحدة وموحدة، بدليل استعصاء بعض فصائل الحركة المسلحة على الانصياع لأوامر القيادة، في منعطفات ميدانية خطيرة. * من حق المتتبعين اليوم أن يسألوا: كيف سيكون شكل "الجهاد" الجديد الذي ستعتمده حماس، وهل يوازي الرعب الذي يقع فيه ثلة من الصهاينة بسبب صواريخ تسقط على رؤوسهم، ولا تقتل غالبا، هل يوازي ذلك مئات الضحايا الذين يموتون بفعل الصواريخ الإسرائيلية؟ ومن سيتجرأ على دعمهم بعد ما "أحرقوا أوراقهم"، وما هو مصير غزة التي أضحت رهينة، بين الأصدقاء والأعداء؟