وضعت فصائل المقاومة الفلسطينية أمس حدا للتهدئة التي كانت سارية المفعول في قطاع غزة لمدة ستة أشهر كرد فعل مباشر على استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ضد سكان هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. وعاد الوضع في قطاع غزة إلى فترة ما قبل شهر جوان الماضي تاريخ توصل حركة حماس وإسرائيل إلى هذه التهدئة برعاية مصرية مما يعني عودة الاجتياحات والاعتداءات الإسرائيلية إلى القطاع الذي يعيش سكانه على وقع حصار مشدد منذ عدة أشهر. وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة حماس فجر أمس رسميا انتهاء التهدئة وقالت في بيان لها أمس "أن التهدئة انتهت ولن يتم تمديدها بسبب عدم احترام العدو الصهيوني لشروطها" وحملت الطرف الإسرائيلي مسؤولية تبعات ذلك. وحذرت كتائب عز الدين القسام إدارة الاحتلال الإسرائيلي من مغبة شن أي عدوان ضد قطاع غزة لأن ردها سيكون عنيفا وطويلا. وكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أعلنت بعد اجتماعها أول أمس مع عدة فصائل فلسطينية انتهاء العمل بالتهدئة التي سرى العمل بها مع حكومة الاحتلال يوم 19 جوان الماضي برعاية مصرية. من جانبها تبنت حركة الجهاد الإسلامي أمس عملية إطلاق ثلاثة صواريخ ضد مستوطنات إسرائيلية كرد فعل على استشهاد أحد عناصرها الأسبوع الماضي في الضفة الغربية. غير أن حركة حماس التي رفضت تمديد العمل بالتهدئة مع إسرائيل أكدت أنها لن تكون السباقة لشن أي هجوم على إسرائيل وهو الموقف نفسه الذي أكدت عليه إدارة الاحتلال في تلميح واضح أنها غير مستعدة للدخول في مغامرة عسكرية في قطاع غزة لا تستطيع تحمل عواقبها. وقال رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية السابق موشي يعلون أنه يتوجب على إسرائيل التحرك، لكن ليس ذلك معناه أنها مع فكرة استرجاع قطاع غزة ولكنه يمكن ضرب حركة حماس لإرغامها على التوقيع على التهدئة مثلما حدث عام 2004 عندما كانت الحركة في موضع ضعف. والحقيقة أن المسؤول الإسرائيلي السابق رفض الإقرار بأن إدارة الاحتلال تخشى من عواقب الدخول في حرب مفتوحة مع الفلسطينيين وهي التي لا تزال تتذكر جيدا هزيمة جيشها النكراء خلال عدوانها على لبنان صيف 2006 وهي الهزيمة التي زعزعت مكانة إسرائيل العسكرية كقوة أولى في المنطقة. والواقع أن انتهاء العمل بالتهدئة يعتبر بمثابة نهاية حتمية لعمليات القمع التي مارستها إدارة الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة والحصار المشدد الذي فرضته ضدهم طيلة فترة سريان مفعول التهدئة. وقد وجدت السلطات المصرية أمس نفسها في حرج بعد أن كانت لعبت دور الوسيط في توصل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى التوقيع على هذه التهدئة لكنها لم تفعل أي شيء لمنع تقتيل وتجويع الفلسطينيين في قطاع غزة. ودافعت عن موقفها الرافض لفتح معبر رفح الذي يربط الأراضي المصرية بقطاع غزة والذي يعد المتنفس البري الوحيد لسكان غزة بمبرر أن الوضع القانوني لهذا المعبر لا يسمح بفتحه. ورمت مصر بالكرة في ملعب الطرف الإسرائيلي بعدما حملته مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة باعتبارها قوة احتلالية. وذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان أمس، أن "الوضع القانوني لقطاع غزة يقوم على أنه جزء من الأراضي الفلسطينية التي ما تزال واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي". وجاء في البيان أنه "من شواهد الاحتلال أن إسرائيل لا تزال تسيطر على المجالين الجوي والبحري لقطاع غزة وعلى معظم حدوده ومنافذ خروج ودخول السلع والأفراد منه وإليه". ليس ذلك فقط؛ فقد حذرت وزارة الخارجية المصرية من أن أي "تجاوب مع الطرح القائل بأن القطاع يعد أرضا محررة يمثل تجاوبا مع المخطط الرامي إلى إلقاء عبء إدارة القطاع على الجار المتاخم له وهو مصر"، وأكدت أنه "أمر لا يمكن قبوله خاصة أنه يعد مخرجا مثاليا لإسرائيل من مأزق الاحتلال". وأكد البيان الرسمي للخارجية المصرية "أنه منذ جوان 2007 وفي أعقاب طرد أفراد السلطة الوطنية الفلسطينية من معابر القطاع وانسحاب المراقبين الأوروبيين، لم يعد الطرف الفلسطيني صاحب الأهلية القانونية في إدارة معبر رفح موجودا على الجانب الفلسطيني وهو ما يحتم على مصر الانتظار لحين عودة الطرف الفلسطيني الشرعي ذي الصلاحية القانونية لإدارة المعبر". من جهة أخرى خرج مئات الفلسطينيين في الضفة الغربية أمس في مظاهرة احتجاجية ضد جدار العار الإسرائيلي، ورمى المتظاهرون بالأحذية بدلا من الحجارة على الجنود الإسرائيليين على نفس طريقة الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي رشق الرئيس الأمريكي جورج بوش بحذائه الأسبوع الماضي. يذكر أن وقف العمل باتفاق التهدئة تزامن مع زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أمس للقاء الرئيس جورج بوش المنتهية عهدته.