سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نفايات وإشعاعات سامة وفضلات الشركات البترولية تهدد بقتل 10 آلاف رأس من الماشية بقلب الصحراء فتح تحقيقات أمنية عن الحادثة والمربون يشتكون ويطالبون بحماية ثرواتهم
فتحت مصالح الدرك الوطني تحقيقات أمنية معمقة بحاسي مسعود، حول تواجد نفايات ذات إشعاعات خطيرة وسامة، تعمدت بعض الشركات الأجنبية على رميها عقب انتهاء مشاريعها البترولية. وتزامن فتح هذه التحقيقات مع مطالبة المربين بحماية ثرواتهم الحيوانية بعد العثور عليها ميتة بسبب النفايات السامة. الغريب في الأمر أن جثث هذه الحيوانات تتحلل بسرعة فائقة، مما يثبت مدى خطورة المواد، فيما عشرات الماشية تموت على الطرقات بفعل سرعة جنون شاحنات نهب الرمال .. الشروق فتحت تحقيقا عن الظاهرة. * * عشرات الإبل وجدت مسمّمة و80 بئرا بتروليا تم تشميعها بسبب بعثها لمواد قاتلة * * لم يعد انتشار رائحة ''الجيفة '' والعثور على عشرات الحيوانات يثيرا الاستغراب، في مشهد أصبح يتكرر يوميا بين سكان منطقة حاسي مسعود، في ظل العثور على جثث الحيوانات وهي ممدة وميتة بعد تناولها لأعشاب رميت عليها نفايات سامة، أو شربها لمياه ملوثة ببقايا ما ترميه الشركات الأجنبية بعد تنقيبها عن النفط. وضع أدى إلى حدوث نزيف هام في الثروة الحيوانية بعاصمة النفط وحتى بالمناطق المجاروة لها. وأمام صمت المسؤولين والجهات المعنية، رفع عشرات المربين شكاواهم للسلطات المعنية من أجل التحقيق في موت ماشيتهم وتحلل جثثها بسرعة فائقة. * * .. جثث تتحلل في أقل من يومين بعد موتها * يتحدث مربو الإبل ل"الشروق اليومي" عن ظاهرة غريبة لم تحدث منذ أكثر من نصف قرن، بعد اكتشاف النفط في الحقول الجزائرية، إذ يتعلق الأمر بسرعة تحلل جثث الحيوانات، وفي هذا الصدد يؤكد أحد مالكي ومربي الإبل قائلا : "لم ألاحظ مرة واحدة في حياتي تحلل جثث الحيوانات الميتة بسرعة فائقة سيما في فصل الشتاء، حيث تختفي بمجرد مرور أيام قليلة لا تعد على الأصابع، حتى أننا قبل العثور عليها نجدها تحولت إلى هياكل عظمية بعد يومين من اختفائها دون تعرضها للافتراس من طرف حيوانات أخرى"، وأكد أكثر من مربي آخر "للشروق اليومي" أن هذه التأثيرات ناجمة عن مواد خطيرة بعد شرب الإبل لمياه ملوثة أو تناول أعشاب تحتوي مواد كيماوية قاتلة، وفي هذا الشأن أكد أحد المربين "أين ترعى حيواناتنا بعد أن تسمم النبات ببقايا ما ترميه الشركات الأجنبية .."، متسائلين عن انعدام الرقابة بعد رمي النفايات دون إعادة معالجتها في الصحراء. * ومما زاد من حدة التراكمات المرصودة يضيف آخرون تجاهل المسؤولين للأمر بالرغم من النداءات المتكررة. وإن كان مربو الإبل بورڤلة الأكثر تضررا، فإن نظراءهم بولايات إليزي، تمنراست، الوادي، غرداية والأغواط، لم تسلم إبلهم من هذه الكوارث، الشيء الذي يتطلب إجراء تشريح على بقايا النوق لمعرفة دواعي اختفائها في النقاط المحيطة بمنابع البترول، حيث عادة ما تستعمل الشركات مواد محظورة، وهي العمليات الوقائية التي تنتظر التطبيق، كما ويشكو المربون بولايات الجنوب من عدم تعويض الخسائر في رؤوس الأنعام. * * 10 آلاف إبل مهددة بإرهاب "شاحنات نهب الرمال" * إلى جانب المواد الكيماوية الخطيرة التي تهدد الإبل في نقاط عدة في الصحراء، فإن حوادث المرور بالطرق السريعة غالبا ما تساهم في انقراضها. ويتحدث شهود عيان "للشروق اليومي" أن سائقي شاحنات الوزن الثقيل التابعة للشركات المتجهة نحو مواقع ضخ المحروقات أو حتى تلك التي تقل مواد البناء والرمال، غالبا ما تقتل النوق منها الحوامل عمدا باستعمال مؤخرة المقطورة، وتزداد الحوادث خلال فترات الليل للتخلص منها خاصة لما تعترض طريقها، ومعلوم أن الإبل تتحرك في شكل قوافل جماعية يصعب توقيفها كما تعطل حركة المرور أحيانا ناهيك عن تسببها في حصد عشرات من الأرواح شهريا، وتوضح أرقام مصالح الحماية المدنية بورڤلة لوحدها هذا، حيث منذ سنة 1998 إلى غاية نهاية السنة الجارية قتل زهاء 366 شخص وجرح أزيد من 1833 بعد رصد 2442 تدخل في حوادث المرور، تشكل حوادث الإبل القسط الأكبر منها. * وتشير معلومات أكيدة وردت إلينا أثناء إجراء هذا التحقيق أنه يوجد حاليا في ربوع الصحراء أزيد من 10 آلاف رأس من الإبل أغلبها سائبة تملكها عائلات معروفة وتضع لها علامات مميزة لإحصائها سنويا، وأنه بمعدل ثلاث نوق تموت يوميا منها الحوامل، إما بسبب تناولها مواد خطيرة أو من جراء الحوادث القاتلة، بينما وقفنا على مقتل خمس جمال دفعة واحدة بالطريق الوطني الرابط بين عاصمة الولاية ومدينة تڤرت، حيث طالب المربون في هذا المجال بتسييج الطرق السريعة على غرار الدول الخليجية ومتابعة الشركات لتطهير الاماكن بعد الانتهاء من أشغالها. * * تشميع 80 بئرا بترولية قاتلة في عمق الصحراء * هذا وقد طالبت جمعيات تربية الإبل من الجهات المختصة وجوب طي قضية الآبار المكشوفة في الصحراء منها تلك الواقعة بالحدود كدائرة البرمة المحاذية للحدود التونسية، والإسراع في إغلاق أعداد أخرى موزعة في عدة نقاط، وذلك لما تخلفه من برك مائية ساخنة تسقط فيها عشرات من رؤوس الإبل وتسجيل خسائر بالجملة، وكانت مديرية الموارد المائية بورڤلة على سبيل المثال قد برمجت خلال هذا العام تشميع 80 بئرا بترولية موجهة في السابق لسقي الأراضي الزراعية أغلبها من إنجاز شركة سوناطراك أثناء رحلة البحث عن المحروقات مطلع السبعينيات، حيث غالبا ما تتركها للفلاحين ومربي الإبل في حالة عدم اكتشاف النفط، كما تمكنت ذات المصالح بالتنسيق مع مؤسسات خاصة مؤخرا من تشميع عدد من الآبار يصل عمق بعضها ل 1800 متر مؤثرة على البيئة بمبلغ يفوق 05 ملايير سنتيم للبئر الواحد يدفع من خزينة الدولة، على أن يشمل الإجراء بقية المواقع المحددة في الرزنامة السنوية لتجنيب البيئة أخطار محتملة على غرار ما وقع مطلع الثمانينيات بحوض بركاوي الواقع 30كلم عن مقر الولاية، وهو الحادث الايكولوجي الذي خلف أضرارا كبيرة وتصدعات أرضية عقب انفجار بئر ألبياني ساخن تشكلت على إثره فجوة عميقة تجاوزت 400 متر قطري وعمق 120 مترا.