المزابل..مصادر رزق عند آخرين عندما تصنف عواصم دول إفريقية فقيرة مثل غامبيا ورواندا كمدن أنظف من العاصمة الجزائرية، وعندما تتحدث التقارير عن عائلات تسترزق من النفايات في مزبلة وادي السمار التي تتوسط محيطا عمرانيا كثيفا يستنشق السكان فيه غبارا ملوثا بكل أنواع السموم. * * عندها لا بد من أن يدق ناقوس الخطر، لكي تتحرك الجهات ذات العلاقة بمجال النظافة، وتحدد المسؤوليات ابتداء من المواطن البسيط إلى أعلى مسؤول. * إن تناول موضوع المفارغ العمومية والسلوكيات السلبية لدى المواطن الجزائري في تعامله مع النفايات المنزلية وغير المنزلية، أصبح أمرا ضروريا خصوصا في ظل الانفجار الديموغرافي والفوضى المسجلة في مجال العمران وما صاحب ذلك من فوضى في تسيير النفايات بشكل تحولت فيه أحياؤنا إلى مفارغ مفتوحة لكل أنواع النفايات، لينتج عن ذلك ظهور أمراض أوبئة بدائية مثل الكوليرا والجرب وغيرها من الأمراض التي تعاملت معها الأمم الأخرى منذ قرون مضت وأصبح ذكرها مقصورا على صفحات التاريخ. * * عصابات مسلحة تفرض غرامة ب 100 دينار عن كل شاحنة تدخل المفرغة * 600 طفل متشرد يسترزقون من مزبلة واد السمار * فرض 100 دج على كل شاحنة تدخل إمبراطورية "الزبل" بواد السمار * أفادت مصادر مؤكدة ل"الشروق اليومي"، أن كل صاحب شاحنة تقوم برمي نفاياتها في المفرغة العمومية بواد السمار بالعاصمة مطالب بدفع مبلغ 100 دج لأشخاص يوجدون في مدخل المفرغة، وفي حال رفض السائق دفع "الجزية" يمنع من الدخول ويتعرض لإعتداء بالسلاح الأبيض. * وحاولنا الاستفسار عن هوية هؤلاء "الحراس" من طرف بعض العارفين بعالم مفرغة واد السمار، أنهم مجندون من طرف شبكة تنشط في هذا المكان وتقوم بابتزاز أصحاب الشاحنات الخاصة، حيث تتجاوز مداخليهم في اليوم الواحد 80 ألف سنتيم على خلفية أن عدد شاحنات النفايات المنزلية والصناعية التي تتوافد على المفرغة يتجاوز 80 شاحنة يوميا تتنقل من مختلف المناطق والأحياء، ونقل لنا سائق شاحنة لنقل النفايات الإستشفائية بالعاصمة، أن هؤلاء الحراس مسلحون بأسلحة بيضاء عصي و"هراوات"، منهم قصر يتميزون بالعنف مستفيدين من غياب القانون. * ولا يمكن الدخول بسهولة وحرية الى هذا المكان دون مرافقة من هؤلاء الحراس الذين يلزمون "الزائر" الى الكشف عن أسباب تواجده، ويمنع منعا باتا الوصول الى أسرار مملكة "الزبل" وتبقى المهمة محدودة جدا ،يبقى الدخول الى مقر وزارة أسهل بكثير من الدخول الى مفرغة واد السمار التي انطلقت منها أكبر التحقيقات الأمنية في قضايا الإجرام. * * قتل واغتصاب وتهريب بمفرغة واد السمار * في عام 2003، عثر أعوان النظافة على مستوى المفرغة العمومية بواد السمار على جثة طفل في الثانية من عمره مرمى داخل حقيبة بلاستيكية من الحجم الكبير ليتم إبلاغ مصالح الدرك الوطني، وسارع يومها أفراد الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني بالحراش لعين المكان، حيث انتشلوا الجثة واكتشفوا أنها جاءت في حاوية قادمة من أحد أحياء بلدية الكالتوس، تمكن الكلب البوليسي من تحديد مسكن الضحية بناء على ملابسه وفك خيوط أبشع جريمة في حق طفل تعرض للضرب المبرح من طرف والده الذي انزعج لبكائه الشديد بعد رفض إعطائه قارورة الحليب، في حين كان الوالد منشغلا برؤية أحد الأفلام المخلة بالحياء لينهال عليه ضربا الى غاية أن فارق الحياة بتواطؤ الأم التي ادعت بعد فبركة سيناريو اختطافه في المركز الصحي. * الجريمة ليست الأولى من نوعها، وعالجت مصالح الأمن العديد من القضايا انطلاقا من هذه المفرغة العمومية التي تعد المحطة النهائية لأغراض مادية وبشرية يتم التخلص منها في أحياء متفرقة، حيث تم مؤخرا بناء على بلاغ أعوان النظافة العثور على مسدس أوتوماتيكي يجري التحري بشأنه وقبلها سلاح من نوع كلاشينكوف وذخيرة حية، كما لم يكشف محققو الشرطة التابعون لأمن ولاية الجزائر عن نتائج التحقيق في العثور على كيس بلاستيكي يحوي حوالي 70 كغ من الكيف المعالج اكتشفه عون نظافة صباح جمعة داخل حاوية للقمامات المنزلية ببئر خادم، ورجحت التحقيقات الأولية، أن مروج المخدرات قام برميه في هذا المكان في ظل الملاحقات الأمنية لمهربي المخدرات في تلك الفترة الزمنية وتم التخلص من الكيس، لكن بعض الأوساط لم تستبعد أن يكون المروج اتفق مع شريكه على استرجاع الكيس في هذا المكان لعدم إثارة الشكوك. * * قمامات تكشف مستويات معيشة الجزائريين * ويتم في أغلب الأحيان، العثور على أجنة وجثث مواليد حديثي الولادة بعد التخلص منهم بحكم أنهم نتيجة علاقة غير شرعية، حيث يتم رمي الأجنة والمواليد في أكياس قمامة ليتم نقل الحاويات الى المفرغة العمومية بواد السمار التي تحولت الى فضاء مفتوح على كل التجاوزات والصفقات المشبوهة التي تجرى وتعقد وسط قمامات مختلفة تكشف المستوى المعيشي المتناقض للجزائريين الذين يرمون دجاجة "محمرة" لم يلمسوا إلا "جلدتها" وبقايا فاكهة تم قضم جزء منها وألبسة فاخرة وحتى أحذية، بينما لاتوجد في أكياس قمامات أخرى غير بقايا مأكولات. * وتتمتع المفرغة العمومية بواد السمار ب"سمعة" عالمية، وهي أقدم مفرغة عمومية في الجزائر يعود تاريخ وجودها الى سنة 1978 لتتحول اليوم الى إمبراطورية، حيث يتجاوز طول الأكوام الجبلية من "الزبل" علو 30 مترا وتتربع على مساحة 30 هكتارا غزتها القمامات، وتقوم حاليا شركة تركية بأشغال تهيئتها لتحويلها الى فضاء للترفيه بغلاف مالي يبلغ 65 مليون أورو، وكان المدير العام لشركة "نات كوم" قد كشف في تصريحات سابقة أن تهيئة جزئية لهذا المكان استهلكت ميزانية تجاوزت 80 مليون دج. * وتؤكد تقارير أمنية صادرة عن خلايا حماية البيئة والمحيط التابعة لقيادة الدرك الوطني وجود 18 بؤرة للتلوث على المستوى الوطني أو ما يسمى "النقاط السوداء" التي تهدد الصحة العمومية والمحيط البيئي، وأشارت دراسة ميدانية استغرقت حوالي سنة كاملة أعدتها خلية حماية البيئة لولاية الجزائر، أن المفرغة العمومية بواد السمار تشكل المصدر الأول للتلوث البيئي في الجزائر على خلفية التهديدات العديدة في هذه المزبلة التي تحولت في السنوات الأخيرة الى إمبراطورية توظف أكثر من 1000 شخص موزعين على مهام مختلفة. * ويشير التحقيق الى "إقامة" حوالي 600 قاصر تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و 18 عاما بصفة دائمة وسط القاذورات، أغالبهم ينحدرون من ولاية المدية، منهم ضحايا المأساة الوطنية و لإرهاب وآخرين من ضحايا التفكك الأسري وانفصال الوالدين، بينما فرّ العديد منهم من الفقر والجوع الى هذا المكان، ويلفت التحقيق الانتباه الى ارتفاع عدد أطفال "المزبلة" خلال العطل المدرسية بعد تنقل العديد من التلاميذ الى هذا المكان لجمع المواد القابلة للاسترجاع مقابل مبالغ مالية، وتحولت هذه المفرغة الى وجهة العديد من أرباب العمل في السنوات الأخيرة و"استقطبت" ضحايا التسريح ومخلفات سنوات العنف بعد أن أصبحت هذه الإمبراطورية توفر لهم مناصب عمل مؤقتة من خلال تفتيش أكياس القمامة التي يجمعها أعوان النظافة وتنتهي في هذا المكان. * * أحياء سكنية ومساحات تتحول إلى مجمعات للقمامات والحيوانات الضالة * البلديات ودواوين الترقية تتبادل التهم وتتهرب من المسؤوليات * تغرق أغلب العمارات والأحياء السكنية في الأوساخ والمياه القذرة، في وقت تشتد فيه حرب تبادل التهم ما بين المجالس البلدية ومصالح الدواوين العقارية، بخصوص على من تقع مسؤولية تنظيف الأماكن العامة والطرقات والمساحات المحيطة بالسكنات، في حين يظل المواطن ملزما بدفع ضريبة لا تقل عن 170 دج كل ثلاثة أشهر ضمن فاتورة الكهرباء، مقابل خدمات لا يستفيد منها، باستثناء المحظوظين الذين يقطنون الأحياء الراقية. * لم يكن من السهل البحث عن الجهة التي يقع عليها عاتق تنظيف المحيط، ليس بسبب عدم وضوح القوانين التي تبين مسؤولية كل طرف، وإنما بالنظر إلى تهرب بعض الجهات في القيام بالأدوار المنوطة بها، ويؤكد هذا اللبس واقع الأغلبية الساحقة للأحياء السكنية، التي تحولت إلى ما يشبه مجمعات للقمامة، وملاذ للجرذان والحيوانات الضالة، التي وجدت على ما يبدو مكانا آمنا ومناسبا للتكاثر والعيش في سلام، طالما أنه لا توجد أي جهة تتولى مطاردتها والقضاء عليها. * وتلقي المجالس البلدية باللوم الكامل على دواوين الترقية والتسيير العقاري، لأنها تعمل على زرع عمارات دون أن تتولى متابعتها فيما بعد، والحرص على نظافتها وكذا نظافة المساحات التي تحيط بها، وهي ترى بأن ما تتولاه من مسؤوليات مقارنة بالإمكانات الممنوحة لها، لا يتيح لها أبدا تولي مهمات أخرى لا تدخل ضمن نطاق مسؤولياتها، ومن ذلك نظافة العمارات، رغم أنها تتلقى يوميا شكاوى المواطنين، الذين لا يجدون أمامهم من حل سوى أن يطرقوا باب البلديات كي يصبوا جام غضبهم. * وقد كانت العمارات فيما سبق لا يتم تسليمها إلا بعد ما يتم تزويدها بمنظفة، تتولى نظافة السلالم ومراقبة العلب البريدية، مقابل راتب تتلقاه من دواوين الترقية والتسيير العقاري، غير أن هذه الثقافة غابت تماما وأضحت في خبر كان، وفي هذا الصدد يؤكد السيد ولاح نائب رئيس بلدية الدويرة بأن قابض البلدية لا يقبل أبدا أن يسدد فاتورة لا تتعلق بقائمة نشاطاتها، لذلك فهي تتفادى تنظيف مساحات غير تابعة لها، "ومع ذلك فإن المجالس البلدية تجد نفسها مجبرة في كثير من الحالات على ضمان نظافة المحيط، طالما أنها سلطة عمومية، ولا يمكنها أن تتهرب من الواقع وتغض بصرها على الفوضى التي تعم الكثير من الأحياء". * في حين أن دواوين الترقية والتسيير العقاري تعلل تهربها من تنظيف البنايات التابعة لها، على أساس أنها لم تعد ملكا لها، لذلك فإن السكان مجبرون على الاشتراك لاستقدام منظفة، في حين أن مثل هذه الخدمات مدرجة ضمن مبلغ الإيجار، ونذكر من بينها نظافة مداخل العمارات والمساحات المحيطة بها وكذا الإنارة. * * مفرغة وادي السمار تستقبل 3 آلاف طن يوميا * كشف مسير مفرغة واد السمار للشروق اليومي أنها تستقبل أزيد من 1000 شاحنة بشكل يومي، تزيد كمية النفايات فيها عن أكثر من 3000 طن من النفايات، وتختلف هذه الشاحنات بين عمومية وخاصة، وتحمل نفايات منزلية وأخرى صناعية، من بين أكثر البلديات التي ترمي نفاياتها داخل المفرغة بلدية "براقي"، ويرمي في المكان أكثر من 50 شركة خاصة تدفع مبالغ مقابل رميها للأوساخ، تتراوح حسب كمية النفايات، مقدرة ما بين 500 و600 دج للشاحنة، ولا يتوقف العمل بها ليلا، يمنع دخول النفايات السامة، لكن يصعب تحديدها، وتأتي على رأس الممنوعات "محركات الشاحنات" ومادة "لاميونت". * أنشئت المفرغة عام 1977/// /// وانتهت مدة صلاحيتها ولكنها لاتزال تستوعب لحد الساعة نفايات العاصمة، وتزيد مساحتها عن 32 هكتارا، كما يزيد علو النفايات فيها عن /// 150 /// مترا، وأدى ضغط النفايات السامة المتواجدة بمفرغة واد السمار إلى انفجارها مع نهاية شهر أوت من عام 2006 وتسببت في خسائر مادية معتبرة نتيجة تراكم النفايات. * ويسترزق الكثير من رواد "مفرغة واد السمار" من بيع الخردوات والمعادن، حيث ينهمك الكثير منهم تحت الشمس الحارقة وهو يستنشق نفاياتها السامة في البحث والتنقيب عما يمكن بيعه، فثمن الكيلوغرام الواحد من الحديد /// يقدر ب 6 دنانير///، فيما يقدر ثمن النحاس وهو أغلى مادة داخل البورصة ب 150 دج للكلغ الواحد، فيما يباع الألمونيوم بثمن 30 دج/// والبلاستيك ///ب 10دج/// وهو أكثر النفايات رميا في المفرغة، وحتى الزجاج يباع أيضا، ولا تندهشوا يتم العثور على ملابس وأواني حديدية يتم هي الأخرى بيعها في أسواق خاصة، يجمع الكثير من أطفال المزابل وحتى ممن لا يجدون عملا كميات لا بأس بها من مختلف هذه المعادن يتم إعادة بيعها من جديد لكسب بعض المداخيل، تختلف القيمة حسب قدرتهم على البحث وتحمل الرائحة، يصل ثمن مبيعاتهم في اليوم إلى حوالي 1500 دج، فيما يجمع آخرون في الشهر ما قيمته 30 ألفا.. في مفرغة السمار التي تجمع بداخلها الكثير من الشباب القادم من مختلف الولايات، وليس كل رواد المزابل شباب يبحثون عن الحديد أو النحاس، ففي مفرغة السمار مطاعم تعد أكثر من 07 وجبات ساخنة لحوالي 1000 شخص متواجد بداخلها تقدم وجبات ساخنة. * * الجزائر لا تتوفر على إستراتيجية وطنية لاسترجاع النفايات الصلبة * 64 منشأة لحرق النفايات الطبية للمستشفيات معطلة * 1.6 مليون طن من النفايات الصناعية الخطيرة مخزنة لدى المصانع * 3000 موقع للتفريغ بدون دراسة مسبقة وبدون احترام لأدنى شروط حماية البيئة * حذرت المديرية الفرعية للأمن الصناعي والبيئة بوزارة الصناعة، من الكوارث البيئية الناجمة عن الإزدياد المستمر للنفايات المنزلية والظهور المفاجئ للنفايات الصناعية السامة، وتفاقمها بسبب تمركز السكان على المنطقة الساحلية، حيث توجد المراكز الحضرية والمناطق الصناعية، وكذا بسبب النقائص المسجلة في البنى التحتية الموجودة والتي ليست قادرة على مواجهة التسيير البيئي للنفايات، مما نتج عنه تلوث المياه السطحية والمياه الجوفية بسبب التفريغ غير المنظم للنفايات. * وقالت المديرية، إن الجزائر من البلدان التي تعاني من مشاكل بيئية ناجمة عن غياب التكفل الصحيح بالنفايات، بسبب مشاكل تنظيمية، تقنية ومؤسساتية، فضلا عن غياب إطار تشريعي واضح، إلى غاية صدور القانون رقم 01.19 الخاص بالنفايات. * وقدرت المديرية كميات النفايات الحضرية المسيرة سنويا في الجزائر بحوالي 5,2 مليون طن، على أساس 1.2 كغ يوميا لكل نسمة حاليا مقال 0.65 كغ لكل نسمة سنة 1980. وتضيف المديرية أن عدد الوسائل الميكانيكية غير ملائم، حيث لا يجاوز سيارة واحدة لكل 7500 نسمة، وإجمالي عمال لا يتعدى 23 ألفا، مما جعل نسبة إزالة النفايات مقلقة جدا. * وقد بينت الدراسة المنجزة من طرف وزارة تهيئة الإقليم والبيئة وجود 3000 موقع للتفريغ على المستوى الوطني بدون دراسة مسبقة وبدون احترام لأدنى شروط حماية البيئة. * وأظهرت الدراسة الخاصة بمسح الأراضي المنجزة من طرف وزارة تهيئة الإقليم والبيئة في سنة 2002، أن الكميات المخزنة على مستوى المؤسسات بلغ 1.6 مليون طن من النفايات الصلبة، بسبب عدم توفر الوحدات الصناعية على وسائل معالجة النفايات التي تنتجها سنويا، وبينت نفس الدراسة أن الخطر الأكبر يأتي من حظيرة منشآت الحرق المتواجدة على مستوى المستشفيات، وعددها 236 وحدة، منها 64 عاطلة. * وتمثل الأدوية المنتهية الصلاحية، أكبر خطر على البيئة والصحة العامة في الجزائر، باعتراف رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص، مسعود بلعمري، الذي كشف أن وزارة الصحة لا تتوفر على إستراتيجية سليمة للتخلص من هذه الكميات من الأدوية التي تزداد كميتها سنويا بسبب لجوء شركات خاصة إلى استيراد كميات توشك على نهاية الصلاحية. * * استرجاع ورسكلة النفايات * سجل استرجاع وتثمين النفايات تأخرا ملحوظا في الجزائر، نظرا لغياب سياسة ملائمة لتطوير سوق النفايات. * وتقدر طاقة مناجم الاسترجاع ب1.5 مليون طن للنفايات الحديدية و90 ألف طن للنفايات غير الحديدية، تقدر الكمية المسترجعة والمرسكلة ب 20٪ فقط. فيما تقدر كمية الورق المسترجع ب150 الف طن، وتقدر الكميات المسترجعة والمرسكلة بحوالي 40.000 طن، من بينها 36.000 طن لإنتاج الورق و4000 طن لإنتاج "نخروب" البيض. * وتقدر كميات النسيج المسترجعة والمرسكلة ب55 ألف طن سنويا، مقابل 100 ألف طن من البلاستيك، وتقدر الكمية المسترجعة والمرسكلة ب 12.000 طن / سنويا. وتوجد 192 وحدة تنتج ما يعادل 2 مليون طن للتعليب من مادة البلاستيك، من بينها 4000 طن مسترجعة ومرسكلة فقط. * وتعرضت 400 مؤسسة عائلية للاسترجاع للتصفية، منذ أوت 2008 بسبب توقف وحدة تونيك عن شراء الورق المسترجع، ويقدر الدخل المتوسط للعاملين في نشاط الاسترجاع 60 ألف دج لكل عائلة. * وشهد نشاط استرجاع مواد الحديد والبلاستيك، ارتفاعا حادا خلال السنوات الأخيرة بفضل التسهيلات التي تمنح لشركات تصدير النفايات الحديدية وغير الحديدية، كون هذه المواد تدر دخلا محترما على جميع الأطراف المتدخلة في سلسلة النشاط، ويقدر سعر الكغ من خردة الحديد 120 دينار للحديد، مقابل 7 دج للورق والكارتون. * وتعد المفارغ العمومية وبعض الحظائر والورشات العمومية والخاصة، مسرحا مفضلا لنشاط استرجاع خردة الحديد والمواد البلاستيكية، ويبلغ سعر الكلغ من البلاستيك 60 دج، ويتم التركيز على بقايا السيارات والقطع الحديدية والأدوات الكهرومنزلية والكوابل المعدنية والألمونيوم الذي يبلغ سعر الكغ منه 90دج في المتوسط. * * عددهم 5 آلاف بالعاصمة بينهم إطارات وخريجو جامعات * عمال النظافة ضحايا الإبر والسموم التي ترميها المستشفيات * الجزائريون يلوثون محيطهم ب 42 ألف طن من النفايات يوميا * توظف مؤسسة "ناتكوم" أكثر من 5 آلاف عون يغطون 28 بلدية فضلا عن تكوينها ل1543 عون نظافة منذ تأسيس مديرية النظافة في سنة 2007 من بينهم إطارات في تقنية معالجة النفايات والحماية من الأمراض المتنقلة عبر الأوساخ، ويبلغ معدل النفايات المجمعة من قبل المؤسسة 790 ألف طن سنويا في حين خصصت ولاية الجزائر غلافا ماليا يتجاوز 150 مليار سنتيم لإعادة تجهيز المؤسسة بشكل دوري. * ويشتكى أعوان النظافة من المضايقات اليومية التي يتعرضون لها، مشددين على أنهم أعوان نظافة وليسوا "زبالين" كما ينعتهم الكثير، إلا أن الخطر الكبير يتمثل في الإبر والسموم التي تحويها النفايات، خاصة نفايات المؤسسات الإستشفائية التي لا تحترم رمي مثل هذه النفايات السامة في الأماكن المخصصة لها، حيث ذكر أحد عمال النظافة أن زميلا له فقد بصره بسبب مادة سائلة تطايرت إلى عينه أثناء حمله لنفايات بجوار مؤسسة استشفائية. * ويُخلّف الجزائريون أكثر من 42 ألف طن من النفايات يوميا، أي بمعدل 1.2 كلغ للفرد الواحد، في حين يبلغ حجم النفايات في العاصمة التي تتكفل بجمعها مؤسسة "ناتكوم" 1800 طن يوميا ليرتفع العدد إلى أكثر من 2100 طن يوميا في الصيف ومواسم الأعياد. * أكد المدير العام لمؤسسة "ناتكوم" لرفع النفايات المنزلية والنظافة لولاية الجزائر أن 50 بالمائة من سلسلة النفايات أو المزابل العمومية تُسرق من شوارعنا بشكل دوري وهو ما يكلف المؤسسة خسائر تقدر بأكثر من خمسة ملايير سنتيم، مشيرا إلى أن العائق الكبير الذي كان يعيق مهمة إبقاء العاصمة نظيفة هو عدم احترام المواطن لمواعيد النفايات، وكذا الرمي العشوائي ليتطور الأمر إلى التعدي على ممتلكات المؤسسة من خلال السطو على وسائل التنظيف والجمع من سلل وحاويات ما يزيد من صعوبة مهمة أعوان النظافة لمؤسسة "ناتكوم". * وأرجع بعض أعوان النظافة الذين تقربت "الشروق اليومي" منهم أثناء أداء مهامهم في شوارع العاصمة أن العديد من المواطنين يسرقون سلل النفايات الكبرى ليُحولوها إلى براميل يجمعون فيها المياه في ظل الانقطاع المتكرر للماء الشروب في الحنفيات. * * صور صادمة لمواطنين يقذفون أكياس القمامة من الشرفات * بمجرد الخروج من العمارة تقابلك حاوية كبيرة من القمامة تحيط بها أكوام من النفايات المتعفة إلى حد خروج الدود منها، لتزحف نحو المارة في الشارع، وذلك بسبب الرمي العشوائي من طرف المواطنين لأكياس "الزبالة" وشيئا فشيئا يتحول المكان إلى مفرغة عمومية تنبعث منها الروائح الكريهة التي تصيب المارة بالغثيان... * "الشروق اليومي" قامت بجولة في العاصمة، وتوغلت داخل الأحياء الشعبية ببلكور وباب الوادي والعقيبة وديار المحصول بالمدينة والسمار والحراش وبن جراح وميسونيي على بعد أمتار فقط من ديدوش مراد، والتقطت صورا صادمة لأكوام القمامة المنزلية الملقاة بطريقة عشوائية وغير حضارية، وصورا صادمة لمواطنين يقذفون أكياس القمامة من بعيد بطريقة عشوائية، أو من النوافذ والشرفات بساحة أول ماي بقلب العاصمة. * يضاف إلى ذلك قنوات الصرف العارية التي تغرق الأرصفة بالقاذورات، وتبعث روائح كريهة يتقزز منها المواطنون، الذين يعتبرون في الوقت ذاته المواطن المتسبب الرئيسي في هذه الكارثة البيئية بسبب السلوكات غير الحضارية التي أصبحت تشكل خطرا على صحة المواطن وتنذر بكارثة وبائية رغم الإجراءات الوقائية التي تقوم بها المصالح البلدية التي تسعى جاهدة لتنظيم هذه الأحياء الشعبية دون جدوى. * الرمي العشوائي للنفايات كان في السابق يقتصر على التجمعات السكانية الفوضوية، غير أن الظاهرة توسعت لتنتشر حتى في التجمعات السكانية في قلب العاصمة، وحتى في بعض الأحياء الراقية التي تحوّل البعض منها من النقيض إلى النقيض. * وقد رصدت الشروق سكان عمارات ساحة أول ماي يلقون رزما وأكياسا من القمامة من الطوابق العليا للعمارات لتسقط على رؤوس المارة، مما جعل المواطنين يخشون المرور تحت شرفات هذه العمارات. * وزاد من تعفن هذه الشوارع في ساحة الشهداء فضلات مختلف المحلات التجارية المتراكمة في مختلف أماكن رمي القمامة، الروائح الكريهة المنبعثة من مواضع القمامة وبالوعات صرف المياه التي لم يتم معالجتها في وقتها، إضافة إلى الإنكسارات المتكررة لقنوات المياه القذرة التي تبعث مياهها إلى سطح الطبقة الإسفلتية عبر شوارع وأحياء بلكور وميسونيي ورويسو. * بالإضافة إلى الانتشار الرهيب للباعة المتجوّلين بساحة الشهداء بالعاصمة وباش جراح، وميسونيي بالجزائر الوسطى، وبزيطة بباب الوادي، وبن عمر، وما يخلفونه من بقايا السلع والبضائع التي يقومون بتسويقها بطريقة فوضوية. * * تقارير أمنية تشير الى أن وهران، عنابة، ورقلة الأكثر تلوثا * العاصمة الجزائرية أقذر من بومباي والقاهرة وكيغالي * يتصدر عدم احترام النظافة أهم المخالفات التي سجلتها مختلف مصالح الأمن في إطار مهامها لحماية المحيط، وتتمثل أساسا في عدم احترام قواعد النظافة ورمي النفايات المنزلية والإستشفائية دون مراعاة أدنى شروط الصحة والبيئة، وتشير المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي"، أن التجاوزات المتعلقة بعدم احترام قواعد النظافة تتجاوز القضايا المتعلقة بمخالفة العمران والبناء غير الشرعي والمخالفات المتنوعة الأخرى. * وتعد المدن الكبرى من أقذر الولايات على المستوى الوطني نظرا للكثافة السكانية، حيث تأتي العاصمة في الترتيب الأول، إذ صنفت مجموعة "اوربان كلين اونفيرونانت" الجزائر العاصمة في المرتبة الثالثة من حيث القذارة بعد مدينة "بانجول" في غامبيا و"كيغالي" في رواندا وهي من الدول الإفريقية التي تعاني من الفقر وانتشار الأوساخ والأمراض بسبب المجاعة والحروب. * ودفع تدهور الوضع البيئي بشكل خطير خلال سنوات الإرهاب والعنف في ظل انشغال مصالح الأمن بمكافحة الإرهاب الى إنشاء مصالح خاصة لحماية المحيط بعد استقرار الوضع الأمني وعودة أجهزة الأمن الى مهامها التقليدية، وفي هذا السياق، استحدثت قيادة الدرك الوطني 4 خلايا لحماية المحيط والبيئة على مستوى القيادات الجهوية للدرك بالعاصمة، وهران، ورقلة، عنابة، بالنظر الى حجم التجاوزات والمخالفات البيئية بهذه المدن الكبرى 2004. * وتتمثل مهام هذه الخلايا في حماية البيئة من ساحل وإقليم إضافة الى مراقبة وتسيير النفايات الصناعية والمنزلية ورفع تقارير دورية للجهات المختصة حول الوضع البيئي والتهديدات. * ويشير تقرير أعدته خلية الاتصال بقيادة الدرك الوطني حول النشاط السنوي لمختلف خلايا حماية البيئة متوفر لدى "الشروق اليومي" الى قيامها بتنفيذ 727 عملية مراقبة وتفتيش للمفرغات العمومية أهمها المفرغة العمومية بواد سمار ومفرغة بابا علي بالعاصمة إضافة الى مراقبة تسيير النفايات الإستشفائية على مستوى المؤسسات الإستشفائية ومراقبتها وإزالتها ومراقبة الوديان والشواطئ، خاصة فيما يتعلق برمي الأوساخ ونهب الرمال، كما قامت ذات الخلايا ب266 عملية تتعلق بأخذ عينات من الماء والأسماك الميتة. * من جهتها، قامت المديرية العامة للأمن الوطني بإعادة تنشيط شرطة العمران وحماية البيئة كانت متواجدة منذ سنة 1984 قبل تجميد نشاطها بداية جويلية 1991بسبب اندلاع أعمال العنف. * وتنفيذا لتعليمات وزارة الداخلية، تم إعادة تنشيط هذه الوحدات بإنشاء أول فصيلة سنة 1997 في العاصمة و توسيعها عام 1999 على كافة الدوائر التابعة لها، وبداية أفريل 2000، تمت إعادة تنشيط هذه الوحدات على مستوى أهم المدن الكبرى للوطن بوهران، قسنطينة، عنابة قبل تعميم هذه الفرق على المستوى الوطني. * * أطنان من الأطعمة والحلويات أمام منازل الأحياء الراقية * بغرض المقارنة بين وضعية الأحياء الشعبية ووضعية الأحياء الراقية، قامت "الشروق اليومي" بجولة قصيرة في الأحياء الراقية بالعاصمة... حيدرة، بن عكنون وبعض أحياء الشراقة والمرادية وبئر مراد رايس، أين لاحظنا أن فرق عمال النظافة لا توقف عن العمل والطواف في الشوارع ليل نهار، 24 ساعة على 24 ساعة، لجمع أي "قشة" تسقط على الأرض، ولا تنتشر في هذه الأحياء إطلاقا ظاهرة رمي أكياس الزبالة من الشرفات والنوافذ في الأحياء الراقية، لأن سكان الفيلات حريصون على جمال ونظافة فيلاتهم، ولكن رصدنا ظاهرة غريبة في هذه الأحياء، لكون معظم سكان هذه المناطق يملكون حدائق، حيث يقوم هؤلاء بتصفيف وتقليم أشجار الحديقة دوريا، ثم يقومن بإشعال النار لحرق بقايا الأغصان الناتجة عن ذلك، مما يتسبب في تصاعد دخان كثيف من حدائق بعض الفيلات خاصة، يتسبب في الإختناق بالنسبة للمرضى والأطفال... ومع ذلك لوحظ أن بعض العائلات تلقي بأطنان من أغصان الحديقة المنزلية في الشارع، ويضطر عمال النظافة إلى حملها، يضاف إلى ذلك "أطنان من الطعام الزائد والحلويات والفواكه والأثاث القديم والأواني المهشمة أو القديمة التي يتخلى عنها الأثرياء فيلقون بها في المزابل".