كشفت دراسة أعدتها وزارة الداخلية الفرنسية، حول المهاجرين الأجانب الذين يقيمون على أراضيها وسبل إدماجهم اقتصاديا واجتماعيا في المجتمع الفرنسي، أن أكثر من نصف التحويلات المالية للجالية الجزائرية باتجاه بلادها، تتم بطريقة غير شرعية وخارج نطاق القانون، ما يعني ضياع مورد هام من العملة الصعبة على الخزينة العمومية. * وبيّنت هذه الدراسة التي أوكلت مهمة إنجازها للجنة خاصة سميت "لجنة التوجيه"، وأسندت رئاستها للخبير شارل ميلهو، أن تحويلات الجالية الجزائرية، تأتي في المرتبة الأولى، بقيمة إجمالية بلغت 3.15 مليار أورو، منها مليار و800 مليون أورو تم تحويلها باتجاه الجزائر بطريقة غير شرعية، في حين لم تتعد قيمة التحويلات التي تمت بطريقة نظامية إلى البنوك والمؤسسات المالية التي تعمل وفق القانون، مليار و150 مليون أورو. * وقدرت الدراسة ذاتها، عدد الجالية الجزائرية المقيمة بفرنسا، والتي حولت المبلغ المذكور، بمليون و200 ألف نسمة موزعة عبر مختلف المدن والأقاليم، وذلك بالاعتماد على المعلومات المستقاة من المصالح البنكية الفرنسية، التي وضعت تحت تصرف اللجنة التي أعدت هذه الدراسة. * وفسّرت الدراسة طغيان التحويلات غير الشرعية على التحويلات النظامية عند الجالية الجزائرية، بالعروض التي توفرها السوق الموازية للعملة الصعبة، والتي تقدم أسعارا مرتفعة للعملات الأجنبية المتداولة محليا، مقارنة بتلك التي تعتمدها البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية الجزائرية، التي فقدت هامشا معتبرا لصالح السوق المالية الموازية والتي في مقدمتها سوق بورسعيد بالعاصمة، التي أضحت برأي المتتبعين بورصة حقيقية للأوراق المالية خارج نطاق المراقبة. * وجاءت الجزائر في المرتبة الأولى من حيث قيمة التحويلات التي قامت بها سبع جاليات أجنبية، أغلبها تنحدر من أصول إفريقية، وبالضبط من رعايا المستعمرات الفرنسية السابقة، مثل الجاليات المغربية والتونسية والمالية والسنغالية.. متقدمة على الجالية المغربية التي بلغت قيمة تحويلاتها من العملة الصعبة من فرنسا باتجاه المغرب، ملياران و130 مليون أورو (ما يمثل 5.10 بالمائة من قيمة الناتج الداخلي المغربي الخام)، قامت بتحويلها جالية يقدر عدد أفرادها بمليون نسمة. * وبحسب الدراسة ذاتها، فإن طغيان التحويلات خارج القانون تبقى السمة المميزة لتحويلات الجالية الجزائرية دون غيرها، بدليل أن قيمة التحويلات الشرعية طغت على غير الشرعية بالنسبة للمغاربة، الذين قاموا بتحويل مليار و350 مليون أورو من مجموع مليارين و130 مليون أورو، بطريقة نظامية إلى البنوك المغربية، في حين أن 530 مليون أورو فقط تم تحويلها بطريقة غير شرعية. * وجاءت تحويلات الجالية التونسية المقيمة بفرنسا، والتي يبلغ عددها 400 ألف نسمة، في المرتبة الثالثة، بقيمة 840 مليون أورو (ما يمثل 3.60 بالمائة من حجم الناتج التونسي الداخلي الخام)، منها 560 مليون أورو تم تحويلها بطريقة شرعية إلى البنوك التونسية، مقابل 280 مليون أورو فقط تم تحويلها بطريقة غير نظامية.