السيد جمال عيسى ممثل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في اليمن رفقة صحفية الشروق اعتبر السيد جمال عيسى، ممثل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في اليمن، في هذا الحوار أن التحدي الجديد الذي فرض على المقاومة بعد العدوان الأخير على غزة يتمثل في كيفية مواصلة تأمين السلاح ودخوله إلى القطاع في ظل المساعي الدولية لغلق كل المنافذ. وكشف جمال عيسى، وهو عضو في المكتب السياسي لحماس قبل مغادرته الجزائر أن حركته بحوزتها معلومات عن تورط عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في التنسيق مع العدو خلال عدوانه. * * كشفت حركة حماس قبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن وثائق قالت إنها تثبت تورط جهات في السلطة الوطنية الفلسطينية في التجسس لصالح إسرائيل، هل استمرت مثل هذه العمليات خلال العدوان، وما علاقة ذلك باغتيال وزير الداخلية السابق سعيد * صيام؟ * - موضوع التجسس قديم جديد، ومنذ أن فازت حركة حماس بالأغلبية البرلمانية لم يسمح لها عمليا أن تستلم السلطة، وبعد الأحداث المؤسفة التي وقعت في جوان 2007 وخروج الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة من قطاع غزة تحصلت حركة حماس على وثائق تثبت بأنه كان هناك تنسيق أمني بين الأجهزة التابعة للرئيس محمود عباس والاحتلال الإسرائيلي وبرعاية أمريكية وبدعم من بعض الأطراف الإقليمية، بحيث لا تعطى حركة حماس الفرصة لإدارة السلطة. وفشلت كل محاولات الانقلاب على حماس وحكومتها سواء بالتمرد الأمني والعصيان أو الحصار، وكان لا بد أن يتدخل العدو الإسرائيلي بنفسه في حملة عسكرية أعلن هو عن أهدافها وهي: إزالة حركة حماس من الحكم ومصادر الصواريخ والمقاومة، لأنهم لا يريدون سلطة تقاوم وإنما سلطة مستسلمة.. * وبالنسبة لعمليات التجسس خلال العدوان الأخير على غزة فإن حماس لديها أشرطة فيديو مصورة واعترافات موثقة من عناصر تابعة للأجهزة الأمنية الموالية للسلطة في رام الله تفيد بأن هذه العناصر شاركت في عمليات أمنية ضد المقاومة خلال العدوان. وهناك عناصر أمنية مرتبطة بقيادات موجودة حاليا في رام الله كانت قد أطلقت النار على المقاومين في غزة وقتلت منهم ثمانية من كتائب عز الدين القسام، والجناح العسكري لحركة فتح. وبدورنا نحن نتساءل في حركة حماس هل هؤلاء عملاء مرتبطين مباشرة بالاحتلال الصهيوني أم أنهم يعملون لصالح الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في رام الله، أم هم عناصر تستغل اسم حركة فتح للتوريط بينها وبين حركة حماس. على كل هذه التساؤلات ستكتشف إجاباتها وحقيقتها من استكمال التحقيقات في هذا الموضوع.. * * * وهل اغتيال سعيد صيام تمّ بناء على تورط العناصر التي كنت تتحدث عنها؟ * * - الشهيد وزير الداخلية سعيد صيام كان مسؤولا عن الأمن، وبعد أن اغتالت طائرات الاحتلال قائد الشرطة ونائبه ودمرت مقرات وزارة الداخلية أصبح وزير الداخلية يتحرك بنفسه من مكان إلى مكان آخر ويشرف على الخطة الأمنية في قطاع غزة، ولكن لدينا معلومات أولية تفيد بأن الاحتلال رصد تحركات الشهيد صيام وعرف مكان تواجده من خلال خدمات بعض المشبوهين، وما زلنا في حركة حماس نتحرى عن حقيقة هذه المعلومات والأخبار. وأعتقد أنه ليس من مصلحة السلطة التابعة لمحمود عباس التورط في هذا النوع من العمليات، وعلى كل حماس لا تتهم بدون دليل كافٍ وستواجه الجميع بالحقائق عندما تستكمل التحريات والتحقيقات.. * * * بعض التقارير الإخبارية كانت قد تحدثت عن عمليات إعدام نفذتها حركة حماس ضد متورطين مع الاحتلال خلال الاحتلال الأخير، هل هذا صحيح؟ * * - نحن ننفي ذلك، لأننا لا نسمح بسفك الدماء الفلسطينية، وكل من لديه دليل بهذا الخصوص عليه أن يقدمه بدل أن يكيل الاتهامات، وكما قلت لك حماس تقوم حاليا بالتحقيق والتحري في المعلومات التي بحوزتها وستكشف للرأي العام الفلسطيني عن الحقائق عندما يحين الوقت.. * * * هناك تحركات دولية لوقف "تهريب" السلاح إلى غزة، هل سيكون لذلك تأثير على أداء المقاومة الفلسطينية داخل القطاع؟ * * - أسلحة المقاومة موجودة والصواريخ التي تطلق على الاحتلال موجودة ولم تتأثر من العدوان الأخير على قطاع غزة، بل إننا مستعدون لمواجهة أي عدوان قادم. وأسلحة المقاومة هي فلسطينية مائة بالمائة وبعضها تمّ إدخالها إلى فلسطين عن طريق الأنفاق. وما دام أن الاحتلال موجود على أرضنا سنبقى نقاوم، والحصول على السلاح هو أيضا جزء من المقاومة. وعلى كل لم يحصل الفلسطينيون خلال مقاومتهم للاحتلال على السلاح بإذن رسمي عربي، بل دائما فرض علينا الحصار والمصادرة، والذي يحدث اليوم هو أن الاحتلال الإسرائيلي أراد الخروج من هزيمته باتفاق مدعوم دوليا للحصول على الأمن والأمان.. * * * ولكن كيف ستواجهون الوضع وفرنسا سارعت على سبيل المثال إلى إرسال فرقاطة لتشديد الرقابة على دخول السلاح إلى القطاع؟ * * - كما قلت لك، نحن نعتبر محاولات منع السلاح عن المقاومة في غزة بمثابة تحد جديد لنا، وسنواجهه بوسائلنا الخاصة. أما بخصوص فرنسا فهي تورط نفسها بدعمها للجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني ضد الفلسطينيين. ما تفعله فرنسا ورئيسها نيكولا ساركوزي يضعها في خانة الدول المعادية للأمم، وهذا يتنافى مع مبادئ الثورة الفرنسية وحقوق الإنسان. ويفترض من القوى الكبرى المعنية بالسلام في منطقة الشرق الأوسط أن تعمل على تحقيق العدالة وليس على تكريس الظلم والاحتلال.. * * * ما مدى حجم الخسائر التي لحقت بالمقاومة جراء العدوان الأخير؟ * * - المقاومة لها وجهان، الأول يتمثل في صمود الأهالي داخل قطاع غزة والتفافهم حول المقاومة، بالإضافة إلى القدرة القتالية للمجاهدين، وقد ارتكب العدو مجازر ومذابح ضد الشعب الفلسطيني حتى ينتفض هذا الأخير ويوقف دعمه للمقاومة، وقد دفعنا 1500 شهيد وأكثر من خمسة آلاف جريح خلال العدوان. والشق الثاني يتعلق بالمقاومة، حيث أن خسائرها محدودة جدا ولم تفقد المقاومة من كل الفصائل سوى أقل من مائة شخص في صفوفها. والسبب يكمن في التكتيكات الجهادية الجديدة واستخدام حرب الكمائن والأنفاق وعدم الخروج إلى العراء والمناطق المكشوفة، كما أن عتاد وأسلحة المقاومة لم تتأثر والصواريخ التي تخيف الاحتلال لم تمس بسوء.. * * * ما تقييمكم للدور المصري خلال وبعد العدوان؟ * * - العرب أهلنا وجيراننا، وهم أولى الناس بحمايتنا ومساعدتنا للتخلص من الاحتلال الصهيوني. ونحن نريد من مصر أن تكون دولة كبيرة بوزنها وتاريخها، ونحن حاليا نساعدها ولا نقبل الدخول معها في خصومة، لأن عدونا واحد ومعروف وهو الاحتلال الصهيوني. أحيانا تمارس مصر وساطات من أجل خدمة شعبنا، ولكن العدو الصهيوني لا يحترم مصر ويضعها في مواقف حرجة يستفيد منها على حساب شعبنا الفلسطيني. وأقول لك إننا في حركة حماس نأمل أن تصبح مصر قوة ضاغطة على الاحتلال تجبره على وقف جرائمه ضد الفلسطينيين، والأهم أيضا أن تجبره على فتح المعابر، وبالتحديد معبر رفح ليكون عربيا عربيا، أي خارجا عن السيادة الإسرائيلية. * كما نتوقع من مصر أن تلعب دورا متوازنا على مستوى الحوار الفلسطيني الفلسطيني حتى تنجح في وساطتها، بمعنى أن تتعامل مع جميع الفصائل على قدم المساواة والاحترام المتبادل لا أن تقف إلى جانب جهة فلسطينية على حساب جهة أخرى، وهو ما يجعلها تفشل في مساعيها.. * * * خالد مشعل فجّر مؤخرا ما يشبه القنبلة بخصوص منظمة التحرير، هل تريد حماس بديلا عن هذه المنظمة؟ * * - نحن حريصون على منظمة التحرير الفلسطينية، ولكننا نطالب بإصلاحها وإعادة تفعيلها، وطالبنا بذلك في مارس 2005، ولكن منذ ذلك الوقت رئيس السلطة محمود عباس لم يقم بأي جهد في هذا الاتجاه في الوقت الذي التقى على سبيل المثال 120 مرة مع المسؤولين من العدو. * بعد العدوان الأخير على قطاع غزة أصبح من حقنا ومن حق فصائل المقاومة الأخرى أن تتساءل عن القيادة وعن المرجعية، ومن هذا الباب نتحرك ونفكر ونقدم اقتراحات لمعالجة أوضاع الفلسطينيين. ونحن نقول إن الكرة الآن هي في مرمى منظمة التحرير الفلسطينية، فإما أن تقود الشعب على أسس جديدة وتسمح بإصلاحها وتفعيلها، وإما أن تتخلى عن قيادة الشعب الفلسطيني لصالح المقاومة من أجل تحرير الأرض والشعب من الاحتلال الصهيوني الغاصب.. * * هل تتوقعون أن تجلس حركتا فتح وحماس على نفس الطاولة بعد الذي حصل بينهما؟ * - لا بديل عن الحوار الفلسطيني الداخلي، ولكن بشرط أن يحترم الطرف الآخر حركة حماس ووزنها السياسي والمقاوم وانتصاراتها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير. * ومن جهتنا نرحب بأي دعوة لمواصلة الحوار والتكامل من أجل تحقيق الأهداف العليا للشعب الفلسطيني..