أجمعت الفصائل الفلسطينية في سوريا على ضرورة تعديل المبادرة المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة كي تصبح مقبولة. وضمن هذا السياق ذكرت مصادر مقربة من حركة حماس أن وفدها سيسلم المسؤولين في القاهرة اعتراضات على بعض بنود المبادرة المصرية ذات الصلة بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وسط نفي الحركة القاطع وجود خلافات داخلية بشأن المبادرة. فقد نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر سياسية لبنانية قريبة من حماس قولها أن وفد الحركة الذي عاد الاثنين إلى القاهرة سيسلم مدير المخابرات المصرية الوزير اللواء عمر سليمان الثلاثاء اعتراض حماس على ثلاثة بنود رئيسية وردت في إطار المبادرة المصرية. ووفقا لهذه المصادر، لم توافق حماس على تهدئة طويلة الأجل تمتد سنوات مع رفضها القاطع لأي وقف لإطلاق النار لا يرافقه انسحاب فوري للقوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها مؤخرا في قطاع غزة ورفع الحصار، فضلا عن رفضها لفكرة نشر قوات دولية. وقال المصدر إن حماس مستعدة لمناقشة آلية لفتح حدود غزة مع مصر عند رفح، لكنها غير مستعدة لقبول مراقبين دوليين هناك. وفي نفس السياق نسبت صحيفة الوطن السعودية إلى قيادي بحماس مقيم في دمشق قوله: إن الحركة ترفض العودة لاتفاق المعابر الموقع عام .2005 وتشدد على ضرورة الخروج بصياغة جديدة تأخذ بالاعتبار اقتراحات سبق لحماس أن قدمتها إلى مصر لإدارة معبر رفح في إطار ترتيبات مشتركة مع السلطة الفلسطينية. واعترف القيادي - وفقا للصحيفة - بوجود خلاف بين موقف حماس والقاهرة حول بعض النقاط أهمها الهدنة الدائمة ووجود دولي على الحدود بين مصر والقطاع بالإضافة إلى مسألة ضبط السلاح. وكان رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية أعلن في خطاب متلفز الاثنين استعداد الحركة للتعامل بإيجابية مع كافة المبادرات السياسية التي تحقق للشعب الفلسطيني مطالبه الأساسية المتمثلة بوقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي ورفع الحصار وفتح المعابر. من جانبه نفى ممثل حماس في لبنان ما تردد من أنباء عن وجود مواقف خلافية بين قيادة الحركة في الداخل والخارج بشأن المبادرة المصرية، معتبرا أن ذلك يأتي في إطار الحرب النفسية التي تشنها إسرائيل على حماس في سياق عدوانها المستمر على غزة.وأكد أسامة حمدان في تصريح للجزيرة وجود توافق كامل بين قيادات الحركة على ضرورة الصمود في أرض المعركة، مشيراً إلى أن أداء المقاومة في الميدان يعكس هذا التوافق. كما أوضح أن وفد الحركة الذي أجرى مفاوضات مع الحكومة المصرية حول مبادرتها سيعود إلى القاهرة بعد التشاور مع قيادة حماس في دمشق، حاملاً معه مطالب الحركة بشأن تغيير المبادرة.وجاء تصريح حمدان ردا على أنباء ترددت بشأن وجود خلافات داخل قيادة حماس تعطل الاتفاق معها بشأن تنفيذ بنود المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة. وكان وفد حماس الذي يتفاوض مع المسؤولين المصريين بشأن مبادرة القاهرة قد عاد الاثنين إلى العاصمة المصرية قادما من دمشق حيث نقل إلى رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل نتائج مباحثات الوفد مع الوزير سليمان. وقال مسؤولون: إن الوفد الذي وصل دمشق يضم محمد نصر وجمال أبو هاشم عضوي المكتب السياسي لحماس واللذين سينضمان إلى عضوي الحركة عماد العلمي وأيمن طه الموجودين بالقاهرة. كما عاد إلى القاهرة الاثنين أحمد داود أوغلو مستشار رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على طائرة خاصة قادما من دمشق بعد زيارة استغرقت يومين أجرى خلالها مباحثات مع قادة حماس والمسؤولين السوريين حول المبادرة المصرية . وكانت الفصائل الفلسطينية في سوريا قد أجمعت على ضرورة تعديل المبادرة المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة كي تصبح مقبولة. ولم يتم الكشف رسميا عن نص المبادرة، لكن يتم الحديث عن نقاط رئيسية تتضمن وقف إطلاق النار بشكل مؤقت للسماح بنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإجراء مشاورات مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل الاتفاق على الترتيبات والضمانات الكفيلة بعدم تكرار التصعيد، وتأمين الحدود وفتح المعابر ورفع الحصار، واستئناف الحوار بين الفصائل الفلسطينية من أجل المصالحة الوطنية. وقال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) علي بركة إن الحركة ليس لديها مواقف مسبقة، بل تريد مبادرة تصون حقوق الشعب الفلسطيني وتضحياته. وأضاف: أن المشاورات والنقاشات مع القيادة المصرية مستمرة لتعديل المبادرة، مشيرا إلى أنه إذا تم تعديلها بما يتوافق مع الأسس التي وضعتها الحركة يمكن النظر إليها بعين الاعتبار.وأوضح بركة أن حماس ترفض أي هدنة طويلة المدى مع الاحتلال ويمكن أن تقبل بتهدئة بسيطة لا تتجاوز الستة أشهر. وتابع: أن الحركة ترفض أيضا التعهد بمنع إدخال الأسلحة إلى غزة، كما ترفض أي قوات دولية في القطاع. وأكد أن حماس تدافع عن شعبها بعد العدوان على قطاع غزة وفرض القتال عليها فرضا، مضيفا أن المقاومة هي التي فرضت كلمتها وأن التحركات السياسية الجارية لم تكن في طرح المبادرات ومشاريع الحل إلا لأن المقاومة أثبتت وجودها وحضورها وتصديها بكل بسالة للعدوان. ودعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى تعديل المبادرة أيضا كونها لا تستجيب لطموحات الشعب الفلسطيني، وقال أمينها العام نايف حواتمة إن التطورات الميدانية تجاوزت تلك المبادرة الأمر الذي يفرض تعديلها. وأضاف: أن المبادرة تضمنت ثلاثة عناصر وكلها لم تعد ممكنة التحقيق أمام زحف العدوان الصهيوني ورفض حكومة إيهود أولمرت الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي الجديد. وتابع: أننا أمام وضع صعب ويجب علينا خلاله أن نطور مواقفنا أمام العدوان. وانتقد قرار مجلس الأمن الدولي رقم ,1860 مشيرا إلى أن به غموضا ويفتقد لآليات التطبيق. وطالب حواتمة مجلس الأمن بوقف الأعمال العدوانية بإشراف دولي وآليات ترغم قوات الاحتلال على الانسحاب وإلزام الجانب الإسرائيلي بتحقيق تهدئة شاملة ومتوازنة تضم جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها الضفة الغربية، وخلص إلى أن فقدان الآليات جعل القرار معلقا. ولم يبتعد موقف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كثيرا عن تلك الشروط، إذ يرى عضو لجنتها المركزية عمر مراد أن الفلسطينيين لا يستطيعون سوى التعامل مع كل الأفكار المطروحة. وينبه مراد إلى أن العودة إلى اتفاق 2005 الخاص بالمعابر لا ينسجم مع الصمود البطولي للمقاومة في غزة، ويعيد الأمور إلى ما كانت عليه وهذا ما لا تقبل به المقاومة. كما اعتبر أن الترويج لتهدئة دائمة ينطوي على خطر على مستقبل المقاومة، مؤكدا رفض أي صيغة من هذا القبيل باعتبارها تشل المقاومة نهائيا. وأضاف مراد: أن الحفاظ على حق المقاومة عنصر أساسي يتوجب على وفد حماس للتشاور مع القاهرة الحفاظ عليه، وتابع علينا جميعا دعم حماس في هذا الجانب. ورأى أن إسرائيل تريد خلق بيئة متكيفة ومستكينة مع القائم السياسي، مضيفا: أن الفشل في الميدان دفع الحكومة الإسرائيلية للبحث عن حلول من قبيل تحويل غزة إلى منطقة هادئة لا تهدد الأمن الإسرائيلي.وانتقد محاولات الأطراف الإقليمية تحويل غزة إلى منطقة منكوبة والتعامل معها على أساس إنساني فقط، في حين أن جوهر القضية يتصل بمحاولة اجتثاث المقاومة.