تمنيّت أن لديّ قدرة لأهدي كل جزائري وجزائرية كتابي »لا تحزن«، ولكن والحمد الله وجدت الكتاب أمامي في الجزائر، وهذا ليس دعاية للكتاب، فأنا لا أتقاضى عليه ريالاً واحداً ولا درهماً ولا ديناراً؛ لأن حقوقه قد حولت من وقت تأليفه لمؤسسة أخرى أو ما كنت أظن أنه ينتشر هذا الانتشار * كما قال تعالى: (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ)، وقد قلت للجزائريين في جامعة »منتوري« أنتم لا تحتاجون إلى كتاب »لا تحزن«؛ لأن عندكم الماء والخضرة والوجه الحسن، وكما قال الشاعر: * ثلاثةٌ يا صاحِ يذهبْنَ الحَزن * الماءُ والخضرةُ والوجهُ الحسن * وفي الكتاب معانٍ استعملتها في محاضراتي بالجزائر، وقلت للجزائريين: أنتم أمة الصبر والنصر، فالبصبر نلتم النصر (وَالْعَصْرِ(1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)) والجزائريون عندهم الصبر وقوة التحمل، فآباؤهم صنعوا الثورة الكبرى وقدموا أرواحهم في مسيرة استشهادية من أجل تحرير بلادهم والمحافظة على هويتهم الإسلامية، ومن حق الجزائريين ألا يحزنوا، فعندهم كما قال تعالى: (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)، فقد حباهم الواحد القهار جمالاً في الطبيعة، وخيرات، وثمرات، ووسَّع لهم في الأرض، وأغدق عليهم من الثروات إذا أحسنوا استخدامها وتفعيلها، ثم إنهم مدرَّبون على تجاوز المخاطر ومواجهة المصاعب، والخروج من نفق المحنة، فمن حقهم أن يفرحوا، وأن يبتهجوا بدينهم الحنيف ورسالتهم الإسلامية الخالدة، وتاريخهم المشرق، وجهادهم العظيم، وطبيعتهم الساحرة الآسرة، ومناظرهم الخلابة الجذابة، كيف يحزن الجزائري وعنده القرآن الكريم يتأمله ويتدبّره، ولديه المسجد يدخل فيه فتملأ قلبه السكينة والطمأنينة، ولديه الروض الأخضر يقرأ فيه حروف قدرة الله تعالى، وعندهم البستان الأفيح يسرح فيه النظر، وأمامه البحر الهائج يتلو في أمواجه آثار عظمة الله، وعلى يمينه الجبل الشاهق المتكبر التائه في السماء؛ يقلب طرفه في شموخه فيزداد عزة وقوة، وعن يساره صحراء صامته وقورة يأخذ منها حكمت الصمت والهدوء، وخلفه صفوف النخل السامك البديع يتعلم منه العفو عند المقدرة، والرد على الإساءة بالإحسان، ودوام نفع الآخرين، والترفع عن الصغائر والنقائص. * أيها الجزائري (لا تحزن) فالله يرعاك ويحوطك ويتولاك؛ لأنك رضيت به رباًّ، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياًّ. * أيها الجزائري (لا تحزن) فعندك زاد التسبيح، وقوة الذكر، وضياء القرآن، ونور الصلاة، ومعين الصبر * أيها الجزائري (لا تحزن)؛ لأن ربك الله جلَّ وعلا، ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ودينك الإسلام، وكتابك القرآن، وقبلتك الكعبة، وأنت قد صنعت بالإيمان أعظم ثورة على المحتل والمستعمر في العصر الحاضر. * أيها الجزائري (لا تحزن) فجهادك ونضالك وكفاحك يدرس في جامعات العالم. * أيها الجزائري (لا تحزن) فأنت أستاذ التحرير، والأستاذ يفرح ويبتهج وينعم بما لديه من مواهب وخيرات