العمارة رقم 4 / تصوير : يونس أوبعيش "نحن نموت كل يوم ألف مرة، إذا نمنا فلا ننتظر الصباح وإذا أصبحنا لا ننتظر المساء، سلالم، جدران وأعمدة العمارة تسقط فوق رؤوسنا كل يوم، منّا من هجر بيته... ومن لم يستطع فهو مجبر على تحمل هاجس الردم الذي بات أمر وقت في ظل التآكل المستمر للعمارة من كل جوانبها لدرجة بات فيها الرجل عاجزا عن دخول بيته الذي فصلت عنه سلالم العمارة...". * هذه شهادة سكان عمارة 15 شارع محمد برقية بباب الوادي أين امتزجت رائحة الموت بالجدران المتساقطة والأعمدة المائلة التي توشك أن تنهار فوق رؤوس قاطنيها، وسط إعراض وصمت رهيب لمصالح دائرة باب الوادي التي اتهمها السكان بالتواطؤ واستغلال أرواح الناس والهروب من المسؤولية. فالعمارة التي بنيت سنة 1843 وصنفها الخبراء بالخطيرة جدا بعد تصدع أعمدتها وأساسها بعد زلزال ماي 2003 حيث وضعت عليها العلامة الحمراء »05 درجات« لازال سكانها محرومين من أبسط حقوقهم، الترحيل والعيش الكريم، رغم تواجدهم في وضعية جد خطيرة دفعت بعض المصالح الإدارية إلى مخاطبتهم »لا يسكن هذه العمارة إلا المجنون«، نظرا لقدم البناية التي زادت من اهترائها الأمطار الأخيرة التي جعلت الطابق الأرضي يغرق في سيل من المياه التي طردت بعض العائلات من منازلها، ومما أثار خفيظة وغضب السكان هو الإهمال واللامبالاة الذي تعرضوا له من طرف الوالي المنتدب لدائرة باب الوادي الذي اتهموه باللامسؤولية والمتاجرة بحياة الناس، نظرا لتأجيله النظر في قضية العمارة إلى ما بعد الانتخابات، ومن السكان من هددوا بالخروج للشارع والاعتصام لطلب حقهم في الترحيل قبل سقوط العمارة على رؤوس قاطنيها، خاصة وأن معظمهم أطفال ونساء حوامل. * الأمور التي شدد علينا السكان ذكرها هو شكرهم العميق لرئيس بلدية باب الوادي الذي وقف إلى جانبهم بشكل مشرف، مبديا استعدادا منقطع النظير لمساعدتهم لكن الوالي المنتدب حال دون ترحيل السكان وإنهاء مأساتهم التي يمكن أن تتحول إلى كارثة من وقت لآخر، ومن العائلات من ذهبت لحد التفكير في مقاضاة الوالي بتهمة التهرب والتنصل من المسؤولية وإهدار مليار وأربعمائة مليون سنتيم في مشروع مغشوش لترميم العمارة التي رفض العديد من المقاولين ترميمها لعلمهم أنها ستنهار لامحالة، لكن جشع أحد المقاولين وتواطأه مع بعض الجهات جعله يزوق العمارة من الخارج ويغشها من الداخل، وفي رسالة للسكان طالبوا كل مسؤول له ضمير التدخل لانتشالهم من الموت وترحيلهم لأي مكان، المهم أن تكون سكنات لائقة وآمنة في جزائر العزة والكرامة التي فقدت فيها الكرامة لسكان العمارة الذين يعيشون أيضا هاجس انتشار بعض الأمراض البيئية المتأتية من ركود المياه في الطابق الأرضي أين تنبعث الروائح الكريهة والجراثيم الخطيرة...