"لا أندهش عندما أشاهد وردة متفتحة في حديقة يانعة، ولكني أندهش عندما أشاهدها وسط الصحاري والفيافي".. * هذا "الاعتراف" هو للمرحوم الشيخ محمد الغزالي والمقصود به هو المرحوم الشيخ عبد الحميد بن باديس. فلكل أمة عظيمها الذي بعث نهضتها وعاش لأجلها، وعظيم الجزائر عاش لأجلها ولأجل الأمتين العربية والإسلامية منذ أن سأل نفسه "لمن أعيش؟" وأجاب بثقة وكبرياء "للجزائر وللعربية وللإسلام".. تمر الآن تسعون عاما منذ أن زرع الشيخ ابن باديس نبتة التربية والتعليم التي أنبتت علماء وشهداء أخرجوا الجزائر من ظلمات الجهل والتبعية إلى الوجود، فكان ابن باديس بخلاف محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وشكيب أرسلان "أمة"، لم يحارب الاستعمار الأجنبي فقط وإنما حارب جهل أهله الذين حاصروه وحاولوا اغتياله وناءوا بجانبهم عنه، لأجل أن تبقى الأمة الإسلامية محرومة من هذا العضو الحساس "الجزائر". * يحز في نفسنا أن "نعيش" هذا الولاء الشعبي والرسمي لمصطفى كمال أتاتورك في تركيا رغم مرور سبعين عاما عن رحيله، فصوره مازالت تزين مساكن ومقرات عمل الأتراك وتعاليمه مازالت دستورا لأمته، ويحزّ في نفسنا أن نعيش هذا الولاء الشعبي والرسمي لآية الله الخميني في إيران رغم مرور عشرين عاما عن رحيله، فصوره مازالت تزين مساكن ومقرات عمل الإيرانيين وتعاليمه مازالت دستورا لأمته، ويحزّ في نفسنا أن نشاهد هذا الإهمال الشعبي والرسمي لعظيم أمتنا عبد الحميد بن باديس الذي اختصرناه في "يوم" للذكرى وليس "أياما" للحياة. * لقد عاش الرجل للجزائر حتى قتله التعب، فسنّ لنا قانونا للأسرة فأهملناه وبحثنا عن قوانين أخرى ملأت مجتمعنا بالانتحارات والحراڤة والمخدرات، وسن لنا قوانين للمصالحة مع الذات ومع الغير فأهملناها فحاصرتنا الفتن التي أرجعتنا إلى ما قبل الإستعمار، ودافع عن ثورة المغاربة في الريف حتى أوقفت فرنسا صحيفته "المنتقد" ولم توقف حينها أي صحيفة مغربية، ودافع عن التونسيين والليبيين فكان أمة تتنفس أوجاع أمته وتمنحها الدواء الشافي.. الرجل أعطانا حياة كاملة ونحن أعطيناه يوما.. عفوا نحن نحتفل بعيد "موته"!!