من أغرب ما تناهى إلى مسامعنا من بطولات السادة النواب أن البعض منهم وعوض التفكير في طريقة لممارسة صلاحياته في المراقبة والمحاسبة والتشريع. * دخل في تحضيرات حثيثة للطريقة التي يرد بها على زعيمة حزب العمال لويزة حنون، لأنها اعتبرت البرلمان خطر على الديمقراطية، وأنه أصبح هيكلا بلا روح، وبالتالي دعت إلى حله. * هؤلاء فكروا وقدروا، ثم أعادوا التفكير والتخطيط لينتهوا إلى الاتفاق على تصرف بطولي سيسجله التاريخ لا محالة، وهذا التصرف هو الانسحاب الجماعي عندما تشرع لويزة حنون في إلقاء كلمتها في إطار مناقشة مخطط عمل الحكومة. * وتفطنت فئة من النواب المعروفة بذكائها الوقاد لنتائج هذا السلوك غير المدروس، فقالوا إن الانسحاب الجماعي من الجلسة سيقدم خدمة أخرى إلى لويزة حنون بإعطائها فرصة للبروز أكثر، وربما يثير الأمر انتباه الفضائيات فتتحول زعيمة حزب العمال إلى نجمة سياسية عالمية ويكونون بذلك الخاسر الأكبر.. * غريب أمر نوابنا الذين سكتوا عن مصادرة صلاحياتهم وسمحوا بأن يتحول برلماننا الموقر إلى مادة للتندر والسخرية، لأنه لم يفعل شيئا يحسب له منذ أن تم انتخابه، اللهم إلا المصادقة برفع الأيدي على المشاريع التي تحيلها عليه الهيئة التنفيذية، أو سيل الأسئلة الشفوية التي تنتهي بالمجاملات والعناق، لكن عندما تعلق الأمر بالدعوة إلى حل البرلمان، ثارت ثائرة الكثير منهم واعتبروه مساسا يضاهي المساس بالثوابت الوطنية. * لويزة حنون، عضو منتخب في البرلمان، ومن حقها اقتراح ما تراه مناسبا، وليس من حقنا التشكيك في نواياها حتى وإن خالفناها في الرأي، لأنه لا وجود لمعطيات تقول إن البرلمان المقبل سيكون مختلفا عن الحالي، وبالتالي إعادة الانتخابات في نفس الظروف ووفق نفس المعطيات ستكون محطة أخرى لصرف المال العام لانتخاب مؤسسة تشريعية لا تمارس صلاحياتها الدستورية. * ومهما يكن، فإن الأمر كله معركة هامشية شغلت النواب واستنفر البعض منهم قواه لمواجهة اقتراح حل البرلمان، بينما تظل المهام الأساسية للهيئة التشريعية معلقة إلى إشعار آخر.