يتوقع أصحاب الأرصاد الجوية أن صيف الجزائر هذه السنة قد يكون من أبرد المواسم وفي المقابل نتساءل هل الصيف السياسي قد يكون على نفس الشاكلة أو يكون مرشحا لتقلبات وأحداث سياسية... فالمؤشرات كلها تدل على ذلك ولكن بعض التصريحات قد تعكس غير ذلك وبالأخص فيما يتعلق بملف المصالحة أو بالإعلان عن العهدة الثالثة والتعديل أو التغير المؤسساتي الدستوري المرتقب... فهل لإعلان المرتقب قد يتم ونحن على مقربة من عيد الشباب والاستقلال. * ولكن هل ركود الطبقة السياسية ودخلها في سبات يعني أن الإجازة السنوية قد بدأت حتى إشعار آخر أو هو نوع من الترويض... أو استراحة المحارب قبل بداية الحملة الترويجية؟؟ الإجابة قد تكون بالنفي، فأغلب أحزابنا قد تنطبق عليهم قصة أهل الكهف تحسبهم أيقاظا وهم رقود أي في سبات عميق ومتواصل!! * أمام الصيف السياسي وعيد الشباب، فإنه توجد العديد من الملفات يجب أن تدرس وتتخذ فيها قرارات لصالح بعض الفئات المهشمة أو المستكرهة فالاهتمامات بالشباب لا يجب أن تكون موسمية على شاكلة تجمع أو مؤتمر مناسبتي يكثر فيه الحشو والكرنفال أكثر مما يكثر فيه العمل الجاد والهادف نحو هذه الفئات... لذلك قد نسأل بعض الأسئلة ونحاول الإجابة عنها بموضوعية.. وعلى إثرها نقرر هل فعلا مؤتمر الشباب قد حقق أهدافه أم ابتعد عن الأهداف المسطرة له من إيجاد مخارج مهنية ووظيفية اجتماعية؟! للإجابة على ذلك فإن نسبة الحرقة أو الهجرة غير الشرعية تضاعف عددها ونسبة الانتحار ازدادت.. وحتى نسبة التنصير قد تتفاقم في أوساط الشباب وذلك أن دل على شيء فإنما يدل على الفراغ الاجتماعي والوظيفي لهذه الفئة وهو مؤشر على عجز الحكومات المتعاقبة في التكفل بمشاغل الشباب وانشغالاته اليومية. * ولذلك اعتبر أي مقال أو كتاب يبحث عن حالة الشباب لا يكاد يخلو من تكرار أزمة كاذبة مفادها أن ملف الشباب شهد تحولات تاريخية كبيرة ونجحنا في إقامة مؤسسات تضع حدا لطغيان الإدارة والتكفل الحقيقي والفعلي بمشاكلهم. * فكل هذه الأسطوانات حسب اعتقادي يجب إدخالها في باب الثرثرة أو الحشو التشريعي والمؤسساتي. * فحتى الأحزاب السياسية قد تنظر إلى "الشباب" ليس كفئة واعدة أو جيل صاعد - اسمحوا لي على هذه العبارة - ولكن تنظر إليها ككتلة انتخابية أو أصوات إضافية تعبئ صندوق الانتخابات لصالحها، فالاهتمام الحزبي "بالشباب" لا يكون إلا في المواعيد الانتخابية والحملات التشهيرية؛ وأما على المستوى التنظيمي فالفئة غائبة أو مغيبة بحجة قلة الخبرة، والمعترك السياسي قد يحتاج لمتمرسين وو... لذلك كل البرامج الحزبية ومحاورها الشبابية ما هي إلا محاولة ديماغوجية برجماتية لإضفاء صفة الاهتمام الأدبي بهذه الفئة؛ يمكن إدخالها ضمن "النفاق السياسي" و "اللعبة السياسية". * وعليه، على "أحزابنا" تغيير استراتيجية "المساحيق" و"الواجهة" باستراتيجية المشاركة الفعلية والمصيرية للشباب في الحياة الحزبية. * لذلك أدعو الأحزاب والجمعيات والهيئات الرسمية إلى النزول للشارع ومعايشة المشاكل اليومية للشباب؛ فقد تلاحظ أن نسبة المتسولين قد تكون لدى فئات الشباب، وحتى بعض "الجدران" في العاصمة تجد كتابتها عبارة عن برامج سياسية؛ وهي "إسقاطات" نفسية لحالة الشباب الاجتماعية والفردية.. وما يعانيه من أزمات حادة؛ وانتشار "الزطلة" وبعض الأمراض النفسية والاجتماعية الدخيلة على موروثنا الحضاري وهو مؤشر آخر على عمق الأزمة المتعددة التي يعيشها شبابنا... * لذلك نقول إن الحياة الكريمة لهذه الفئة لا ولن تكون "بقفة تضامنية" أو "كرنفال استعراضي" أو "توظيف مفبرك" ولكن بالمعالجة الصحيحة والمستدامة بالتكفل الحقيقي والفعلي؛ وأما "الباقي" ما هو إلا "بريكولاج" - Bricolage - ومن خلال هذا المنبر ونحن على مقربة من الاحتفال بعيد الاستقلال والشباب، نطلب التطبيق العملي لمختلف التوصيات الصادرة لآخر اجتماع الخاص بالشباب. * ولكن يبدو أن هذه "التوصيات" قد تحتاج لنفض الغبار عنها؛ أو أن البعض قد أصابه مرض "الأمنزية" فأصبحت منسية ومن الأطلال.. أو أن "العرس" قد انتهى.. * فحل مشكل "الحرقة" و"التبشير أو التنصير" و"اختلالات المنظومة التربوية" و"الآفات الاجتماعية" و"صراع الأجيال" قد يبدأ بالاهتمام الفعلي والجدّي بهذه الفئة؛ اهتمام شامل وكامل من حيث الأشخاص والمكان. هذه بعض الكلمات حاولت المشاركة بها أمام ما تنقله الصحف يومياً عن الانتحار البطيء لهذه الفئة في مواجهاتها لمختلف المصاعب اليومية؛ بدق ناقوس الخطر وإبعاد هذه الفئة عن الاستقطاب السياسي وكذلك الخطابات الرسمية بعيداً عن كل توظيف "سيساوي". * *