صحفي الشروق محاورا عميد مسجد باريس كان على البابا الاعتذار للمسلمين بدل زيارة إسرائيل حذر، دليل أبو بكر، عميد المسجد الكبير بباريس، من تمادي رؤساء بعض الجمعيات الإسلامية المغربية بفرنسا، في تذكية الصراع داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على حساب الجزائريين، وقال إنه سحب عضويته بسبب حرمانه من توسعة عدد المقاعد وفق حجم الجالية التي لم تعد ممثلة في المجلس، مشيرا إلى مراسلة وزارة الداخلية الفرنسية لمراجعة قوانين تسيير المجلس، حيث قال "ربما التاريخ الاستعماري الرابط بين الجزائر وفرنسا وراء عدم التوازن في التمثيل". * * من جهة ثانية، قال دليل، في لقاء مع "الشروق اليومي"، إن بابا الفاتيكان الذي زار الأردن وإسرائيل، الأسبوع الماضي، غير محنك كسابقه، بول الثاني، وهو مطالب بالاعتذار للمسلمين قبل التفكير في زيارة إسرائيل. * الشروق اليومي: ما هو انطباعكم عن زيارة بابا الفاتيكان بندكتوس ال16 إلى الشرق الأوسط وقضية تصريحاته السابقة المعادية للإسلام؟ * السيد دليل أبو بكر: كما طالعنا زيارة بابا الفاتيكان حسب ما تناقلته وسائل الإعلام الايطالية والفرنسية وراديو الفاتيكان، نبقى نطالب باحترام الجالية الإسلامية في العالم، وقد أعطى المعني خطوة نحو الحوار بين الإسلام والمسيحية، غير أننا نجد خطوته الأخيرة تتجه نحو تناسي تصريحاته الأولى التي تشوه الإسلام وتناقض موقف "غاديس بون" بتصوير الإسلام على أنه مرتبط بالعنف والحرب، وهو موقف لا يعكس صورة الكنيسة التي تدعو إلى تعايش الأديان، وتصريحاته التي انتقد فيها الإسلام لا تخدم مصلحة التعايش بين الإسلام والمسيحية. * أما بشأن زيارته فهي تخصه وربما لتصحيح أخطاء سابقة تجاه المنطقة وهذا شغله الدبلوماسي كأب روحي للكنيسة، ونعتبر أن الزيارة تبقى هامة في ترتيب الوضع بالنسبة له، وكل طرف معني بمواقفه. * لكن تقدرون بأن واجب الاعتذار للمسلمين يبقى قائما؟ * لا نعرف إن كان بابا الفاتيكان سيقوم باعتذار وربما يرجع بحسب تفهمه للوضع، وربما زيارته لعمان وتوجيه خطابه للمسلمين، ويبقى جون بول الثاني ربما أكثر تكوينا وقدرة على مسايرة الحوار واطلاع بالإسلام ومحتوى القرآن، وبابا الفاتيكان لا يقدر أهمية الحوار مع المسلمين وننتظر منه محاولات جادة، ويجب أن تكون الكنيسة واعية بضرورة الحوار مع المسلمين عبر كافة دول المنطقة. * ألا ترون أن الإسرائيليين استغلوا تصريحاتكم قبيل زيارة البابا ليظهروا للعالم أنهم شعب يمتاز بتقدير مزدوج من الإسلام والمسيحية على حساب معاناة الفلسطينيين؟ * نعم هي الحقيقة. نعتقد أن هناك مخاطر الانزلاق من بعض الأطراف، وهي السياسة حسب مقتضيات المرحلة التي تحمل الانزلاق من جهات متعددة وكل البلدان الكبرى في العالم تتقدمها الولاياتالمتحدة وفرنسا تقوم بمجهودات هامة للسلام في الشرق الأوسط، ونلاحظ أن هناك محاولة لاستغلال الدين في السياسة، ومن جانبنا لم نتنازل عن القضية الفلسطينية والسلطات في الجزائر تحذوها نفس الإرادة لنصرة الفلسطينيين، غير أننا نعتبر أن السلام الوحيد هو فرض التعايش في المنطقة. * * كيف ترون هذه الصدفة في الزيارة بعد زيارة البابا؟ * * تصريحاتي تم محورتها باتجاه سياسي، ولا نرى إن كان هناك تخطيط لذلك أم لا. * * ألم تكن نفس الألفاظ والجمل؟ * * لا وضعنا توضيحا للقول بأننا هنا نريد السلام بين الجاليات بفرنسا، ولا نتهم أحدا. * * معذرة.. قلتم بأن اليهود هم الأفضل؟ * * لا لم نقل ولا يمكن ذكر مثل هذه الأمور، قلنا فقط أنه يجب أن يحترم الجميع وان الضحايا يجب حمايتهم وهناك الكثير من الضحايا بفلسطين، وبباريس بالمسجد نقوم بالصلاة والدعاء لإخواننا الضحايا الفلسطينيين، ولا نتحمل مسؤولية ما قالته الجريدة ولم نوقع على ذلك قبل نشره ونرفض تلك التصريحات الخاطئة، الصحافيون هم من أرادوا تحوير كلامنا ولم نوقع على ذلك. * * * هل راسلتم الجريدة وقمتم بالتكذيب؟ * نعم قمنا بالتكذيب في الصحيفة الإسرائيلية. * ها هناك تفكير بمتابعة قضائية؟ * إن شاء الله... كلفنا محامينا للاطلاع على المقاطع التي حرفت فيها تصريحاتنا لدراسة الطريقة القانونية لمطالبة الصحيفة الإسرائيلية لدى القضاء. * الجالية المسلمة بفرنسا تظاهرت للتنديد بتصريحاتكم وقالت إنها ساعدت اليهود بباريس للتجرؤ على واقع المسلمين بأوروبا؟ * لم نتلق بيانا رسميا بذات الشأن والأكيد أن التصريحات تم نفيها ولا داعي لاعتبار بأن باقي الديانات تنقص من شأن الإسلام بفرنسا بحكم علاقتنا مع العديد من غير المسلمين. * كيف تقيمون وضعية الجالية الجزائرية؟ * نمتلك العديد من ذوي الأصول الجزائرية الذين مثلوا الجزائرية وهم مندمجون بفرنسا وخير دليل الوزيرة، فضيلة عمارة، والجالية لديها حضور قوي اجتماعي ثقافي وسياسي وديني استنادا إلى مسجد باريس، بمتابعة من وزير الشؤون الدينية غلام الله، الذي يسهر على نشاط الأئمة وبناء المساجد التي شيد عدد منها بأموال منحتها السلطات الجزائرية، وقد حاز الفرنسيون من أصول جزائرية على ثقافة مزدوجة وجميع العلوم ونسهر على ضمان لهم الجانب الديني. * الجالية الجزائرية مستاءة في الوقت الراهن من تقلص تمثيلها في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية؟ * نعم بسبب المعايير المتخذة في المجلس. للأسف، لدينا تمثيل ضعيف يقدر ب20 بالمائة، ويقابله تمثيل المغاربة بنسبة 60 بالمائة، وعدم التوازن هذا نتيجة المعايير الجديدة، في حين أن العديد من المساجد ذات تمثيل وتسيير جزائري، وعليه طالبنا بتصحيح الوضع. * ومساجد المغاربة ليس لديهم حركية على غرار تلك المسيرة من قبل الجزائريين حتى أن عدد الجالية يشكل الفارق الكبير لصالح الجزائر، وربما التاريخ الاستعماري الرابط بين الجزائر وفرنسا وراء عدم التوازن في التمثيل. * ربما السلطات الفرنسية ترغب في جعل المغاربة يسيرون الإسلام بفرنسا؟ * يضحك... لا أدرى، المهم أن المعايير المحددة لا تخدمنا لأننا نمثل جالية كبيرة وهي غير ممثلة جيدا، وهي معايير وضعتها وزارة الداخلية وهي لا تساعدنا. * ماهي أهم تلك المعايير؟ * كلما اتسعت المساحة الخاصة بالمساجد يرتفع تعداد المندوبين في المجلس وليس بتعداد مرتادي المساجد، والأولوية تعطى لمن يسير المسجد وليس لمرتاديه، وعليه فإن العديد من رؤساء المساجد هم مغاربة ويعينون إخوانهم المغاربة، وهي قضية سلطة تستغل والتي تطرح صعوبات ونتطلع أن تتفهم السلطات الفرنسية الوضعية، حيث أن الجالية الجزائرية همشت في المجلس. * هل لهذه الأسباب انسحبتم، مؤخرا من المجلس؟ * نعم سحبنا عضويتنا إلى غاية مراجعة المعايير الخاصة بمنح المقاعد داخل المجلس، وسنرى طريقة العمل مستقبلا. * هل راسلتم وزارة الداخلية الفرنسية لمراجعة تلك القوانين؟ * نعم راسلناها ونراسلها مرارا، غير أن الأمور لم تتغير من جانب السلطات الفرنسية حيال قضية قوانين التمثيل داخل المجلس التي باتت تطرح مشكلا لدى مختلف أطراف الجالية المسلمة. * ورغم أن فيدراليات أخرى تشارك معنا وتدعمنا في التصويت، غير أن الجزائر تمتلك مقعد واحد فقط، لان وزارة الداخلية التي جمعتنا حددت مقعدا واحدا فقط للجزائر، وعندما سألنا قالوا إن الأمر كذلك وفق القوانين التي حددها وزير الداخلية والأديان، السيد شوفانمو، سنة 1999، وعندما حصلنا على الرئاسة من 2002 إلى 2008 لعهدتين، سيطرنا على الوضع غير انه الآن لم تعد الأمور سهلة التحكم بعد التحجج بضرورة ترك الرئاسة للأكثر تمثيلا داخل المجلس وهذه الأغلبية منحت الرئاسة لشخص مغربي. * * ماذا عن قضية بناء المساجد؟ * تتم بجهود الجمعيات الإسلامية وباجتماع الجاليات وطلب من رئيس البلدية الحصول على ترخيص شراء قطعة أرض وهناك مساعدات من السعودية، قطر والكويت ودول إسلامية أخرى، ومسجد مرسيليا سيشيد قريبا وستساهم الجزائر فيه وهو ثاني مسجد بعد باريس * السلطات الجزائرية تبحث عن خليفة عميد مسجد باريس * كشفت مصادر مطلعة وموثوقة ل " الشروق" عن نية السلطات الجزائرية وبشكل جدي في استخلاف، دليل أبو بكر، عميد مسجد باريس الكبير، نظرا للإخفاقات الحاصلة، في السنتين الأخيرتين، على مستوى تمثيل الجالية بالخارج، وبروز حركات احتجاجية من قبل الجالية المغربية التي ترغب في حصر تموقع الجزائريين بالمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، كما أن التصريحات الإعلامية الأخيرة التي أدلى بها عميد مسجد باريس للصحيفة الإسرائيلية أثرت على ثقل التمثيل الجزائري بفرنسا، أمام باقي الجاليات وخلقت حالة من الإستياء بسبب استغلال الطرف،الإسرائيلي لتلك التصريحات كمحاولة لتغييب مطلب الأشقاء الفلسطينيين، رغم تكذيب دليل ما ورد في الصحيفة.