المخرج التونسي النوري بوزيد/تصوير:علاء الدين.ب المخرج التونسي النوري بوزيد صاحب رصيد سينمائي ثري معروف في الوسط السينمائي العالمي بمواقفه العلمانية وجرأته السياسية والاجتماعية وكان الفيلم الطويل"آخر فيلم" من أكثر أفلامه نجاحا وتتويجا في مختلف المهرجانات. * * سجن من سنة 1973 إلى غاية سنة 1979 وذلك لانتمائه إلى تجمع"آفاق" للدراسات والعمل الإشتراكي بتونس. أسس سنة 1994 معهدا سينما، حيث يدرس حاليا، ويكتب النوري بوزيد الشعر بالعامية التونسية وقد نشرت له بعض الدواوين مثل "البحارة" والعديد من كلمات الأغاني في الأفلام. نال الجائزة السنوية للسينما بمناسبة اليوم الوطني للثقافة بتونس وذلك سنة1989. وفي سنة 1992 تحصل على وسام "الفارس" للفنون والآداب بفرنسا. التقته الشروق على هامش الملتقى الدولي للسينما الإفريقية فكان هذا الحوار. * * * * .تخلفت عن موعد المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران أين رشحت لرئاسة لجنة التحكيم في مسابقة الأفلام القصيرة، هل ممكن أن نعرف أسباب الاعتذار الذي جاء متأخرا جدا؟ * -ترددت كثيرا وفكرت مليا في الإجابة التي أرد بها في حال طرح علي السؤال ولكن ليس لي خيار وعليه أقولها صراحة، لم أستطع المشاركة في المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران لمحافظه حمراوي حبيب شوقي العام الماضي بسبب تهديدات تلقيتها عبر الهاتف وفي رسائل مكتوبة. * * .هل تعرفت عن المهدد؟ وما هومضمون التهديد؟ * -لا للأسف لم أستطع التعرف عليه ولكن أجزم أن المهدد جزائري لأن رقم الهاتف كان جزائري ونقلت الوقائع للمنتج فمنعني تقريبا من الذهاب. وقال لي المهدد المتصل من الجزائر أنني عدو الإسلام وأنني لائكي ونصحوني ألا أقصد الجزائر. وتأكدنا من الرقم فكان رقما عموميا. وأؤكد أن هذا هو السبب الوحيد الذي منعني خاصة وأني أردت أن أزور الجزائر وخاصة وهران التي لا أعرفها. * * .نقلت الصحافة المغربية أنك شاركت في الأيام السينمائية بفيلم "آخر فيلم" بالمغرب أسبوعا بعد المهرجان هل هذا صحيح؟ * -لا، إطلاقا... غير صحيح لم أتنقل إلى أي دولة ربما الفيلم برمج ولكن أنا اختفيت وتخبأت لفترة دون أن أدلي بأي تصريح. أردت تفادي أي ضجيج من شأنه الإساءة للمهرجان وتحدثت مع زميلتي التونسية التي توجهت إلى وهران وطلبت منها التأكد مما يجري. * * .وهل توصلت زميلتك إلى أي معلومة تعرف بهوية المهددين؟ * -في الحقيقة قيل لي أنه ربما بسبب المقولة التي تضمنها الفيلم في أحد مشاهده وهي "القرآن ليس صالح لكل زمان ومكان" واعتبروا هذا التصريح كفر ولم يتقبلوه. ولكن هذا الفيلم الهدف منه هوإثارة النقاش والحوار ولكن بطريقة ديمقراطية بناءة، لأني قدمت سلاح وليس سلاحا حتى أقابل بالعنف. * * .وهل حاولت شرح ما كنت تريد إيصاله من خلال هذه الجملة؟ * - نعم حاولت في أكثر من لقاء وبحضور رجال السينما أن أوضح الرؤية. * * .توضح أن القرآن غير صالح لكل زمان ومكان، أكنت تنتظر آذانا صاغية لهذا الطرح الخطير؟ * - في فرنسا وحدها هناك ستة ملايين مسلم من جنسيات مختلفة، ولكن هل يطبق كلهم قانون الشريعة أم قانون الجمهورية؟ وطرحت هذا التساؤل بباريس في معهد العالم العربي أين رد الحاضرون بأن الجالية المسلمة تطبق قانون الدولة الفرنسية. فقلت يومها أن هذا مربط الفرس لأني قصدت أنه كمعتقد لا نقاش حول تطبيقه واحترامه ولكن ضرورة التعايش في المجتمعات غير الإسلامية تفرض تعايش سلمي بعيدا عن فرض الدين من الطرفين. أي قصدت جانب المعاملات الاجتماعية. * * قبل حادثة التهديد، كيف كانت علاقتك بالسينمائيين الجزائريين؟ * - في السابق كان بيني وبين السينماتيك الجزائرية علاقة وطيدة، حيث جبت مختلف الولايات بأفلامي، حتى جاء يوم في سنة 1996 قال لي فيه بوجمعة كراش أنه لم يعد ممكنا. * * .هل هي المرة الأولى التي تتلقى تهديدا؟ * - هددت مرة في البحرين ولكن بحضوري في نقاش بعمان، عندما قال لي باحث بحريني أنني عدو الإسلام. * * .حضورك إلى الجزائر اليوم ومشاركتك في الملتقى الدولي للسينما على هامش فعاليات المهرجان الثقافي الإفريقي ألم تتخوف عندما قررت المجيء؟ * -لا لم يساورني أي خوف وحتى عندما اعتذرت عن المشاركة في وهران لم يكن الخوف هوالسبب الرئيسي وإنما فكرت في المهرجان ولم أرد الإساءة إليه بأي تصريح لأن الدليل كان عندي ولم أكن أحلم. * * .ورغم ذلك تحصلت على الجائزة الأولى، كيف استقبلت التتويج؟ * - يضحك... لم أكن أتصور ذلك التتويج، فرحت "برشا برشا برشا" وتمنيت أن أكون حاضرا وقلت لهم أنه دين سأرده بمجيئي في طبعة أخرى. * * .وهل وجهت لك دعوة للمشاركة في طبعة هذه السنة؟ * -زرت الجزائر منذ أربعة أشهر والتقيت عدة سينمائيين على أساس وضع اتفاق حول الموضوع، ولكن لم يكن أي شيء. * * .الأفلام السينمائية الأكثر تتويجا في المهرجانات الدولية هي تلك القادمة بتمويل مشترك مع الضفة الأخرى.. هل تعتبر هذا التمويل بريئا؟ * - يجب تجاوز فكرة الخضوع، والابتعاد عن محاكمة النوايا لأن التمويل الفرنسي ينقسم إلى نوعين مثل تمويل صندوق دعم سينما الجنوب بفرنسا، هذا الأخير عندما كانت مفيدة تلاتني أوهارون لا يعني أنهما عميلان لفرنسا ومنذ بدأت العمل لم يتدخل الصندوق في أي من أفلامي بل ودعم حتى أفلاما عن القضية الفلسطينية وغيرها من الشركاء المؤسساتيين ،"معركة الجزائر" مثلا منع في فرنسا ولم يبذل الإيطاليين جهدا لإقناع فرنسا ولم يتغير أي جزء فيه. أما التمويل الثاني والذي أتخوف منه شخصيا هوتمويل المنتج الخاص الفرنسي. وهذا يتوقف على مبادئ كل سينمائي. أنا مثلا لا أقبل بأي حال من الأحوال أن أتخلى على لغتي من أجل دعم مادي لأن الأمر يتعلق بالهوية والانتماء. المنتج الخاص يحاول أن يمرر المخرجين إلى هذه الزاوية. * لخضر حمينة هوأكثر مخرج عربي حصد جوائز رفيعة المستوى دون أن يخوض في الجنس أوالسياسة أوالدين. هناك مشاكل حقيقية لا يمكن معالجتها بسبب الرقابة وعليه نحاول قولها بطريقة سينمائية. * * .بالنسبة للجزائر مثلا، سينما المهجر - إن صح التعبير- هي الأكثر احترافية وتألقا ونجاحا، هل هو الدعم المادي فقط أم حتى هامش الحرية أم هما معا؟ * - أشيد بالمناسبة بفيلمي "البيت الأصفر" لعمور حكار و"مسخرة" للياس سالم اللذان يعتبرا قفزة في تاريخ السينما الجزائرية في العقد الأخير. وفعلا السينمائيين المغتربين هم الأكثر نجاحا مؤخرا وذلك لأن لهم أكثر من فرصة تمويل أي التمويل الأجنبي إضافة إلى تمويل بلدانهم. وهذه حقيقة موجودة أنا أعاني منها، فعندما يتحصل سينمائي تونسي مغترب على دعم من تونس وهو يملك دعما آخر في حين ترفض مشاريعي وأنا الذي لا أملك غير دعم تونس فيه ضررا طبعا. * هذا واقع جديد للحياة السينمائية العربية يجب أن نقبله كما هو لكون في نهاية المطاف يفرحني تفوّق أفلام شمال إفريقيا. * * .بين الدعم المالي الأجنبي والهوية العربية والمغاربية، الخيار صعب... أيهما يختار نوري بوزيد؟ * -رغم معارضي أفكاري إلا أني أرفض أن أبيع مبادئي ونفسي من أجل فيلم، لن أخسر مبادئي وهويتي من أجل المال. * * .هل من مولود سينمائي جديد؟ * - بعد النجاح الكبير لفيلم "مايكنغ اوف" قدمت مشروعين للجنة القراءة بالوزارة منذ ثلاث سنوات وهذا العام الرابع وأنا أنتظر ولكن فصل في الأمر أخيرا وتلقيت ردا بالرفض. * * - وما سبب الرفض؟ * -اللجنة لم تعجبها مواضيعي، رغم أنها مهمة جدا فالمشروع الأول واخترت له عنوان "ميل فوي" يروي معاناة فتاتين واحدة محجبة والأخرى متبرجة، يفرض على المحجبة نزع الحجاب لتستقبل الزبائن في العمل والثانية فرض عليها الحجاب من طرف خطيبها والمشروع الثاني "اسكت عيب"، يروي أيضا بحث تنجزه فتاتين بالكاميرا مع شباب وشابات عن الحياة الجنسية قبل الزواج وتكتشفان أن بدون الكاميرا وبالكاميرا الفرق شاسع وتكتشف أنهم يتاجرون بصورها. * عبارة "القرآن غير صالح لكل زمان ومكان" في فيلمي فتحت علي أبواب جهنم" * "وزارة الثقافة التونسية رفضت لي مؤخرا فيلمين عن الحجاب والجنس"