كشف شريط تحصلت عليه "الشروق اليومي"، تسجيلا قام به مختطفو رهبان تيبحرين ليسلّموه إلى السلطات الفرنسية كدليل إثبات بتواجد الرهبان السبعة رهائن لديهم، واشترطوا عليهم إطلاق بعض أعضاء التنظيم مقابل الإفراج عنهم، وهددوهم بالقضاء عليهم إذا لم يستجيبوا إلى مطالبهم. * * وبدأ التسجيل الصوتي بكلام المتحدث المدعو يعقوب، وهو من منطقة بئر خادم، وكان حينها مكلّفا بديوان الجماعة الإسلامية المسلحة، حيث استفتتح كلامه بما يُسمى ب"خطبة الحاجة"، قبل أن يتوجه بالحديث إلى الفرنسيين الذين سيستلمون الشريط قائلا: "السلام على من اتبع الهدى"، وهي في الأدبيات الإسلامية تحية يوجهها المسلم لغير المسلمين، ثم أردف قائلا: "بأمر من أمير الجماعة الإسلامية المسلحة أبو عبد الرحمن أمين، المعروف بجمال زيتوني، نسجل هذا الشريط في هذا اليوم"، ثم ذكر تاريخ تسجيل الشريط، وهو "يوم السبت على الساعة الحادية عشرة إلا خمس دقائق ليلا، غرة (أي بداية) ذي الحجة 1416ه، الموافق ل20 أفريل 1996، أي حوالي 23 يوما بعد اختطافهم (اختطفوا في ليلة 26 إلى 27 مارس 1996) وهذا من أجل إرساله مع مرسولنا إلى سفارة فرنسا، كبينة على أن الرهبان السبعة المختطفين لايزالون على قيد الحياة معافين، والساعة الآن تشير إلى الحادية عشرة إلا أربع دقائق"، قبل أن يتم تشغيل المذياع على محطة "ميدي 1" والاستماع إلى النشرة الإخبارية التي دامت حوالي 15 دقيقة، حيث تم تسجيلها كاملة في إشارة إلى صحة التوقيت والتأريخ الذي استهل به المتحدث هذا الشريط، حتى يتأكد المستمعون، وهم الفرنسيون بالدرجة الأولى، بأن التسجيل صحيح وغير مفبرك ومطابق للتوقيت والتاريخ المذكورين. * وبعد تسجيل كامل لنشرة الأخبار التي بثتها قناة "ميدي 1"، أحال أحد المختطفين الكلمة إلى الراهب الأول، وهو كريستيان ديشيرجيه، حيث يقول له بلهجة سوقيّة: "أيا كريستيان.. اهدر اهدر"، فيأخذ الراهب الكلمة ويعرف بنفسه، ثم يذكر اسم والديه، وأنه راهب بدير تيبحرين، ثم يذكر عمره (59 سنة) وتاريخ تسجيل الشريط، وهو السبت 20 أفريل، على الساعة 11، ثم يتابع باللغة الفرنسية: "لقد استمعنا لتونا أنا وبقية إخواني لنشرة الأخبار التي بثتها إذاعة "ميدي 1" على الساعة الحادية عشرة بالتوقيت المحلي"، ثم شرع يذكر أهم ما تضمنته النشرة من تقارير إخبارية، ومن ذلك محادثات السلام في دمشق بحضور وزراء خارجية أمريكا وفرنسا وإيطاليا، وعملية نفذتها الجماعة الإسلامية في مصر وأسفرت عن مقتل 18 سائحا يونانيا واعتذار الجماعة للسلطات اليونانية، لأن العملية كانت تستهدف إسرائيليين كانوا مقيمين بنفس الفندق، كما تحدث عن اجتماع الدول السبع العظمى بروسيا وأنه قد يتحول إلى اجتماع للثماني بانضمام روسيا. بعد ذلك تحدث الراهب كريستيان عن بعض الأحداث في الجزائر مثل "استقبال الرئيس اليامين زروال لسعيد سعدي زعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وإحياء الذكرى 16 للربيع الأمازيغي التي تمت دون حوادث نتيجة قبول السلطات إدراج اللغة الأمازيغية في البرامج الرسمية"، إضافة إلى خبر آخر عن جمهورية إفريقيا الوسطى. * بعدها سكت الراهب كريستيان للحظات سريعة، قبل أن يقول له أحد المختطفين: "كمّل كمّل الجملة"، وهو ما يعني أن الراهب كريستيان كان يستعرض الأخبار المتعلقة بالشأن الجزائري من ورقة مكتوبة، ليواصل كريستيان حديثه قائلا: "بعد استماعنا إلى هذه الأخبار، والساعة تشير إلى الحادية عشرة وربع ليلا، نُعلمكم أننا محتجزون رهائن، أحياء وفي صحة جيدة، من طرف مجاهدي الجماعة الإسلامية المسلحة"، ثم نطق بلغة عربية مشوبة باللكنة العجمية: "تحت إمارة أبو عبد الرحمن أمين" وهي كنية جمال زيتوني، أمير الجماعة الإسلامية المسلحة حينها. * وتمت إحالة الكلمة إلى الرهبان الباقين، حيث خاطب مختطفٌ أحدَهم بلهجة شديدة قائلا: "أيّا أهدر أهدر.. أدّنّا لّهنا واهدر.. أيّا قدّم روحك" (هيا تكلم تكلم.. اقترب هنا وتكلم)، فتحدث راهب ثان قائلا: "أنا الأخ كريستوف لوبروتون"، ثم ذكر اسم والديه، وقال إنه راهب بدير تيبحرين، ليردف: "أنا بصحة جيدة". ثم تحدث الراهب لوك دوشييه، وهو راهب منذ عام 1941، وقال إنه راهب بتيبحرين، "استمعت إلى الأخبار التي بثتها إذاعة ميدي 1 وأنا محتجز كرهينة رفقة إخواني من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة"، وقد وجد صعوبة في نطق اسم الجماعة باللغة العربية، ثم تحدث الراهب برونو لومارشون وقال إن عمره 66 سنة، وذكر اسم والديه، وقال إنه "راهب بدير فاس، وأنا بصحة جيدة". كما تحدث الراهب بول فافر - ميفيل، وذكر اسم والديه وأنه راهب بدير تيبحرين، وقال إنه بصحة جيدة. وتحدث الراهب ميشيل وذكر اسم والديه وأنه راهب بدير تيبحرين وهو بصحة جيدة. ثم تحدث الراهب سيليستان رانجار وذكر اسم والديه وأن عمره 63 سنة، وهو راهب بدير تيبحرين وبصحة جيدة. * وبعد تقديم الرهبان لأنفسهم، توجّه أحد المختطفين بالحديث للراهب كريستيان، وقال له بلهجة جزائرية: "كريستيان.. قريت البيان تاع الجماعة الإسلامية المسلحة؟ اهدر اهدر واش قريت فيه"، ليتحدث الراهب كريستيان عما قرأه في البيان الذي أصدرته الجماعة الإسلامية المسلحة بخصوص عملية الاختطاف، قائلا بالفرنسية إنه في ليلة الخميس إلى الجمعة قرأ المجاهدون بيان الجماعة الإسلامية المسلحة (مقطع صغير غير واضح)... الذي وقّعه أبو عبد الرحمن أمين، حيث ورد فيه أننا محتجزون كرهائن وطلبوا من الحكومة الفرنسية إطلاق سراح "رهائن" الجماعة الإسلامية مقابل إطلاق سراحنا، وهو ما يُعتبر شرطا غير قابل للتنازل عنه". * بعد ذلك، تحدث أحد المختطفين مع الرهبان السبعة قائلا بلهجة جزائرية سوقية: "لو لم يتم إطلاق سراح إخواننا، فتعرفون ما مصيركم؟"، قبل أن يلتفت إلى صديقه ويقول له: "فهّمو.."، يعني الراهب كريستيان، قبل أن يتحدث معه آخر بالفرنسية ويقول له: "إذا لم يطلقوا سراح إخواننا"... ثم يسكت، فيظن الراهب كريستيان أن المسكوت عنه هو: "سوف لا نطلق سراحكم"، فيقول ذلك لبقية الرهبان، غير أنهم لم يدروا حينها أن عدم الاستجابة لمطالبهم كان يعني القضاء على الرهبان وليس مجرد احتجازهم. *