الإشاعات... الأخبار غير المؤسسة... الغموض... الضبابية في الرؤية... والتحايل في العمل السياسي والمؤسساتي، هو السيد والسائد... حتى الرأي العام بدلا ما يتم تنوير وتبصير الطريق له... أصبح تحت واقع الاشاعه والإشاعة المضادة... فكم من شخص ثم قتله وإحياءه... * وكم من فلان ثم توزيره وتنحيته وكم من قضية ثم تسريبها عن قصد أو على أساس غفلة الصالحين في تضليل الرأي العام، ولذلك هذه التصرفات إن تدل فهي مؤشر جدي وخطير في عدم "شفافية" الحياة العامة والسياسية... وبدلا من محاربتها وإشهار سيف الحجاج بصرامة... والتقيد والإيضاح... البعض يلقى ضالته ومراده، وكأنه يلعب لعبة البولينغ... بدلا ما يصيب الكرة الحمراء يلجا عن طريق الكرة البيضاء أو الصفراء لضرب تلك الكرة، وكأنه يقوم بجراحة تجمليه، بدون دماء ولا تخدير... والكل يساير بدون أن يدري أنه جزء من لعبة الشطرنج... وخلال الصيف وقبلها سمعنا... وقرأنا للعديد من القضايا ظاهرها مبنى بشكل هندسي لا غبار لأبسط الجزئيات وباطنه التلفيق والكيد... لإسقاط شخص ما أو مؤسسة؟ وإنني لن ألوم الجهات التي سربت المعلومة... بقدر ما ألوم سكوت القبور أو الكلام المشفر للبعض الذي قد يتجاوزنا... في فهمه وتأثيراته... فالإشاعة أو... عمل حرفي يحلو للبعض التفنّن فيه من خلال بعض العناوين، أو الملفات الفارغة أو التضليل الموجه... وذلك قد أثر سلبا على المجتمع بانتشار ثقافة التبلعيط والهف والدوران... في نفس المكان وجعل سياسة الحبة قبة الرائجة لدى نخبنا ومثقفينا وسياسيينا ... وما أعجبني في ذلك أن البعض يريد أن يسوق لنفسه من خلال نشر إشاعات أو عناوين على نفسه... لعل وعسى تعيده لسنين المجد الزائلة... ونسي أن الشعب أصبح واعيا... وحركية المجتمع في احتكاك دائم مع الغير... مما جعل من الصعب الضحك على أذقان الشعب أو تخديره أو تنويمه مغناطيسيا!؟... * ثقافة "التبلعيط" هذه أصبحت عملة سائدة في حياتنا السياسية والمؤسساتية فأصبح الفشل يبرر لا على أساس العجز أو عدم القدرة أو نقص الكفاءة... والله غفور رحيم... ولكن بارتكاب جرم مضاعف من خلال "الكذب" والتلفيق و"التبلعيط" وأننا لن نزايد... بقدر ما هي حقائق مرة... ألم يشهد الجزائريون وعلى المباشر توبيخ أعلى مسئول في هرم السلطة وزيرا على شطارته في جعل الحقائق كذبا... والكذب حقائق... !! * فانتشار ثقافة "التبلعيط"... قد تكون بالمقام الأول نتيجة "إحساس" المجتمع والأفراد... أن الدول تشجع هؤلاء... من خلال السكوت وعدم المعاقبة أو الزجر... أو لامبالاة، ولذلك فإنه، حقا، الدول والأمم لا تبنى بالتبلعيط والكذب، بقدر ما تبنى عن طريق المصارحة والمكاشفة والحقائق المجددة البعيدة عن أي توظيف سياسوي أو ايديولوجي... ومن ثم أجلا أم عاجلا كل الحقائق ستظهر وتنكشف... وحينها محكمة التاريخ ستعرف من هو التايواني والمبلعط... من الكاذب والصادق... ولنعتبر بسنين بوش وإدارته الكارثية وإخفائه للحقائق، بالتنصل والكذب والاستهتار بالحقائق... * وانني تكلمت عن هذه الظاهر بحكم انتشارها السريع على كافة المستويات والمسئوليات؛ فالصادق قد يهمش أو يوصف بقلة الحيلة والشطارة... حتى أصبح التبلعيط، للأسف، معيارا للترقية والرقي نحو الأعلى!!.. * كما أن للإعلام دور جد هام في إيقاف هذا الزحف من خلال تحري الموضوعية والحياد وخدمة الصالح العام... وليست الخدمة بالوكالة لصالح جهة أو مؤسسة معينة..؟؟، فإعلامنا أحياناً بدلاً ما ينور الرأي العام ويبصره، وهي من أحد الرسائل الأساسية لأي إعلام حر وشريف، أصبح جزءا من لعبة التضليل والتبلعيط والتلفيق... فكم من شخص قتله الخبر الصحافي قبل أن يقتله الموت الطبيعي... وكم من جريدة فقدت توازنها بسبب خبر غير صحيح... وكم وكم..؟؟ أليس الحرب بين التوتسي والهوتو، عرس الكراهية والحقد بين أفراد المجتمع بدأت شرارتها الأولى من خلال إذاعة القلل السبع... * أخيرا، انني متفائل بطبعي ولكن بحكم ما عاينته في الجزائر، نرجو إيقاف هذه الظاهرة الدخيلة عن تقاليدنا وديننا وأعرافنا... وما أعجبني أنه أحيانا... الإشاعة كذلك يكون دورها في إيصال أو لفت نظر... وأحيانا خطابا مشفرا... وأحيانا لحذف فلان من خلال إرساء سد مانع لتبوئه مسؤولية ما... هذه نواميس جزائر الغد واليوم على كافة المستويات إن لم تعالج بصفة جدية... ومستمرة... فالانهيار قادم لا محالة... فالكل شركاء بسكوتهم... فالكل متواطئون بسكوتهم... والله يلطف.