"البلوتوث" يخترق الأخلاق في المجتمع للأشخاص المُسَاءِ إليهم الحق في رفع شكوى للنائب العام لم تعد النكتة الشغل الشاغل للجزائريين كما كانت عليه في سنوات الثمانينيات، ورغم أنها انتهجت نوعا آخر خلال العشرية السوداء، بصفتها تتعلق بأحداث جديد لم يسبق أن عايشوها من قبل، إلا أن ما خلفته هذه المرحلة من هموم وآفات شغلت عقولنا عن جلسات الضحك والسمر. * * ويؤكد الإعلامي والمحلل السياسي، الأستاذ إسماعيل معراف، للشروق حول هذا الموضوع، أن الوسائل التكنولوجية الجديدة في ظل الواقع الذي يعيشه الجزائريون، قطع شهيتهم في التنكيت السياسي خاصة، وجعلهم يفضلون التطلع على اللقطات الساخرة المحمولة عبر الهواتف النقالة لمسئولين وشخصيات مشهورة على الصعيد المحلي والعالمي. وبحسبه، فإن تراجع الحراك السياسي رجح الكفة للنكتة الاجتماعية، هذه الأخيرة وإن غاب الإبداع فيها، أصبحت تعبيرا خياليا طريفا يثير نوعا من الضحك قلما نجده في بعض المجالس، تعكس في مجملها مظاهر جديدة تتعلق بالإرهاب، الحراقة، الفقر، السكن، الزحف الريفي وغيرها من الآفات الاجتماعية. ويشير متحدث الشروق، المحلل السياسي إسماعيل معراف، إلى صفة الفردانية التي أضحت سائدة بين الناس بفعل الوسائل التكنولوجية الحديثة، حيث اعتبر أن لقطات الفيدو القصيرة المحمولة على الهاتف النقال والمنتشرة عبر الانترنت، والتي تتحلى بالسخرية والتهكم عن مسئولين في مختلف الميادين وفنانين عن فبركة اللقطة بتغيير تصريحاتهم الحقيقية إلى كلام هابط، يكشف عن حقيقة الشارع الجزائري، ويستهزئ بالشخصية المتحدثة، هي لقطات للضحك الفردي دون مشاركة الجماعة في غالب الأحيان، بل لا تثير يضيف الضحك الشافي لهموم القلب، ويبقى ضحك سطحيا لكنه يعطي راحة نفسية. * * لقطات الفيديو الساخرة لم تسلم منها حتى الحيوانات! * وكما كانت النكتة عملا واعيا ومبرمجا يهدف إلى فعل سياسي واجتماعي لتوعية الناس، أصبحت لقطات الفيدو الساخرة مثلها، فرغم أنها تتداول وتنشر عبر الانترنت والهواتف النقالة، إلا أنها عمل سري فيه جملة من سلبيات المجتمع الجزائري، وعيوب التسيير في المؤسسات العمومية، تأتي في تصريحات الشخصيات والأسماء المعروفة أو لقطات لمجازر الإرهابيين صامتة ويختار التعليق المناسب بطريقة مضحكة ومؤسفة في آنٍ واحد، أو لفنانين معروفين بالفكاهة مع إلحاقهم بأصوات شبيهة لأصواتهم لتغيير أقوالهم بكلام الشارع الفاضح! مثل ذلك ما حدث لفنان فكاهي معروف. * الحيوانات هي الأخرى لم تسلم من لقطات الفيديو الساخرة، ولعل أشهر لقطة لحمار ترمي به جماعة أشرار من أعلى جسر، فيتحدث بلغة الإنسان طالبا النجدة، وعندما يسقط في النهر، يقول (الله أكبر) بكلام مفبرك طبعا. وقد ألحقت الأغاني الجزائرية بمختلف طبوعها، خاصة ذات الطابع الشاوي بلقطات مقتطفة من مسلسلات وأفلام لرسوم متحركة، لتتحول إلى لقطات فيديو محمولة على الهواتف لإثارة الضحك، مثال على ذلك لقطة (توم وجيري) يرقصان على الزرنة، ولقطة (القط توم) يعزف على الڤيثار ويغني بالشاوية لقطة بيضاء ثم يداعبها بيده على لحيتها فتنطبق الكلمة الأخيرة مع الحركة وهي اللقطة التي تضحك من يشاهدها. وبحسب بعض المختصين، فإن هذه القطات ورغم بساطتها أحيانا إلا أنها لا تخلو من المغزى والتعبير عن مظهر من مظاهر الحياة. * * القانون يعتبر لقطات الفيديو المفبركة مساسا بكرامة الأشخاص ويعاقب عليها * الفيديو المحمول على الهواتف الخلوية مسّ أكبر المسؤولين في الدولة وبصورة تسيء لكرامتهم، وألحقهم بكلام بذيء يخدش الحياء، بحسب بعض اللقطات التي اطلعنا عليها، حيث تفيد مصادر مطلعة أن هناك تحقيقات جارية حول الأشخاص الذين يروجون لمثل هذه الأشياء، فيما أودع الكثير ممن وجدت في هواتفهم النقالة مثل هذه اللقطات الحبس المؤقت وأحيلوا على العدالة. ويؤكد في هذا الصدد، حسين زهوان رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الرابطة لم تتلق لحد الساعة أي شكوى من ضحايا لقطات الفيديو الساخرة، رغم أن الظاهرة حسبه خطيرة وتمس بكرامة الأشخاص. وقال المتحدث، إن الأمر ينبغي أن يأخذ بجدية لمتابعة هؤلاء الذين يقومون بفبركتها أمام العدالة، لأن القانون الجزائري يعتبر ذلك مساسا بكرامة الأشخاص مهما كانت صفتهم، ومكانتهم في المجتمع. وأوضح المختص في القانون، حسين زهوان، أن للأشخاص المساء إليهم عبر لقطات الفيديو المفبركة الحق في رفع شكوى أمام النائب العام للتحقيق حول مصدر اللقطة، كما لديه الحق لمتابعة من يروجون لها.