اكتسح البلوتوث أو تكنولوجيا اللاأمن الحديثة مجتمعنا وكسر جميع الطابوهات واخترق أسرار الكثيرين، حمل صورا وفضائح استطاع ضعيفو النفوس إخراجها للعلن بغرض التشهير أو الانتقام من أشخاص معينين، صورا دمرت عائلات بأكملها وحولت حياة آخرين إلى كابوس مرعب دفعوا بذلك ضريبة الاستعمال السيء للتكنولوجيا. لا يحمل البلوتوث من المحاسن ما يمكن أن نغطي به مساوئه التي فاقت جميع التصورات، بعد أن أصبح البلوتوث يترصد ضحاياه في كل مكان، كاشفا ومخترقا الكثير من الخصوصيات، وفاضحا لأكثرها إثارة وتشويقا، وكانت الأعراس والأحياء الجامعية والحمامات مسرحا مفضلا لتصوير البلوتوث، يتفنن أصحابه في دهاء تام لتصوير أحسن اللقطات، فبعد أن كنا نسمع فقط عن هذه الكوارث في بعض الدول العربية كمصر ودول الخليج، انتقل هذا الداء الخطير ليكتسح بين ليلة وضحايا مجتمعنا ووجد التربة الخصبة لينمو وسط الشباب الطائش الباحث عن المتعة ووسيلة سهلة للانتقام وأي انتقام...؟ ولم يعد غريبا تسابق الشباب والمراهقين على اقتناء أجهزة الهاتف المحمول، التي تحوي تقنية البلوتوث لأن الجميع يلهث وراء أحدث الصور والأفلام المسلية والطريفة والماجنة في أغلب الأحيان لتبادلها فيما بينهم، خاصة الجنسية منها والتي يصل الأمر ببعضهم إلى بيعها بمبالغ معينة. والأدهى أن ينتشر البلوتوث في مجتمعنا بهذه السرعة، وأن يحول فتيات وشباب وحتى نساء متزوجات وكهول من مجتمعنا إلى مادة دسمة لهذه التقنية الخطيرة، محدثا الكثير من المصائب التي حولت حياة بعض الناس وخاصة الفتيات إلى جحيم لا يطاق. ------------------------------------------------------------------------ البلوتوث يكسر حرمة البيوت الجزائرية ------------------------------------------------------------------------ يكفي أن نعود بالزمن قليلا للوراء لنكشف أننا كنا أكثر أمنا، وما كنا نعرفه من فضائح عن طريق الإعلام كان أغلبه مجرد تلفيقات عارية من الصحة، أما اليوم فكل الأخبار أصبحت توثق بصور حية مع التركيز على وجوه أبطالها المغدورين في أغلب الأحيان، وأصبح الانتقام أول دوافع قناصي الصور ومشاهد البلوتوث، وما شهدته الأعراس مؤخرا من نقل صور المحجبات ونساء متزوجات وهن في آخر صيحات التبرج وتداولها بين الجيران وشباب الحي، أشعل فتيل أزمات قصفت حصانة الأسر الجزائرية، أما الحمامات فمازالت الوقود الأساسي لتلك الجرائم الالكترونية، وماحدث مؤخرا بولاية البويرة خير دليل على التغلغل الرهيب لثقافة البلوتوث في مجتمعنا، حيث قامت إحدى العاملات بحمام شعبي بتصوير فتاة كانت على خلاف معها، وقامت بتهديدها بفضحها إن لم ترضخ لطلبها وهو الابتعاد عن صديقها، وبعد أن نفذت الفتاة ما طلبته العاملة طلبت منها مبلغا من المال لكي تمحو الصورة وهو ما تم فعلا، وخوفا من الفضيحة لم تجد الفتاة ما تفعله إلا تنفيذ أوامرها كلها. أما ما حدث بولاية سطيف فكان أكثر خطورة، وهو قيام بائع مجوهرات بتخصيص غرفة داخل محله للمواعيد الغرامية، أما مهمته هو فكانت تصوير زواره دون علمهم وتهديدهم خاصة الفتيات والمقابل تكون مبالغة مالية مرتفعة أو مواعيد غرامية مماثلة تجمعه بهن، وقد هزت هذه الفضيحة أركان البيت السطايفي، خاصة أن أبطال هذه الصور شباب وفتيات من أسر معروفة بالمدينة. وهذا شيء قليل من بحر جرائم البلوتوث التي فرضها نمط الحياة الجديدة، والتي أصبحت تتناقلها الألسن والهواتف المحمولة على حد سواء، خاصة ما شهدته الإقامات الجامعية حين تختلط صور الرقص والخلاعة داخل الحفلات التي تقيمها الطالبات فيما بينهن، وتصبح صورها المشينة محل حديث الطلبة، وتخرج الفضائح متجاوزة أسوار الجامعات، وقصص أخرى كانت الحدائق والغابات القريبة من الإقامات الجامعية مسرحا لها، أبطالها شباب وطالبات التقطت لهن صور ومشاهد حميمية بعلمهن أو خفية عنهن، وجرى ابتزازهن والرمي بهن داخل مستنقعات الدعارة وعلب الليل التي يصعب الخروج منها. هل يمكننا اليوم أن نوقف الزحف الهائل للتكنولوجيا، وأن نحد من ظاهرة الاستعمال الخاطئ لها وتشويه صورها من طرف شباب جاهل أبدع وللأسف بطيشه في فن تخريب البيوت وتدمير القيم النبيلة والعادات والتقاليد، التي جبل عليها أفراد المجتمع، يقول ''نبيل'' طالب بكلية الحقوق إن البلوتوث قهقر الكثير من العلاقات الاجتماعية، ولم يعد أحد يأمن على نفسه من أن يكون ضحية لهؤلاء، خاصة المختصين في فبركة الصور والأفلام، فكثيرا ما ينجحون في تغيير الحقائق، فتكفيهم صورتك فقط ليضعوا منها قصصا وسيناريوهات مختلفة، فتكون بطلا ومحل سخرية الجميع دون أن تدري. كما أن الفراغ القانوني فسح المجال واسعا لمثل هؤلاء للبعث بحياة الآخرين، وما تقوم به الشرطة من حملات تفتيش لهواتف الشباب لن يغير كثيرا في الأمر، فيجب أن تحارب الظاهرة من جميع جوانبها، وكما يجب على الضحية ألا يتأخر في التبليغ عن التهديدات التي يتلقاها، وعلى الدولة أن تضع عقوبات ردعية لمثل هذه الجرائم. أما زميله ''أمين'' فيرى أنه من غير الممكن أن نحد من ظاهرة الصور الفاضحة، فهي تخضع لسلوك كل فرد داخل المجتمع، وكل واحد منهم يحمل في هاتفه النقال ما يشاء، ولا يمكننا تفتيش جميع الهواتف في الجزائر، كما أني أكاد أجزم أن النسبة الكبيرة من تلك الصور والمشاهد تتم برضى الأطراف وأغلبهم يقومون بالمتاجرة بها وبيعها بمبالغ كبيرة، وهي في الأخير دعارة تكنولوجية بدأت تتستر تحت مسميات مختلفة. ------------------------------------------------------------------------ البلوتوث ومنتديات الفضائح ------------------------------------------------------------------------ ساعدت الانترنت على انتشار البلوتوث فلا تكاد تدخل موقعا ما حتى تظهر أمامك ومضات إشهارية لمواقع تحمل البلوتوث بولتوث مضحك أو درامي أو جنسي، أما هذا الأخير فيلقى نسبة عالية من محاولات التحميل، وأغلب هذه المواقع يتم تصميمها في دول الخليج تحمل أسماء مختلفة منتدى الفضائح، منتدى الإثارة وغيرها من الأسماء الغريبة الأخرى التي تغري اللاهثين خلف صور البلوتوث، وفي مجالس الفتيات والشباب أصبح البلوتوث يأخذ الكثير من أحاديثهم، فتراهم منهمكين في تبادل الصور فيما بينهم، كما يتصفحون المواقع بحثا عن آخر ما توصلت إليه عبقرية شباب متهور. والغريب أن المجتمع لم يأخذ بعد خطورة البلوتوث محمل الجد، فكثيرا ما نرى في أيدي الأطفال والمراهقين هواتف محمولة مزودة بتقنية البلوتوث، ولا يكلف الأولياء أنفسهم عناء تصفح هواتف أبنائهم، ولا حتى تنبيههم بخطورة هذه الصور، ورغم كل ذلك يبقى البلوتوث يواصل نفث سمه وسط مجتمع لم يع بجد خطورة الاستعمال السلبي والمفرط للتكنولوجيا الوافدة.