خروقات قانونية مبالغ خيالية ومطالب بمنع الطرابنديست الطبي * دقت رئاسة المجلس الوطني لعمادة الأطباء الجزائريين ناقوس الخطر، جراء ما يحدث من تجاوزات ببعض العيادات والمصحات الخاصة التي لم يتردد مسؤولوها في خرق قوانين الجمهورية بسماحهم للأطباء الأجانب من مختلف الجنسيات بممارسة مهنة الطب، بل أكثر من ذلك إجراء عديد من العمليات الجراحية الصعبة والمعقدة، دون توفير أدنى ضمان للمريض الذي يدفع مبالغ مالية باهظة وبالعملة الصعبة في أغلب الأحيان. * * كل طبيب أجنبي يعبر الحدود خارج القانون طرابنديست طبي * كشف عميد الأطباء الجزائريين الدكتور بقات بركاني محمد أن عمادة الأطباء الجزائريين سجلت في السنتين الأخيرتين، وقوع عديد من الخروقات القانونية في مجال التعامل مع الأطباء الأجانب من طرف بعض المصحات الخاصة التي تستنجد بهؤلاء الأطباء الذين يتوافدون على الجزائر مع نهاية كل أسبوع لإجراء عمليات جراحية معقدة ومستعصية مقابل تقاضي مبالغ مالية لا تقل في أحسن الأحوال عن مبلغ 2000 يورو للعملية الجراحية الواحدة. * وأضاف رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات المهن الطبية أن عمادة الأطباء الجزائريين لا تعارض فكرة التعامل مع الأطباء الأجانب مهما كانت جنسيتهم، وإنما تطالب فقط بأن يكون ذلك في إطار قوانين الجمهورية الجزائرية التي تمنع صراحة أي ممارسة طبية وجراحية للأطباء الأجانب في المصحات الخاصة. * وعلى العكس من ذلك، فإن عمادة الأطباء لا تعارض فكرة الاستعانة بالأطباء الأجانب في إطار المؤسسات الاستشفائية العمومية للاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم وذلك في إطار الإتفاقيات المبرمة بين الدول، كما هو الشأن في علاقات التبادل الطبي بين الجزائر وكوبا وكذا بين الجزائر والصين، مؤكدا في ذات السياق أن الأطباء الأجانب الذين يأتون إلى الجزائر في إطار هذه الإتفاقيات ويعملون لحساب المؤسسات العمومية يكونون حتما تحت مسؤولية الجهات العمومية وأي خطأ طبي يصدر عن أحدهم يكون تحت مسؤولية الدولة التي من صلاحياتها مراقبة هؤلاء الأطباء وكفاءاتهم وكذا الشهادات التي تحصلوا عليها في بلدانهم ومدى مطابقتها لمقاييس الشهادات والديبلومات المتحصل عليها في الجزائر، كما أن الدولة في هذه الحالة تضمن تعويضات وحقوق المريض، وعدا هذا الإطار، يضيف عميد الأطباء الجزائريين، فإن كل طبيب أجنبي يعبر الحدود الجزائرية من أجل الممارسة الطبية أو الجراحية خارج الإتفاقيات المبرمة أو القوانين الجزائرية يعتبر "طرابنديست طبي". * وتساءل بقات في ذات السياق عن الجهة التي تملك صلاحية مراقبة شهادات وديبلومات هؤلاء الأطباء الأجانب الذين يأتون مع نهاية كل أسبوع إلى الجزائر لإجراء عمليات جد خطيرة بالعيادات الخاصة دون تقديم أي ضمانات للمريض المسكين، ويتقاضون مبالغ ضخمة من العملة الصعبة نقدا ثم يغادرون مطارات الجزائر بكل أمان واطمئنان دون أي مراقبة لحركة ونشاط هؤلاء الأطباء أو الأموال التي يحملونها معهم ودون البحث حتى عن مصدرها الذي اعتبره الدكتور بقات غير شرعي، لأنه ناتج عن ممارسة طبية تمت خارج قوانين الدولة الجزائرية، وبلهجة صارمة وحادة انتقد رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات المهنة وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات التي منحت التراخيص للعيادات الخاصة من أجل جلب الأطباء الأجانب والسماح لهم بالممارسة الطبية وفق الشروط المحددة في الوثيقة التي سلمتها لهذه العيادات، وهي الشروط التي تعجب لحالها الدكتور بقات وأثارت حفيظة أعضاء المجلس الوطني لأخلاقيات المهن الطبية، خاصة ما يتعلق منها بالبند الذي يفرض على الطبيب الأجنبي ضرورة تقديم نسخة من الديبلوم المتحصل عليه ببلده وكذا ضرورة تسجيله بعمادة الأطباء لوطنه، دون أن تفرض عليه ضرورة التسجيل بعمادة الأطباء الجزائريين، كما هو الشأن لكل دول العالم التي تمنع أي طبيب جزائري ومهما كانت كفاءته أو اختصاصه من الممارسة الطبية ما لم يكن مسجلا في عمادة الأطباء لذلك البلد. * وقد تساءل الدكتور بقات عن حق عمادة الأطباء الجزائريين في التسجيل المتبادل وحق المعاملة بالمثل بين أطباء كل الدول، مشيرا إلى أن الطبيب الجزائري وعلى الرغم من الكفاءة المشهود له بها عبر مختلف دول العالم يمنع من حق الممارسة الطبية حتى في البلدان المجاورة كتونس وموريتانيا، ما لم يكن مسجلا رسميا لدى عمادة أطباء هذه الدول. * وكشف عميد الأطباء أن هذا الوضع تسبب في حدوث عديد من المشاكل التي تضر بمصلحة المريض، داعيا في ذات السياق إلى ضرورة مجابهة ظاهرة توافد الأطباء الأجانب مع نهاية كل أسبوع على العيادات الخاصة بطرق غير قانونية لإجراء عمليات جراحية وتلقي مبالغ مالية باهظة بطريقة لا يمكن وصفها سوى بالبزنسة الطبية. * وأضاف بقات أن ذلك سوف لن يتأتى إلاٌ بتظافر جهود جميع المعنيين بالمنظومة الصحية الجزائرية، خاصة منها وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات التي يجب أن تلعب دورها الكامل في مراقبة وتفتيش نشاط المصحات الخاصة ومدى مطابقة عملها للمقاييس ودفتر الشروط، وفتح الأبواب أمام عمادة الأطباء بصفتها شريكا فعالا وأساسيا لإبداء الرأي المناسب ميدانيا من أجل القضاء على المظاهر السلبية، والتي كانت من نتائجها تسجيل أكثر من 500 شكوى كاملة ضد أطباء ارتكبوا أخطاء مهنية وآخرون قصروا في أداء مهامهم، وهي ملفات لازالت ينتظر الفصل فيها من طرف المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة الطب. * * الأطباء الأجانب يتلاعبون بأجساد المرضى الجزائريين * من جهته، أكد نائب رئيس المجلس الوطني لأخلاقيات الطب الدكتور مصطفى قاصب أن الأطباء الأجانب الذين يعملون بطريقة غير قانونية في العيادات الخاصة، في إطار الإقامة السياحية، يرتكبون المجازر في حق المرضى الجزائريين ويتلاعبون بأجسادهم دون حسيب أو رقيب، وقد خصٌ في معرض حديثه الأطباء الفرنسيين الذين يأخذون من المرضى الجزائريين أموالا طائلة نظير إجراء عملية جراحية غير مضمونة النتائج، في حين يمنع القانون الفرنسي الأطباء الجزائريين من ممارسة المهنة الطبية ما لم يكونوا مسجلين رسميا في قائمة عمادة الأطباء الفرنسيين، ولا يسمح بالتسجيل في قائمة عمادة الأطباء الفرنسيين سوى لحاملي الجنسية الفرنسية، وهي المفارقة التي يقول بشأنها الدكتور قاصب إنها عجيبة وغريبة في نفس الوقت أمام التهميش الواضح والصريح لدور عمادة الأطباء الجزائريين بصفتها الهيئة الرقابية العليا في إبداء رأيها ومراقبتها لنشاط الأطباء الأجانب في العيادات الخاصة وفق ما يقتضيه القانون الجزائري. * * تونسيون يقومون بالعمليات التجميلية بمصحات الشرق الجزائري * وأضاف الدكتور مصطفى قاصب، الذي يشغل أيضا، منصب ممثل الجزائر في الأمانة العامة لإتحاد الأطباء العرب، أن الأطباء التونسيين يتوافدون مع نهاية كل أسبوع على المصحات الخاصة ببعض مدن الشرق الجزائري، خاصة منها مدينة عنابة ويقومون بإجراء عمليات الجراحة التجميلية مقابل تلقي مبالغ مالية باهظة بطريقة فيها مكر واحتيال على الجزائريين، مطالبا في ذات السياق بضرورة التحرك العاجل للجهات المعنية والتي تملك سلطة الغلق والتنفيذ من أجل وقف هذا النوع من النشاط المشبوه، خاصة وأن هذا النوع من العمليات الجراحية لا يتم تدريسه بالجامعات الجزائرية ولا يعتبر علاجا قاعديا، إضافة إلى كونه مقتصرا على فئة معينة فقط من المجتمع، وهي فئة الأثرياء جدا، بالنظر لتكاليف العملية التجميلية الواحدة والتي تكلف مبالغ مالية طائلة يتم دفعها في أغلب الأحيان بالعملة الصعبة. * وأضاف الدكتور قاصب أنه وباعتراف دولي، فإن عمليات الجراحة التجميلية هي مصدر القضايا الطبية أمام الجهات القضائية لما تتسبب فيه من مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى حدوث تشوهات جسدية مستديمة وأخرى قد تؤدي إلى الإصابة بالسرطان أو التعفنات المؤدية حتما إلى الموت البطيئ ولم يخف الدكتور قاصب اعترافه بأن الجزائر شهدت خلال السنتين الماضيتين، وقوع عديد من الحالات الناتجة عن الأخطاء الطبية في هذا المجال، مضيفا في ذات السياق أن الطبيب الجزائري وفي حالة ارتكابه لأي نوع من الأخطاء المهنية يمكن لمجلس أخلاقيات المهنة الطبية أن يراقبه ويعاقبه، لكن وبالمقابل وفي حال صدور خطأ طبي من طرف طبيب أجنبي أجرى عملية جراحية في مصحة خاصة وبطريقة غير قانونية لا يمكن لعمادة الأطباء محاسبته أو معاقبته، لأنه وبكل بساطة غير مسجل لديها، وتساءل الدكتور قاصب في نفس السياق عن من يقوم بتعويض المريض عن الأضرار التي قد تلحق به جراء الخطأ الطبي المرتكب من طرف طبيب أجنبي مارس مهنته بالجزائر خارج القوانين والإتفاقيات الدولية بين البلدان. * * على الوزارة أن تتحرك لوقف التجاوزات * وطالب نائب رئيس المجلس الوطني لعمادة الأطباء بضرورة التدخل العاجل والسريع لوزارة الصحة من أجل ضبط ميكانيزمات جديدة بالتنسيق مع عمادة الأطباء لتسوية وضعية الأطباء الأجانب العاملين في الجزائر ومراقبة تحركاتهم ونشاطهم الذي يجب أن لا يخرج عن إطار قوانين الجمهورية الجزائرية التي تضبط بدقة شروط وكيفيات وتنظيمات ممارسة المهن الطبية. وأكد الدكتور مصطفى قاصب أن الجزائر قد تجاوزت مقاييس المنظمة العالمية للصحة بوجود 3600 طبيب، أي ما يعادل أكثر من طبيب واحد لكل 800 نسمة، مضيفا أن الأطباء الجزائريين يملكون كفاءات ومهارات عالية في مختلف التخصصات الطبية والجراحية ويتزايد عليهم الطلب من كل دول العالم حتى تلك الدول المصنفة في خانة الدول المتقدمة.