أنصار الخضر يودعون الفيميجان أصبحت طريقة التشجيع بالألعاب النارية علامة جزائرية خالصة في السنوات الأخيرة، ولم تقتصر على ملعب دون آخر، إلى درجة أن كل ملاعب الجزائر، بما في ذلك ملاعب بطولة مابين الجهات، تشهد هاته الأجواء النارية التي فيها الكثير من الاحتفالية والكثير من المخاطرة، وأيضا من التبذير لأن ثمن هذه الشماريخ المضيئة المستوردة من الخارج غال جدا. * * وقامت تلفزيونات عربية مثل "آرتي والجزيرة الرياضية" في المواسم الرياضية الأخيرة بروبورتاجات ساخنة عن التهاب المدرجات في الجزائر خلال المبارايات المحلية، ناهيك عن المواجهات الدولية التي تلعبها مختلف الفرق الجزائرية.. كما شدّت الرحال نحو الجزائر تلفزيونات ألمانية وسويسرية وإسبانية وفرنسية وقدمت صورا عن هذه الأجواء النارية الجميلة، ليتحوّل هذا التقليد إلى علامة جزائرية مسجلة يضرب بها المثل في كل مكان حتى وإن كان هذا المثل الهدف منه أحيانا الإساءة للجمهور الجزائري العاشق الأكبر لكرة القدم.. ولكن القوانين الجديدة التي ستطبقها اتحاديتنا بداية من لقاء الأرغواي القادم والذي يهدد حامل النار بالسجن، سينهي بالتأكيد هذا التقليد للأبد. * * أجانب أحبوا اللعب في الجزائر لأجل الشماريخ * يصرّ اللاعب المصري السابق حسام حسن رفقة شقيقه التوأم إبراهيم حسن على وصف التشجيعات الجزائرية بالألعاب النارية "بالإرهاب"، ويواصل التوأم في غيّهما برغم مرور عدة أشهر عن مواجهة النادي المصري لشبيبة بجاية، وبرغم أن الشماريخ لا تؤثر على المنافس مثل الهتافات التي هي أشد وقعا.. وكان نادي إتحاد جدة السعودي خلال دوري أبطال العرب في نسخته قبل الأخيرة، قد أقام الدنيا ولم يقعدها احتجاجا على ما قام به مناصرو وفاق سطيف الذين ألهبوا ملعب 8 ماي، واعتبر مدرب النادي ورئيسه ما حدث من تشجيع بالنار غير مقبول.. وحاولت عدة أندية عربية الفوز بمباراياتها على البساط ضد وفاق سطيف، رغم أن هناك فرقا كانت تحضر وتتعجب لهذه الألعاب بل أن لاعبي الفيصلي الأردني كانوا يصورون الجمهور بكاميرات خاصة، وأيضا بهواتفهم النقالة كأحلى ذكرى من مرورهم بالجزائر.. وبلغ عشق اللاعب الإسباني الأسطورة "غوارديولا" الذي لعب مع ناديه القطري ضمن دوري أبطال العرب ضد الوفاق لهذه الألعاب التي حوّلت ملعب سطيف إلى كتلة نارية، قوله بأنه يتمنى لو يلعب دائما في هذه "الكرنفالات" النارية.. كما ذهل المدرب الفرنسي ميشال هيدالغو لذات المناظر في لقاء داربي قسنطيني جمع بين مولودية وشباب قسنطينة كان فيه ضيف شرف، حيث اختصر دهشته بالقول "صراحة لم أشاهد مثل هذا في حياتي" وحتى لا ننسى فإن ميشال هيدالغو هو الذي قاد منتخب فرنسا لإحراز كأس أوربا للأمم عام 1984 التي جرت أطوارها بفرنسا.. وخلال الدور الأول لإقصائيات المونديال القادم، عندما واجه منتخبنا في ملعب البليدة نظيره السنغالي في مواجهة كانت أجواءها نارا في نار، خصوصا حين حوّل في الشوط الثاني بزاز وعنتر يحيى وصايفي الخسارة إلى انتصار فخرجت الشماريخ التي جعلت الرؤية داخل الملعب شبه معدومة.. وتحول التشجيع بالألعاب النارية عادة لدى الجمهور الجزائري وأصبحت الحاويات تدخل الأطنان منها ومن مختلف الأشكال، والغريب أن هذه الألعاب النارية غزت حتى بعض الأفراح والولائم وأحدثت إصابات كادت أن تتحول إلى كوارث ومآسي، لأجل ذلك سيصعب فعلا ردع الجمهور الجزائري عن استعمال الألعاب النارية، خاصة أنه أصبح لدينا جمهور يدخل الملعب لمشاهدة الجماهير وليس لمشاهدة اللاعبين وأيضا مشاهدة الألعاب النارية التي لن يراها في مكان آخر في ملاعب الكرة. * * لكل مناصر علم..أجواء صفاقس قد تتكرر أمام زامبيا * مع حرمان المشجعين الجزائريين خلال مباراة زامبيا المرتقبة في السادس من شهر سبتمبر القادم من استعمال الألعاب النارية، صار لزاما إيجاد طرق احتفالية أخرى مباحة وتكون أيضا علامة جزائرية متميزة، خاصة أن عدد المناصرين لن يقل عن الثمانين ألف متفرج، وقد يقارب المئة ألف مناصر وكلهم يتطلعون إلى سهرة رمضانية، ستقارب فيها الساعة منتصف الليل من يوم الأحد.. وتنوي إدارة ملعب 5 جويلية منح، لكل مناصر علم رفقة تذكرته، رغم أن التجربة قدمها المسؤولون على ملعب ناصر الدولي بالقاهرة، خلال كأس أمم إفريقيا عام 2006، حيث منحت لكل مشجع أو مشجعة علم مصر، فكان منظر التلويح بالأعلام ساحرا.. ولكن في الميزة الجزائرية أن هاته الأعلام لن تكون مثبتة بعمود، وهو ما يجعل الجماهير تحملها عاليا باليدين، لتعيد إلى الأذهان صور مباراة الجزائر أمام مصر وأمام المنتخب المغربي خلال كأس أمم إفريقيا التي جرت بتونس، وكانت الشماريخ في تلك الدورة غائبة تماما.. صحيح أن الجماهير كانت تتمنى أن يتحوّل ملعب 5 جويلية خلال المباراة القادمة للخضر إلى شعلة نارية ولكن للعلم أيضا حلاوته إذا كان لكل متفرج علمه الخاص.. * * هكذا شجع الجزائريون منتخبهم عبر التاريخ * لم يأخذ الجزائريون من تشجيعات غيرهم من الأوروبيين والأمريكيين اللاتينيين الكثير، حيث مازال الأرجنتينيون لحد الآن، يشجعون بقصاصات الورق، إذ يرسلون في المدرجات الملايين منها، وكانوا قد ابتدعوا هذه الطريقة خلال مونديال 1978 التي فازوا بها إذ يخيّل للمشاهد من كثرة قصاصات الورق أن المباراة تجري فوق بساط من الثلج .. أما البرازيليين فتشجيعاتهم أقرب شبها للأفارقة وكانوا في مونديال 1950 قد لوحوا بحوالي 200 ألف منديل وهو عدد المناصرين في النهائي ضد الأورغواي بملعب ماراكانا وعندما فازت الأرغواي بالكأس العالمية، تحولت المئتي ألف منديل إلى مجففة لدموع المئتي ألف دمعة تهاطلت من أعين المناصرين. * الجزائريون في سهرة خريفية حالمة خلال نهائي ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1975 بالجزائر لم يجدوا، عندما سجل بتروني هدف التعادل في آخر المباراة وسجل منقلاتي هدف الفوز في الوقت بدل الضائع، في مرمى منتخب فرنسا، سوى إشعال الصحف التي لم يكن من عناوينها في تلك الفترة غير "الشعب والمجاهد" في العاصمة، إضافة إلى أسبوعيتين هما الهدف وجزائر الأحداث باللغة الفرنسية، والتهب الملعب بالجرائد المحروقة..أما خلال إقصائيات كأس العالم 1982 فإن المبارايات الأربع داخل الجزائر، جرت كلها خارج العاصمة بسبب تغيير أرضية الملعب من الإصطناعي إلى الطبيعي، حيث جرت المباراة الأولى أمام سيراليون بملعب وهران والثلاث الأخرى بقسنطينة أمام السودان ونيجر ونيجيريا، وفي اللقاء المصيري الأخير بقسنطينة رفضت مصالح الأمن بالقوة إدخال أعمدة تثبيت الأعلام الجزائرية، فكانت تحطمها أمام مدخل الملعب وهو ما جعل المناصرين يكتفون بقماش لعلم دون الأعمدة الخشبية، وصنعوا فرجة ساحرة، أما في كأس أمم إفريقيا عام 1990 فكان العكس، حيث ترافق العلم مع عموده الخشبي وبدا المنظر أكثر بهاء. * لا يهم ما يحمله المناصر في يده سواء كان راية أو شيئا آخر، لكن حنجرته ضرورية وهي التي دفعت رفقاء زياني في اللقاء الذي جرى أمام مصر من اكتساح "الفراعنة" باعتراف لاعبي المنتخب الوطني ولاعبي المنتخب المصري والمدرب سعدان.. وذاك ما نرجوه أمام منتخب زامبيا.