"سكانيرات" بعشرة أضعاف سعرها مسؤولون كانوا على اتصال مع الشركة السويسرية منذ جويلية 2007 أكدت وثائق رسمية تحصلت عليها "الشروق اليومي" من مصادر جمركية مسؤولة، ما تناولته الجريدة في عددها رقم 2694 الصادر يوم الخميس الفارط. * * والذي مفاده أن المديرية العامة للجمارك شرعت في الاتصال بالشركة السويسرية "SGS" قبل صدور المادة 92 مكرر من قانون المالية التكميلي للسنة الجارية، التي تنص على تعيين شركات أجنبية لمراقبة السلع والخدمات الموجهة إلى التراب الوطني، حيث تشمل عملية المراقبة القيمة والنوع والكمية والمنشأ، وهو القرار الذي أسال الحبر الكثير من قبل الخبراء، على اعتبار القرار قد يمثل مساسا بالسيادة الوطنية، قبل مفاجأة المديرية العامة للجمارك في بيان لها الرأي العام الوطني في برقية رسمية ترحب فيها بالقرار وتدافع بشراسة عن سمعة الشركات العاملة في مجال المراقبة على الصعيد الدولي، وذلك خلال اجتماع دام أزيد من 3 ساعات يوم الأربعاء الماضي بمقر المديرية العامة للجمارك حضره جميع المديرين المركزيين الذين توعدهم المدير بمعاقبة كل من يثبت تسريبه لمعلومات عن الاتصالات بالشركة السويسرية. * وكشفت "الشروق"، في الموضوع الذي نشرته في عدد الخميس الماضي، أن "جهات نافدة استبقت الإجراءات الجديدة بالاتصال بشركة "SGS"، وهو ما أكدته الوثائق الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للجمارك بتاريخ 9 جويلية 2007، تحت الرقم "183-DGD-D300-D311" في شكل مراسلة موجهة إلى مدير الدراسات المكلف بالمتابعة وتنفيذ البرامج ومدير الدراسات المكلف بالتعاون والعلاقات الخارجية ومدير الدراسات المكلف بالتنظيم والمناهج، ومدير المركز الوطني للإحصاء التابع للجمارك ومدير المركز الوطني للاتصالات التابع للجمارك، لحضور الاجتماع الذي عقد يوم 16 جويلية على الساعة الثانية زوالا مع الشركة السويسرية "SGS" بالقاعة "C" بمقر المديرية العامة للجمارك، وهذا تنفيذا لأوامر المدير العام للجمارك، بحسب الوثائق التي بحوزة "الشروق". * وتؤكد الوثيقة حرفيا ما ذهبت إليه "الشروق اليومي" في عدد الخميس الماضي، حيث تؤكد الوثيقة أن جلسة العمل خصصت للاستماع للشروحات التقنية التي سيقدمها خبراء شركة "SGS" والخاصة بالعرض المتعلق بتأطير التجارة الخارجية للجزائر. وتضيف الوثيقة أن هذه الشركة تقترح خدمات في مختلف القطاعات المتعلقة بنشاط الاستيراد والتصدير، وخاصة: تركيب قاعدة بيانات تعمل بالإعلام الآلي تتكفل بالمعالجة الإلكترونية لنموذج تسيير نشاطات التجارة الخارجية مع إمكانية ربطها بمختلف الإدارات المتدخلة في العملية، كما تقترح نفس الشركة السويسرية صيغا مختلفة للحصول على أجهزة سكانير مراقبة السلع واستغلالها، بالإضافة إلى مقترح خاص ببيع نظام مدمج للتكفل بمراقبة نوعية السلع المقلدة عند الاستيراد والتصدير. * وكشفت وثيقة ثانية صادرة عن المركز الوطني للمواصلات للجمارك تحت الرقم "0060DGD-C.200 " موجهة إلى المدير العام لنفس الهيئة، عن جميع التفاصيل المتعلقة بالمقترح الذي تقدمت به الشركة السويسرية والخاص بتزويد إدارة الجمارك بأجهزة سكانير، حيث توضح الوثيقة المذكورة أن المديرية المعنية عقدت يوم 21 جانفي 2008 اجتماعا مع ممثلين عن الشركة السويسرية بمقر مديرية مكافحة الغش، حيث قدمت الشركة السويسرية عرضها الخاص ببيع أجهزة سكانير للجزائر ب10 مرات ضعف سعرها الحقيقي، حيث اقترحت الشركة السويسرية التمويل الكلي لمشروع شراء أجهزة السكانير من الشركة الصينية المتخصصة في صناعة هذه التجهيزات "NUCTECH" وإبرام اتفاقية للتكفل بعمليات الصيانة والتكوين والاستشارة للعاملين على هذه التجهيزات، واقترحت الشركة أن يصبح المشروع ملكا لإدارة الجمارك عند نهاية العقد الذي يتفق بشأن مدته التي تتراوح بين 3 أو 7 سنوات حسب رغبة الجمارك الجزائرية، وقدر خبراء الشركة السويسرية القيمة الإجمالية للعملية ب11.8 مليون دولار أمريكي، لتجهيزات السكانير المستوردة من الشركة الصينية، والملفت للنظر في الموضوع أن نفس الشركة اتصلت بها إدارة الجمارك الجزائرية مباشرة واتفقت معها على شراء نفس أجهزة السكانير بقيمة 1.5 مليون دولار أي أن الفارق في الصفقة هو 10.3 مليون دولار مما يفتح الباب للسؤال عن الجهة المستفيدة من تضخيم قيمة العقد ولماذا تلجأ إدارة جزائرية سيادية إلى هذا التلاعب الخطير الذي يعد تبديدا للمال العام، وهو ما يتأكد بالمقارنة مع عقد من النفس النوع أبرمته نفس الشركة مع حكومة دبي بالإمارات العربية المتحدة، حيث تم الاتفاق على تقديم نفس الخدمات بقيمة 1.5 مليون دولار وضمان خدمات الصيانة والتكوين لمدة 3 سنوات مجانا مع ضمان قطع الغيار واليد العاملة وحضور مهندس صيني في عين المكان طيلة مدة العقد. وكشفت الوثيقة أن مبلغ 11.8 مليون دولار يسمح بشراء 10 أجهزة سكانير، وهو ما يجعل المتتبع لهذا الموضوع الحساس يتساءل بكل جدية عن خلفية تعديل أحكام المادة 92 من قانون الجمارك، وتحويل المراقبة الجمركية إلى شركات أجنبية تحصل على حقوقها بالعملة الصعبة، ولماذا شرعت جهات داخل إدارة الجمارك الاتصال بها سنتين قبل صدور نص التعديل؟ وهل الجزائر عاجزة عن الوفاء بمراقبة وارداتها وصادراتها من السلع والخدمات،. والسؤال الجدير بالطرح هو لماذا سارعت هذه الأطراف إلى الاتصال بالشركة السويسرية قبل صدور النصوص التطبيقية الخاصة بتنفيذ المادة 92 مكرر من قانون الجمارك؟