منذ أن نصب المكتب الفيدرالي الجديد في فيفري الماضي، طرح ملف العنف في الملاعب بحدة، وعملت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم والرابطة الوطنية على اتخاذ مجموعة من التدابير للحد من الظاهرة. والظاهر أن الجولات الأربع الأولى من البطولة الوطنية أثبتت مرة أخرى أن العنف مازال حاضرا بقوة وأن القوانين وحدها لن تحل المشكل ولا بد من البحث عن وسائل أخرى. * أربع جولات.. وعقوبات بالجملة * * عرفت الجولات الأربع من البطولة الوطنية حدوث مظاهر الشغب في عدة ملاعب، وهو ما دفع بلجنة الإنضباط التابعة للرابطة الوطنية إلى معاقبة بعض الأندية بحرمانها من جمهورها. ومنذ الجولة الثانية من البطولة، اندلع فتيل العنف بين أنصار أهلي البرج ونضرائهم في مولودية الجزائر، فحدث ما حدث من تخريب وصدام، لتأتي عقوبة الرابطة على الفريقين. ولم تثن المباريات الست التي عوقب بها الأهلي بقية المشاغبين، فوقعت مشاكل أخرى في مباراة مولودية العلمة ووفاق سطيف، وما حدث في ملعب الشلف بمناسبة استقبال الجمعية للعميد، أكد بأن المسألة باتت في دائرة الخطر وتنذر باتساع دائرة العنف في الجولات القادمة. ولا بد من القول بأنه من غير المنطقي أن يدفع الحكام في كل مرة إلى توقيف المباريات بسبب العنف الذي يتسبب فيه الأنصار، وهو ما حدث مرتين لفريق مولودية الجزائر أمام كل من أهلي البرج وجمعية الشلف. * * غلق الملاعب لم ينه العنف * * لم تجد الرابطة الوطنية من وسيلة تحارب بها العنف في الملاعب سوى معاقبة الجمهور المتسبب في الشغب وحرمانه من حضور المباريات. وبمرور المواسم، تبين بأن تغييب الجمهور لم يحل مشكلة العنف. وقد كشفت الأرقام بأن الموسم الماضي كان "موسما عنيفا" اعتمادا على عدد المباريات التي لعبت بلا جمهور. * إحصائية رسمية بينّت بأن أزيد من مائة مباراة جرت في ملاعب خالية من المتفرجين، وحتى ذلك لم يمنع من وقوع بعض المناوشات بين مسيرين من الفريقين المتنافسين وهو ما يعني بأن العنف ليس حكرا على المتفرجين وحدهم. وبالرغم من الإنتقادات التي وجهت لعملية إبعاد المتفرجين المشاغبين، إلا أن الرابطة الوطنية عادت هذا الموسم للإبقاء على هذا النوع من العقوبة لأنها على ما يبدو لم تجد بديلا لها. وقد تحدث رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة عن ظاهرة العنف ولم يفوّت فرصة طلب المساعدة من أسرة الكرة في إيجاد حلول بديلة تنهي العنف في الملاعب. * * معاقبة الأنصار أو معاقبة الأندية؟ * * يتفق أغلب المسيّرين في القول بأن العقوبات التي تسلطها الرابطة الوطنية على الأندية بحرمانها من أنصارها، ليست حلا ولا يمكنها أن تنهي ظاهرة العنف في الملاعب. ويستند أصحاب هذا الطرح إلى النتائج على الأرض، حيث لم تتراجع حدة العنف بالرغم من غلق مئات الملاعب ومعاقبة عشرات الأندية. ويدفع هذا الإعتقاد إلى القول أن المسيرين باتوا متذمرين من حرمان الجمهور من متابعة المباريات، ويعلل المسيرون موقفهم بالقول أن أنديتهم تعاني من الضائقة المالية وحرمانها من جمهورها يعني تجفيف منبع من منابع التمويل. * وبالمقابل، ترد الرابطة الوطنية بأنها وجدت نفسها وحيدة في مواجهة الظاهرة، موجهة إصبع الاتهام للأندية بالبقاء على الهامش ودون تقديم حلول بديلة لمحاربة ظاهرة العنف التي هي في الحقيقة مشكلة الأندية قبل أي جهة أخرى. * والحقيقة التي لا بد من قولها هي أن الرابطة الوطنية والأندية المحتجة عن العقوبات لم تجلس يوما وجها لوجه لمناقشة الموضوع بجدية والبحث في إيجاد الحل الأنجع لظاهرة العنف، وهو الأمر الذي زاد في تعقيد المشكل وشجع على انتشار العنف وامتداده إلى الأقسام الدنيا.