أحد مستودعات الخليفة التي ستباع في المزاد العلني بعد خمس سنوات من إعلان إفلاس المجمع وتعيين مصفين له، قاربت عملية بيع ممتلكات الخليفة بكل فروعه على نهايتها، رحلة طويلة يؤكد المصفون ومحافظو البيع بالمزايدة الذين قادوها كم كانت شاقة ومحاطة بالعديد من الإشكالات القانونية في إثبات حيازة المجمع لأملاكه الثابتة والمنقولة، ومفاجآت في صالات البيع التي أمّها الآلاف من الزبائن ومقتنصي الفرص. * بداية بيع عقارات الخليفة في حسين داي وبوفاريك وبجاية * * المصفون باعوا لمؤسسات عمومية آليات الخليفة للبناء وأجهزة المراقبة التلفزيونية ومطبعة ضخمة * * ما تم بيعه إلى اليوم من ممتلكات الخليفة يخص الممتلكات المنقولة، وشملت المئات من السيارات السياحية والنفعية في حالات جيدة وتحمل علامات مشهورة مرورا بأثاث مكتبي ومنزلي فاخر وأجهزة كهرو منزلية من مختلف الأنواع ووصولا إلى آلات العد الآلي للأوراق المالية وخزائن حديدية. * جغرافيا تركزت عمليات بيع بنك الخليفة في العاصمة، حيث كانت توجد المقرات الاجتماعية لمختلف فروع المجمع التي توزعت خاصة على الدارالبيضاء والشراقة وبوفاريك، وهي أولا المؤسسة الأم "الخليفة بنك" الذي ضم الشطر الأكبر من الممتلكات المعروضة للبيع، ويأتي بعد ذلك فرع الخليفة للطيران باعتباره ثاني أقدم مؤسسة في تاريخ المجمع ومن أكثرها حيازة للممتلكات، ثم الخليفة للإعلام الآلي، الخليفة لكراء السيارات، الخليفة للبناء، وأخيرا الخليفة للمواد الصيدلانية والنسيج، وكان لكل فرع منها مصف خاص به يشرف على العملية. * بيع ممتلكات الخليفة تم عبر قناتين، عن طريق محافظي البيع بالمزايدة الذين بلغ عددهم سبعة موزعين بحسب اختصاصهم الإقليمي، وفضل مصفي بنك الخليفة منصف بادسي والمصفون الآخرون لبقية فروع المجمع أن يبيعوا بأنفسهم ممتلكات أخرى انطلاقا من أن القانون يخول لهم ذلك بحسب قولهم. * وإن كانت هذه النقطة محل تحفظ من طرف محافظي البيع بالمزايدة، وهنا لجأ المصفون في الغالب إلى التعامل المباشر مع مؤسسات عمومية تتوافق طبيعة نشاطها مع الممتلكات التي هي بصدد البيع، خاصة تلك التي كان من الصعب بيعها بثمنها الحقيقي مثل تجهيزات تقنية جديدة وهامة للمراقبة التلفزيونية عن بعد، اختار المصفي بيعها مباشرة إلى المصالح العمومية للبث الإذاعي والتلفزي، كما باع المصفي لمؤسسات عمومية حصة هامة من الشاحنات وآليات ضخمة للأشغال العمومية والمقاولات تابعة للخليفة للبناء، كان مجمع الخليفة قد اقتناها شهورا قليلة فقط قبل انهياره لإنجاز صفقات هامة للأشغال العمومية رست عليه خاصة في وهران وأرزيو. * ونفذت عمليات بيع ممتلكات الخليفة على مرحلتين بحسب الحصص التي كان المصفون هم من يحددونها ويقدرون إن كانوا يتولون بيعها بأنفسهم أم يحيلوها على محافظي البيع بالمزايدة الذين يتعاملون معهم، وانطلقت المرحلة الأولى من البيع عام 2003 واختتمت نهاية مارس 2005 بسبب تنقل المصفي من مقره بالأبيار إلى وادي السمار لتستأنف مجددا في أفريل من العام الماضي، حيث تم برمجة عمليات بيع عديدة آخرها تم تنظيمه الشهر الفارط. * * تهافت على المئات من سيارات الخليفة * * أهم ممتلكات الخليفة التي عرفت رواجا كبيرا في صالات البيع بالمزايدة هي السيارات السياحية والنفعية الموزعة على مختلف فروع المجمع، ومعظمها جديد تماما أو في حالة جيدة يحمل لوحات ترقيم تشير إلى أن تاريخ اقتنائها يعود إلى العام 2002 أي قبل أشهر فقط من تجميد حسابات الخليفة وبداية مسلسل الانهيار، ومنها سيارات فخمة جدا كان يستعملها كبار المسيرين وضيوف المجمع الأجانب وبعضها لدى فرع الخليفة لتأجير السيارات، وغالبا ما كانت صالات البيع التي تحتضن المزادات العلنية تعرف اكتظاظا كبيرا بالمئات من الزبائن ومقتنصي الفرص الذين كانوا يتقاطرون عليها من كل أرجاء الوطن، ويؤكد بعض من تابعوا مباشرة مسلسل بيع ممتلكات الخليفة أن الكثير من هؤلاء تفرغ تماما منذ سنوات لمتابعة مزادات الخليفة التي أصبحت مهنته الوحيدة، والتنقل من مكان لآخر لشراء الممتلكات المعروضة، ثم إعادة تسويقها. * ومن خلال الأرقام التي تحصلنا عليها بيعت معظم سيارات طويوطا كورولا بلوحة ترقيم تحمل العام 2002، وهي كثيرة، بأرقام تراوحت ما بين 60 و75 مليون سنتيم، وغير بعيد عنها بلغ متوسط بيع سيتراون سي 3، بأعداد كبيرة أيضا، رقم 55 مليون، لكن بعض هذه السيارات تضرر من بقائه فترة طويلة مخزنا في المستودعات وأيضا لأنه بقي فترة طويلة، حتى بعد انهيار المجمع وبداية تصفية أملاكه، في حوزة أشخاص اعتقد بعضهم أن المصفي لن يجد أثرا لها. وهو رهان تحقق لدى الكثيرين فعلا الذين أخذوا سيارات الخليفة التي لم تكن مقيدة في ممتلكات المجمع، ومنها ما بيع في شكل قطع غيار في السوق السوداء، لأن الذين استولوا عليها لم يكونوا يملكون وثائق تثبت ملكيتهم لها. * المكيفات الهوائية أيضا من بين المبيعات التي عرفت رواجا كبيرا في صالات بيع ممتلكات الخليفة، مكيفات هوائية من مختلف الأحجام للمكاتب والصالات الواسعة أحصى منها المصفون المئات كلها تقريبا من علامة آلجي بيعت بمبالغ تراوحت ما بين 6 إلى 15 مليون سنتيم. * * الدرك كشف الملكيات المزيفة بأسماء أشخاص وجمعيات * * وكان مجمع الخليفة قد اشترى الجزء الأكبر من أسطوله من السيارات عبر عدة صفقات بالجملة مع مؤسسات تسوق أشهر الماركات في الجزائر، ولوحظ ان أغلب سيارات فروع الخليفة من علامة طويوطا وسيتراون. * وقد احصى المصفون المئات منها عبر مختلف فروع المجمع، لكنه وجد صعوبة في تسويق نسبة كبيرة منها، لافتقادها لوثائق تثبت بشكل واضح ملكية الخليفة النهائية لها، وكثير منها لا يحمل تماما أي وثائق أو لها ملكيات مزيفة مسجلة بأسماء أشخاص وهيئات ومؤسسات عمومية، ومنها ما بقي مسجلا بأسماء وكلاء السيارات التي اشتراها منها الخليفة، ورفضوا منح البطاقات الرمادية، لأن مسيري الخليفة لم يكملوا سداد كل المستحقات المترتبة على شراء هذه السيارات، ورفضوا عرض المصفين لهم بتسليم الوثائق اللازمة لتسوية ملكية الخليفة لها، ثم الانتظار في طابور المدينين، ورفع الأمر للقضاء الذي أخذ وقتا طويلا للفصل في القضية. * كما حول المصفون ملفات سيارات عديدة أخرى إلى الدرك الوطني لإثبات ملكية الخليفة لها وكشف الملكيات المزيفة التي كانت مسجلة بأسماء أشخاص وحتى جمعيات وهيئات عمومية، وطوال السنوات الماضية كان المصفون في كل مرة يتمكنون من مجموعة من السيارات، ثم تسوية وثائقها يحيلونها على المزادات العلنية. * * فيلات وعقارات في المزادات العلنية قريبا * * قارب مصفو فروع الخليفة على بيع الجزء الأكبر من الممتلكات المنقولة، وبقي ما ينحصر أساسا في حصص كبيرة من تجهيزات الإعلام الآلي وعدد آخر من السيارات يرجح أنه لا يزيد عن 50 سيارة، بعد الانتهاء من بيع أملاك الخليفة المنقولة يتجه المصفي في المستقبل القريب إلى عرض حصص جديدة لبيع الأملاك العقارية لفروع المجمع، والأملاك العقارية ليست بالحجم الكبير، لأن المباني والمقرات التي كانت مشغولة من طرف بنك الخليفة وبقية فروع المجمع لم تكن مملوكة له، بل كان غالبيتها تربطه عقود كراء بمبالغ هامة ولفترات متوسطة وطويلة مع خواص. * وبرغم ذلك ينتظر أن تدر عمليات بيع أملاك الخلفية العقارية على قلتها عشرات الملايير الإضافية باعتبار مواقعها الهامة، وأحصت منها مصادرنا المقر السابق لوكالة بنك الخليفة في قلب مدينة حسين داي بشارع طرابلس الرئيسي، حيث كان يوجد الصندوق الثاني لبنك الخليفة، وهي في الأصل مساحة تجارية كبرى اشتراها الخليفة من الأروقة الجزائرية قبل سنوات، وفيلا كبيرة واسعة في منطقة ڤرواو على بعد 5 كلم من بوفاريك محاطة بمستودعات ضخمة وعالية ومبنية على قطعة أرض كبيرة تتربع على مساحة في حدود 3000 متر مربع بحسب ما بدا لنا عندما عايناها في عين المكان، ويحيط بها من كل الجوانب جدار سميك وعال لاحظنا انتصاب كاميرات المراقبة الخارجية على طوله وأعوان الأمن لحراسة ما تبقى من ممتلكات الخليفة المنقولة التي جمعت في تلك المستودعات، وفيها خاصة حصص من تجهيزات الإعلام الآلي والسيارات. * وقدر خبير عقاري استشرناه القيمة المالية الإجمالية في السوق للأملاك العقارية للخليفة في ڤرواو بحوالي 20 مليار سنتيم، ويعتقد ان مجمع الخليفة يملك أيضا عقارات في حي الموز بالدارالبيضاء، حيث يوجد حاليا المقر الاجتماعي لمصفي الخليفة للطيران، كما توجد عقارات أخرى في بعض الولايات البعيدة عن العاصمة مثل بجاية، حيث يحوز الخليفة أملاكا عقارية وصفها البعض بالهامة في مدينة أقبو، وفي المجموع قد تصل القيمة الإجمالية في السوق لعقارات الخليفة نحو 60 مليار سنتيم، كما يقدرها مطلعون على كواليس التصفية. * * الحصيلة المالية النهائية * * يصعب إعطاء رقم رسمي دقيق حول مجموع ما تم تحصيله من بيع ممتلكات الخليفة، خاصة في ظل التحفظ الكبير الذي يبديه مصفو فروع المجمع حيال كل ما تعلق بأرقام مالية، لكن المؤكد أن مبيعات الممتلكات المنقولة عبر المزادات العلنية التي اشرف عليها محافظو البيع بالمزايدة، خاصة أجهزة الإعلام الآلي والسيارات والتجهيزات المكتبية حصلت في العام الأول من مسار التصفية لبنك الخليفة لوحده 30 مليار سنتيم، دون حساب بقية الفروع. * ومنذ ذلك الوقت وإلى غاية اليوم تضاعف هذا الرقم عدة مرات، يضاف إلى هذا الممتلكات الثقيلة التي حولها المصفون مباشرة إلى مؤسسات وهيئات عمومية وبعض مصالح الدولة الأخرى، ومنها مطبعة كانت موجودة بمستودعات ڤرواو يصفها البعض بالضخمة تكون قد أخذت طريقها إلى المطبعة الرسمية، أيضا شاحنات وآليات الأشغال العمومية والمقاولات، وآخر وليس أخيرا تجهيزات المراقبة التلفزيونية، وعن سؤال عما إذا كانت ممتلكات الخليفة قد تم بيعها بقيمتها الحقيقية في السوق، أجمع الذين اتصلنا بهم على ان الأمر يختلف من حصة لأخرى. * حيث لم تجد بعض الممتلكات من يشتريها إلا بصعوبة بعد ثلاث او أربع عمليات وأحيانا أكثر، ثم بيع اخيرا بأسعار زهيدة، مثل بعض التجهيزات المكتبية والأثاث المنزلي ولواحق الإعلام الآلي، وما سحب من العرض، لأنه لم يجد من يشتريه، وفي كثير من الأحيان كان المصفون يشترطون سعرا افتتاحيا عاليا، لأنهم كانوا يستندون إلى الفواتير الأصلية التي حرر فيها ثمن الشراء، وتحمل أرقاما أكبر مما هو متداول في السوق، لذلك لم يكن من السهل بيع الممتلكات المعروضة للبيع من العملية الأولى، بل يضطر محافظو البيع بالمزايدة لبرمجة مواعيد جديدة وإقناع المصفين بتخفيض السعر الافتتاحي، لكن هناك ما بيع بأسعار فاقت التوقعات، خاصة السيارات التي استقطبت الآلاف من الزبائن دخلوا في منافسة قوية. * ولا يتردد بعض من اطلع على الملف في القول أنه عند الانتهاء من بيع كل الأملاك العقارية وما بقي عالقا من الممتلكات المنقولة يمكن الوصول إلى رقم يقارب 500 مليار سنتيم، وبرغم ذلك يبقى الرقم بعيد جدا عن حجم الخسائر التي تجاوزت 2 مليار دولار، وحجم الديون المترتبة على بنك الخليفة والتي التزمت الدولة بسدادها لصغار المودعين الذين كانت حساباتهم المالية تضم اقل من 60 مليون سنتيم. *