المال العام أصبح يتيما، ولم يعد مثلما نقول في الأمثال، مجرّد "مال سايب يعلّم السرقة"، بل انه مال يتيم بحاجة إلى حماية عاجلة من أيدي المسؤولين "السايبين" الذين يرونه بلا حماية ولا غطاء ولا شرعية؟! * المال العام يشكو يُتمه لمن استباحه، ويستنجد في عزلته بمن سرقه، ف"حاميها حراميها"، والدليل، قصص الفساد والاختلاس والعبث بالمال العام، المنشورة هنا وهناك، من الخليفة إلى اتصالات الجزائر؟! * المال العام ليس "سايبا" مثلما يعتقد البعض ولكن المسؤولين عليه حفنة من السايبين، والدليل أن الاختلاسات المرتكبة باسمه أو جريا وراء كسبه، والاستحواذ عليه، فقدت حتى أخلاق السراق واللصوص المتعارف عليها قديما، حين كان اللص لا يسرق إلا من يستحق السرقة، وليس رواتب المكفوفين مثلما حصل مؤخرا في المؤسسة العمومية للإدماج المهني والاجتماعي للمعوقين، أو جوازات الحج التي ضاع منها 2000 دفتر بطرق غير مشروعة، أو قفة رمضان مثلما هي فضائح كل عام، والتي تبحث الحكومة عن استنساخها بمشروع الأضاحي، حين تتقمص دور السمسار بين الموالين والمواطنين، لتتحول الدولة بذلك، وبفضل بركة وزير التجارة إلى أكبر موّال في البلاد؟! * المال العام في خطر، وأحد الوزراء يرد ويقول: "رانا خدامين وماشي حابسين مهما كان"، ويا ليت هذه الاستمرارية نفعت في وقف أخطبوط الفساد أو قطع دابره، ولكنها فرخّت مع كل مشروع جديد أو صفقة ضخمة مزيدا من "الوكّالين" والمعيثين فسادا في الأرض والبحر والجو؟! * وزير الصحة دعا يوما على الصحافيين قائلا: "وكيلكم ربي إذا ما نقلتم معلومات خاطئة للشعب"، ولكن أليس من حق الشعب أيضا أن يوكل ربي على أولئك الممسكين بزمام السلطة، المتساهلين مع لصوص المال العام، المتواطئين مع شبكات المافيا والبارونات؟! * الحكومة تريد أن تظهر في صورة الحامي الأمين والوحيد للمال العام، لذلك ربما قام وزير الاستثمار حميد طمار بنشر إعلان في الجرائد للبحث عن مدير لصيدال، في اتهام غير مباشر للإطارات الموجودة في المؤسسة، وقريبا جدا، قد ينشر إعلانا مشابها للبحث عن مديرين في مؤسسات أخرى، لكن هل يملك الجرأة للبحث عن بديله في الوزارة وفي الحفاظ على المال العام،.. نشك في ذلك؟!