مفهوم السرقة لم يعد يفي بالغرض الاصطلاحي في الحالة الجزائرية، لأن ما يحدث في البلاد من سرقات لم تعد تحمل معنى السرقة! المعروف على السرقة أنها استيلاء على ممتلكات الغير بإحدى الطريقتين: السطو أو الاختلاس. السطو: ويعني الاستيلاء على مال الغير بالقوة القاهرة، وهذا اللون من السرقة تمارسه العصابات المسلحة ضد المؤسسات المالية والهيئات، وتستخدم فيه العنف المسلح أحيانا. والاختلاس: يعني أخذ مال الغير خلسة منه، أي دون أن يعي أو يشعر بالسرقة.. وتدخل تحت هذه الأمور السرقات في الباصات.. والسرقات في البنوك والمؤسسات المالية وغير المالية، ويفترض في الاختلاسات من هذا النوع أن المسروق لا يرى سارقه! في حالة الجزائر وما يقع في المؤسسات المسروقة هو أن الأمر لا يتعلق بالاختلاس.. لأن الذين يأخذون المال العام يأخذونه جهارا نهارا ويعلم المسروق وهو الدولة! وفي بعض الأحيان يتم الإعلان عن السرقات في الصحف على أنها إنجازات وطنية! مثلما حدث في قضايا المستفيدين من تعاونية السرقة العامة التي أسسها المدعو عبد المؤمن خليفة! ويمكن أن نطلق على ما يقع في الجزائر وصف (أخذ المال العام) وليس سرقة! لأن الذين يتابعون بتهم السرقة هذه الأيام لم يسرقوا.. لا بصيغة الاختلاس.. ولا بصيغة السطو.. لذلك فإن قانون العقوبات الذي يجرم السراق لا ينطبق عليهم، لأنهم أخذوا المال العام ولم يسرقوه أو يسطوا عليه؟! وفي بعض الأحيان يقوم (الآخذون) للمال العام بعملية الأخذ وفق قانون يسنونه لأنفسهم.. مثل قانون التنازل عن أملاك الدولة بالدينار الرمزي لصالح فئة من الناس! أو أخذ النواب لشهرية، بقانون تعادل 50 مرة الحد الأدنى للأجر القاعدي! لهذا الجزائر ليس فيها سراق للمال العام، بل فيها من أخذ المال العام بالقانون!