أمريكا تواجه واحدة من أصعب امتحانات الوجود، ليس فقط لسمعتها العسكرية ولا لأخلاقها الحضارية!! إنما أيضا لوجودها على المسرح الدولي كقوة عظمى متنفذة في سياسات الدول ومصائر الشعوب، والمسألة ليست أمنيات لشافيز أو كاسترو أو نجاد إنما هي ارقام وقوانين تحكم مسيرة الاقتصاد الامريكي .. * فبعد حروب طويلة خاضتها الادارات الامريكية في فيتنام والحرب الباردة وأفغانستان ضد الروس ثم أفغانستان ضد طالبان والعراق، حيث أم الكوارث تقف عجلة الاقتصاد الامريكي تنفخ في صفارة الإنذار الاخير بأن انهيارا مدويا سوف يحل بالنظام الاقتصادي الامريكي كله، ورغم قيام اليابان والصين وكثير من الدول بمحاولات لإنقاذ الاقتصاد الامريكي بمئات مليارات الدولارات، الا ان الازمة تنخر في عصب النظام الرأسمالي الامريكي المستند بشكل أساس على النهب والهيمنة.. * وهي تحتكم الى اسوأ الاوضاع الاقتصادية، حيث تزيد إنفاقات الاستهلاك عن صادرات البلاد، الامر الذي حول رئيس البلاد الى سمسار ومهرج سيرك كبير لجلب الاموال عبر صفقات مشبوهة وإكراهية لدول وإمارات النفط، وهذا الامر نفسه الذي يقف وراء اشعال الامريكان هذه الايام حروبا على اعداء وهميين كالقاعدة وغيرها من فصائل العنف التي لا يخلو الامر من قيام الامريكان بصناعتها ودفعها الى تفجير البلدان من دول الجنوب لكي تلجأ الى العم سام.. * المشهد يتجلى تماما في العراق.. خمسة أعوام من الفوضى والحرب والقتل والتدمير في ظل وجود الاحتلال الامريكي، في ظل وجود أقوى جيش في العالم وفي ظل وجود أقوى اجهزة امن في العالم وفي ظل وجود عملاء لم يحتشدوا لمستعمر، كما احتشدوا في ركاب الامريكان في العراق، ورغم ذلك كله لم تنته الحرب والفوضى تلف العراق كله وارتكب عملاء الامريكان وتحت إشرافهم مجازر قتل جماعي ضد العراقيين.. * وعندما أصبح وجودهم في المشهد غير محتمل أرادوا ان يصنعوا ضمانات لتدفق خيرات العراق عليهم، فمرة أرادوا تقسيم العراق الى أكثر من خمس جمهوريات ومرة وقّعوا اتفاقيات نفط مع اللصوص من أعوانهم ومرة تحالفوا مع طرف سريعا ما اكتشفوا ضرورة التحالف مع خصمه، وهكذا واستنفذوا كل الوسائل، مرة يتحاورون مع الايرانيين ومرات يفتحون الخط مع البعثيين ومن وراء غطاء يتصلون بالمقاومة وكل الذي يعرفون ان رائحة النفط ولونه لا علاقة لهما بالايديولوجيا، فلن يكون النفط سوى النفط، وقد كشفت لهم دراساتهم الجيولوجية عن مخزون أكبر مما كانوا يتوقعون من نفط في العراق. * الان يريد العملاء ان يكافئوا المستعمر المجرم يتوقيع اتفاقية تضمن سرقته للبلاد وتضمن وجوده العسكري فيها لكي يشرف على سرقاته.. الشعب العراقي قال: لا..واذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد ان يستجيب القدر.