ووري التراب أمس في مربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة، جثمان الراحل رئيس مجلس الأمة الأسبق، بشير بومعزة، وسط حشود من رفقاء الفقيد في الجهاد، وبحضور أعضاء الطاقم الحكومي وسياسيين وعسكريين سبق لهم شغل مناصب سامية في الدولة، في مشهد أعطى الإنطباع أن جنازة رئيس مجلس الأمة الأسبق، نجحت في جمع شمل فرقاء السياسة والتاريخ وأبناء السيستام. * * وكان في مقدمة الحضور، ابرز الشخصيات التاريخية والوطنية التي سبق لها العمل إلى جانب الفقيد، يتقدمهم الأستاذ عبد الحميد مهري، والمسؤول السابق بالولاية الرابعة التاريخية، لخضر بورقعة، والمجاهد علي محساس، ومسؤولين سابقين في هرم المؤسسة العسكرية، على غرار وزير الدفاع السابق، خالد نزار، إلى جانب أقارب المرحوم ورفاقه وجمع من المواطنين. * وكان الرجل الثاني في الدولة ورئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، أبرز الحاضرين، إلى جانب رئيس المجلس الشعبي الوطتي، عبد العزيز زياري، والوزير الأول، أحمد أويحيى، ووزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين يزيد زرهوني، ووزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد، ووزير الموارد المائية، عبد المالك سلال، ووزير البيئة والسياحة وتهيئة الإقليم، الشريف رحماني، ووزير المالية كريم جودي، والمدير العام للأمن الوطني، علي تونسي، وعدد من نواب الغرفة السفلى، وأعضاء في الغرفة العليا للبرلمان. * وبعد مواراة الراحل، التراب، استعرض وزير المجاهدين محمد الشريف عباس، خصال بشير بومعزة ومشواره الثوري، في كلمة تأبينية مؤثرة، أبرز من خلالها مسيرة الرجل الحافلة بالانتصارات والأمجاد، ومواقفه الصلبة والثابتة، حيث وصف الراحل ب"الفذ"، وحنكته في أداء مهامه عندما كان وزيرا للعمل في الفترة التي أعقبت الاستقلال، وكرجل ثان في الدولة عندما شغل منصب رئيس مجلس الأمة في الفترة الممتدة ما بين 1998 و2001. * وقال الشريف عباس إن بومعزة كان "مثالا في النضال والتضحية ونكران الذات والوفاء والإخلاص والذود عن الوطن"، مبرزا انشغالات الفقيد "بهموم أبناء وطنه وأبناء أمته العربية والإسلامية وكل محب للحرية في هذا العالم"، ما أهله ليكون "مثال يقتدى به ومناضل صلب ومجاهد في سبيل الوطن جمع بين السياسة والنضال والثقافة". * كما اشاد الوزير بالسمعة التي يحظى بها الرجل داخل البلاد وخارجها، قائلا: "لقد تجاوزت سمعة سي البشير حدود هذا الوطن فأصبح مناضلا مدافعا عن القيم الإنسانية.. وسيبقى شاهدا على واحدة من مواقفه النضالية والإنسانية فضلا عن موقفه الثابت من القضية الفلسطينية جوهر القضايا العربية". * وعن خصال الفقيد، يقول المجاهد علي محساس، وهو أحد أقرب أصدقاء الفقيد ورفقاء دربه، في الجهاد وبعد الاستقلال، إن "بشير بومعزة كان مثالا في التفاني في العمل، وقمة في التضحية من أجل تحرر البلاد من نير الاستعمار، منذ عرفته في سنة 1946". * ويضيف محساس في تصريح ل"الشروق اليومي"، "لقد كان لي شرف العمل إلى جانب بومعزة، في الأربعينيات برفقة الراحل محمد بوضياف على مستوى مجلس ولاية سطيف الممثل لحزب الشعب الجزائري، وهناك وقفت على الذكاء الخارق للرجل". * وتابع محساس "أتقاسم مع بومعزة الكثير من القناعات والمواقف السياسية"، مشيرا في هذا الصدد إلى أنهما رفضا الانسياق وراء مساعي الرئيس الراحل هواري بومدين، عندما حاول تدبير إدانة سياسية للرئيس الأسبق أحمد بن بلة في تسيير دواليب الدولة، في سنة 1966، على أن اعتبار أن محساس كان قد شغل حقيبة الفلاحة، وبومعزة وزيرا للاقتصاد، وهو الأمر الذي تم رفضه، كما قال محساس، وكان سببا في مغادرتهما للبلاد. * من جهته، اعتبر الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو وفاة بومعزة ب"الخسارة الكبيرة"، وقال ان الجزائر فقدت بوفاته "رجلا عظيما ومناضلا قديرا وعنيدا كرس حياته كلها لخدمة بلاده وقضايا الأمة العربية، خاصة قضية فلسطين". * وكان جثمان الفقيد قد نقل صبيحة أمس إلى مقر مجلس الأمة، أين ألقيت عليه النظرة الأخيرة، قبل أن ينقل في الظهيرة إلى مقبرة العالية.