سيكون فوز الفريق الوطني على نظيره المصري في المباراة الحاسمة المؤهلة لكأس العالم بجنوب إفريقيا، ستكون له انعكاسات إيجابية جدا على مستقبل الكرة المستديرة في الجزائر، لكنه سيشكل منعطف خطير على عدة مستويات في مصر، التي حاولت سلطاتها بكل الوسائل والطرق الرياضية وغير الرياضية استعمال ورقة اللعبة الأكثر شعبية وتوظيفها لأغراض سياسية. * من لاحظ حالة نجل الرئيس المصري، جمال مبارك، بالقاعة الشرفية لملعب ناصر بالقاهرة في مقابلة السبت الأخير، عندما كان أبناء حسن شحاتة فائزين بهدف وحيد، يدرك حجم التوظيف السياسي للرياضة من أجل حسابات شخصية.. وعندما تصبح الرياضة أداة بشعة في يد السلطة، تصبح هوية وطبيعة الوسيلة لا معنى لها، بل يصبح المهم وفقط، هي الغاية. * هذا ما عبر عنه بصراحة سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، عندما خاطب مناصري فريق بلاده قبل أيام معدودة عن موقعة القاهرة، غير أبه بتداعيات تصريح حربي كهذا:" افعلوا ما تشاؤون بالجزائريين، زلزلوا الأرض من تحت أقدامهم.. المهم تكسب مصر". * من غير المعقول أن لا يكون سمير زاهر وهو يؤجج نار الفتنة بين شعبين شقيقين، مدركا لخطورة مثل هذه التصريحات العدائية والحربية، ولكن عندما يصر ساسة مصر على توظيف الرياضة لأغراض شخصية ضيقة، كما قال رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، محمد روراوة في الخرطوم، يصبح كل شيء مباحا، لأن الغاية في النهاية هي توريث جمال مبارك عرش أبيه، وذاك لن يتحقق إلا بتخدير سكان قبور قاهرة المعز، وغلابى أسيوط، بنشوة الفوز على الجزائر وتحقيق حلم المونديال، ولو كان ذلك على أشلاء وجماجم سيادة الجزائر.. خالد لموشية ورفيق حليش ورفيق صايفي ومدرب حراسنا بلحاجي ورفقائهم.. * لقد تحوّلت القاعة الشرفية لملعب ناصر بالقاهرة، بعد تسجيل عماد متعب للهدف الثاني لمصر، إلى حفل توريث سياسي غير معلن، وانقض الجميع على جمال مبارك (نجل حسني مبارك) يقبلونه فرحا بنجاح خطة الانتقال السلس للسلطة في مصر، بينما كان المخدرون بسموم قنوات الفتنة المشحونة بحمى التوريث، يصطادون مناصرو الفريق الوطني في شوارع القاهرة، أمام أنظار أعوان الأمن المصري، التي بقيت تتفرج في مشهد درامي. * الحملة الهستيرية التي انتابت سمير زاهر وهو مجرد الجزء الظاهر من جبل الجليد أو بالأحرى الواجهة الرياضية لدعاة التوريث، كانت أيضا حربا من أجل استمرار الجهاز المدير لشؤون الكرة في مصر بقيادة سمير زاهر، على اعتبار أن المساهمة أو بالأحرى التظاهر بالعمل من أجل إنجاح مشروع التوريث المرفوض من طرف عموم الشعب المصري، يجلب لصاحبه عطف ومن بعده دعم الرجل القوي في نظام مبارك، الرئيس غير المسمى دستوريا جمال مبارك، للبقاء في هرم مؤسسة كرة القدم بأم الدنيا. * غير أن السقوط المدوي لأحفاد الفراعنة أمام أشبال سعدان بملعب أم درمان وسط حفاوة معهودة عند الشعب السوداني المضياف، أفسد العرس وأخلط الحسابات، ومن شأن هذه الحادثة أن تسقط أوراق التوت عن جرائم القاهرة، وتعري أصحابها أمام الرأي العام المحلي، لأن نكسة الخرطوم وتبخر حلم الفرعنة في بلوغ مونديال بلاد نلسون مونديلا على أيدي الخضر، ستوقظ الشعب المصري الشقيق من تخدير الفوز المزدوج بكأس إفريقيا للأمم في طبعتيه 2006 و2008 وكذا النتائج الإيجابية الأخيرة، ليفيق على واقعه الصعب، وعندها يصعب على أي كان تمرير سموم التوريث في عسل التأهل للمونديال.