الصيدلية المركزية ترفض الأنسولين الجزائري رغم جودته العالية تواصل شركات أدوية ومخابر أجنبية، إغراق السوق الجزائرية بكميات هائلة من الأنسولين المصنع في المغرب، بهدف تحطيم مصنع الأنسولين الذي قام بإنجازه مجمع "صيدال" بولاية قسنطينة ودخل الإنتاج السنة الفارطة بقدرة إنتاج تصل إلى 2 مليون وحدة بيع من مادة الأنسولين بأنواعه الثلاثة السريع والمتوسط والبطيء وبنوعية ومقاييس جودة عالمية، وهو نفس المصنع الذي حاولت مافيا الدواء تخريبه عشية تدشينه من قبل رئيس الجمهورية شخصيا خلال زيارته إلى ولاية قسنطينة. * وتسمح القدرات الإنتاجية لمصنع قسنطينة للأنسولين من تغطية 80 بالمائة من الإحتياجات السنوية للجزائر في هذه المادة الإستراتيجية التي كانت مجموعة "نوفورديسك" تسيطر على تزويد الجزائر بها سنويا من خلال عقود مع الصيدلية المركزية للمستشفيات، تصل مدتها إلى ثلاث أو أربع سنوات في كل مرة، مما جعل المريض الجزائري رهينة لهذا المختبر رغم وجود منافسين عالميين له من حيث الجودة والسعر وحتى مع دخول الجزائر عصر إنتاج الأنسولين وبنوعية ومقاييس عالمية، واصلت الصيدلية المركزية التزود بهذه المادة من مصادر أجنبية رغم وجود إنتاج وطني وبأسعار تنافسية جدا، ولم تتعد كمية الأنسولين الذي حصلت عليه الصيدلية المركزية من مجمع "صيدال" 150 ألف وحدة بيع في السنة ومن خلال عقود مؤقتة في حين كانت تتعاقد مع مخابر أجنبية لسنوات طويلة، ولم يتعدى العقد المبرم مع "صيدال" نوع واحد وهو "الأنسولين" السريعة. * ومن أجل تعزيز الإنتاج الوطني في مجال الأدوية، وافقت الحكومة على مخطط استثمارات ضخمة لصالح مجمع "صيدال" بقيمة 280 مليون دولار، يمتد إلى غاية 2015. ويتم بموجب هذا الاتفاق منح المجمع خط قرض لاستعماله في تمويل مشروع إنشاء مركز للمطابقة الحيوية، وهو قرض لمدة 20 سنة بنسبة فائدة تفضيلية لا تتعدى 2 بالمائة. كما وافق مجلس مساهمات الدولة على السماح لمجمع "صيدال" بإنشاء مركز بحث وتطوير، على أن تتكفل الخزينة العمومية بجزء من نسب فائدة القرض، فضلا عن إنشاء خطوط نتاج جديدة لرفع الطاقة الإنتاجية للمجمع لمواجهة المنافسة الشرسة للمخابر الأجنبية والأوروبية والأردنية على وجه التحديد التي تسيطر مجتمعة على حوالي 80 بالمائة من السوق الوطنية للأدوية والمستحضرات الصيدلانية ذات الاستخدام البشري. * واستفاد مجمع "صيدال" من فترة سماح لمدة 4 سنوات بالنسبة للقرض الذي حصلته الشركة لبناء وحدة "الأنسولين" بقسنطينة، وهي الوحدة التي تعرضت لمحاولة تخريب ليلية، وقد تم تدشينها من قبل رئيس الجمهورية، الذي غضب بشدة عند تبليغه بالخبر، وأمر بفتح تحقيق في الموضوع. * وتم إحالة الرئيس المدير العام السابق للمجمع علي عون، في أفريل 2008 ليتم تعيين المدير السابق لشركة "بيوتيك" التابعة لمجمع "صيدال"، رشيد زواني مديرا بالنيابة إلى غاية أكتوبر الفارط، تاريخ إنهاء مهامه من قبل وزير الصناعة وترقية الاستثمار حميد تمار، واستبداله بمدير مصلحة التدقيق والتحليل والتلخيص للمجمع، بضغط رهيب من المخابر العالمية التي حاولت الضغط على الحكومة الجزائرية من خلال تخفيض كميات بعض المنتجات الصيدلانية الحيوية والإستراتيجية الموجهة لعلاج أمراض مستعصية مثل أنواع السرطانات المختلفة وبعض اللقحات وغيرها، وتابعت مصادر من القطاع الصيدلاني أن وزير الصناعة وترقية الاستثمار لم يوفق في اختياره عندما أبعد متخصصين في الصناعة الصيدلانية من على رأس المجمع وعوضهم بإطار لا علاقة له بصناعة الأدوية ولا بالحرب الدائرة رحاها في الكواليس وفي العلن بين المخابر العالمية بغرض تصفية الصناعة الصيدلانية الوطنية والحلول محلها. * ولا يملك المدير الجديد بالنيابة للمجمع، أي خبرة في مجال الصناعة الدوائية بحكم التخصص الذي لا يتعدى نطاق التدقيق المالي والمحاسبي بعيدا عن دواليب قطاع الصناعة الصيدلانية بمفهومها العملي، وهو ما مثل ضربة قوية لأكبر مجمع صيدلاني عمومي في الجزائر، فضلا عن إفساح المجال أمام المخابر الصيدلانية الأجنبية التي تسيطر على حوالي 80 بالمائة من السوق الجزائرية والتي لم تتأخر في استقطاب أحسن الكفاءات الجزائرية العاملة في المجال الصيدلاني وإغرائها بالالتحاق بها مقابل أجور تصل إلى 80 مليون سنتم شهريا، وهو ما يمثل ضربة موجعة للصناعة الوطنية في مجال الدواء، لأن إغراء الإطارات الحقيقية بأجور خيالية يهدف في حقيقته إلى تصفية الشركات الوطنية من الكوادر التي قد تحد من شراهة الشركات الصيدلانية الأجنبية، كما أن قرار إبعاد خيرة الكوادر في الصناعة الصيدلانية الوطنية في ظرف اقل من سنتين، يمثل تناقضا كبيرا مع محاولة الحكومة تدعيم سياسة الأدوية الجنيسة الهادفة لتخفيض فاتورة استيراد الدواء التي تجاوزت منذ سنتين 2 مليار دولار، وكذا الحد من فاتورة تعويض الأدوية المستوردة والتي تجاوزت السنة الماضية 1.4 مليار دولار، مما تسبب في اختلال التوازن المالي لصندوق الضمان الاجتماعي.