كشفت مصادر مقربة من مجمع صيدال أن انسحاب صيدال من إنتاج الأنسولين في الجزائر وارد جدا، وأكدت أن صيدال لا تستبعد إطلاقا اللجوء إلى غلق مصنع قسنطينة الخاص بإنتاج الأنسولين، نظرا للمشاكل التي تواجهها صيدال في تسويق الأنسولين الذي قامت بإنتاجه منذ شروع مصنع قسنطينة في الإنتاج. جميلة بلقاسم أرجعت مصادرنا سبب المشاكل التي تواجهه صيدال في تسويق الأنسولين الجزائري الصنع إلى عدم إدراج حتى يومنا هذا في قائمة الأدوية المعوضة، مؤكدة أن إدارة المجمع "لن تغامر بالمزيد من الخسائر في سوق الأنسولين بالجزائر، وسوف تجد نفسها مضطرة لغلق المصنع في حالة عدم إسراع الهيئات الوصية إلى إدراج الأنسولين الجزائري في قائمة الأدوية المعوضة، حتى يتمكن المرضى من شرائه، وتعويضه على غرار الأنسولين المستورد، لأن المرضى لن يشتروا طبعا أسولينا غير قابل للتعويض". وحسب مراجعنا، فإن إنتاج مصنع صيدال من الأنسولين يتراوح حاليا ما بين 500 ألف إلى 600 ألف قارورة، غير أن المشكلة التي تواجه صيدال هي أن الأنسولين المنتج من طرف صيدال غير معوض من طرف الضمان الاجتماعي، مما أدى إلى عزوف المرضى عنه، لسبب بسيط وهو أن اللجنة الوطنية لتعويض الأدوية تجتمع مرة واحدة كل ستة أشهر لدراسة الملفات المطروحة من طرف المنتجين، وهي لم تجتمع منذ أن انطلقت صيدال في إنتاج الأنسولين، وقد تقدمت صيدال بملف يتضمن طلب إدراج الأنسولين الجزائري في قائمة الأدوية المعوضة أواخر شهر ماي الفارط، غير أن اللجنة لم تفصل في الأمر بعد، يأتي هذا في الوقت الذي كان كل من وزير الصحة ووزير العمل الوصيان على هذه اللجنة قد التزما أمام رئيس الجمهورية بدعم الإنتاج المحلي للأدوية، وتخفيض فاتورة استيراد الأدوية، من خلال تشجيع استهلاك الأدوية الجنيسة. وتجد صيدال نفسها مطالبة بالانتظار إلى غاية نهاية السنة لتجتمع اللجنة الوطنية لتعويض الأدوية، حسب أجندتها، التي تنص على عقد اجتماع واحد كل ستة أشهر، وإلى ذلك الحين ستكون صيدال قد تكبدت خسائر جسيمة، الأمر الذي دفع إدارة المجمع - حسب مصادرنا - إلى التفكير في غلق المصنع وعدم المغامرة أكثر. وتتساءل مصادرنا لماذا لا تعقد اللجنة اجتماعات استثنائية عند الضرورة، مثلما هو الحال بالنسبة لمشكل صيدال الذي يتطلب التدخل العاجل من طرف اللجنة، خاصة وان مصنع الأنسولين بقسنطينة يعد الأول من نوعه في الجزائر. ويتزامن عدم إدراج أنسولين صيدال في قائمة الأدوية المعوضة في وقت تستمر الصيدلية المركزية في الاعتماد على المخبر الأجنبي الدانماركي "نوفو نورديسك" لتمويل المستشفيات العمومية بالأنسولين، حيث تم توقيع اتفاق بينه وبين وزارة الصحة قبيل بضعة أيام فقط من انطلاق مصنع صيدال في الإنتاج، على تمويل القطاع الصحي العمومي بالأنسولين، الأمر الذي مازال على يومنا هذا يثير عدة شكوك في مصداقية هذه الصفقة التي اعتبرت آنذاك مؤامرة لتحطيم صيدال. مع العلم أن الاتفاقية الموقعة تنص على أن يتم تمويل كل المستشفيات العمومية بالأنسولين المستورد من طرف هذا المخبر الدانماركي إلى نهاية السنة الجارية، بالرغم من أن الوزير عمار تو كان على علم بأن صيدال ستشرع في الإنتاج ومن الضروري ضمان حصتها في تمويل المستشفيات بالأنسولين، وترى مصادرنا أنه كان بالإمكان تحديد مدة الاتفاقية بستة أشهر مثلا، كما أنه يمكن للصيدلية المركزية أن تتدارك ذلك حاليا من خلال خفض حجم الطلبيات الموجهة للمخبر الدانماركي ومنح جزء منها لصيدال من أجل ضمان حصتها في السوق، غير أنها لم تقم بذلك. وقد سارعت الفيدرالية الوطنية لمرضى السكري إلى عقد اجتماع طارئ طالبت فيه بإلغاء الصفقة مع المخبر الدانماركي وسحب الرخصة منه، لأن مصنع الأنسولين التابع لصيدال كان بصدد الإنتاج ولم تعد الجزائر بحاجة لاستيراد الأنسولين، ومن ثم لم تكن هناك ضرورة للتعجيل بعقد هذه الصفقة، لأن المصنع الذي تم بناؤه بالشراكة بين صيدال والمختبر أفونتيس الألماني الفرنسي كان بصدد الإنتاج، مؤكدة بأن هذا المختبر تسبب في مشاكل كثيرة للجزائر سابقا، مما جعل سمعته سيئة لدى العام والخاص في الجزائر، لأنه التزم بإنتاج الأنسولين في الجزائر ولم ينتجه بعد انتظار مدته 17 سنة، واليوم عند ظهور مختبر "أفونتيس" شريك صيدال لبناء مصنع الأنسولين، يتقرر استيراد الأنسولين من "نوفونورديس" نفسه، ويرى أوحدة "أن توقيع اتفاق مع هذا المخبر لاستيراد الأنسولين قُبيل تسويق الإنتاج الوطني يطرح سؤالا عن حماية وتشجيع الإنتاج الوطني، ولاسيما إذا علمنا أن الدولة تملك تملك أسهما في رأسمال مجمع صيدال. يُذكر أن المختبر الدانماركي نوفونورديس كان قد وقع اتفاقا لبناء مصنع إنتاج الأنسولين بولاية تيزي أوزو، وحسب تصريحات رسمية، فإن مستوردي الدواء الجزائريين، عرقلوا بناء المصنع، ليستمروا في استيراد الأنسولين إلى الجزائر، خاصة وأن عدد مرضى السكري في الجزائر يصل إلى مليوني مريض بداء السكري. وتأتي المشاكل التي تواجهها صيدال في تسويق الأنسولين الذي أنتجته، بالرغم من أن الحكومة كانت قد اعتمدت منذ أشهر استراتيجية جديدة لتخفيض فاتورة استيراد الأدوية من جهة، ونفقات الضمان الاجتماعي من جهة أخرى، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات لتشجيع استهلاك الأدوية الجنيسة في الجزائر، ومن ثم تشجيع الإنتاج المحلي للأدوية بدلا من تشجيع استيرادها، خاصة إذا علمنا أن فاتورة استيراد الأنسولين وحده وصلت إلى 26 مليون دولار سنة 2005.