"منتخب 82 كان الأفضل فنيا، لكن المنتخب الحالي أبهرني بروحه القتالية العالية" "التألق في المونديال مرهون بظهور متميز في كأس أمم إفريقيا" في خضم الأحداث المتتابعة التي تعرفها الكرة الجزائرية في الآونة الأخيرة، رأينا بأن الوقت ملائم لتقصي رأي أسطورة كرة القدم الجزائرية رشيد مخلوفي بخصوص قضايا كثيرة تخص المنتخب الوطني ومستقبله سيما في ظل فتح المجال لكل من هب ودب للحديث في قضايا مصيرية تخص الخضر إلى درجة أن استقرار التشكيلة الوطنية التي عادت أخيرا للانتصارات أضحى مهددا. * ولعل الميزة التي يختص بها مخلوفي من بين غيره من المتدخلين في الساحة الإعلامية منذ فترة أنه عرف المنتخب الوطني كلاعب (مع فريق جبهة التحرير) ثم كمدرب قبل أن يترأس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم في 1984. * * في الحوار الذي خص به "الشروق" عاد نجم سانت ايتيان الأسبق إلى مسيرة الخضر في أولى تصفيات كاس العالم التي خاضوها في 1968 حينما كان على رأس العارضة الفنية للفريق الوطني، وأسباب فشله في تأهيل الجزائر إلى المونديال، والتطور التي حدث لكرة القدم الجزائرية في مونديال 1982 حينما كان مديرا فنيا للفريق الوطني في مونديال اسبانيا وما رافقه من قضايا على غرار طرد المدافع مجادي قبل انطلاق الدورة، كما تحدث لنا على أسباب تراجع الكرة الجزائرية وغياب المنتخب طيلة 24 سنة عن كأس العالم. * * * الكرة الجزائرية تعود إلى الواجهة بعد سنوات طويلة من الإخفاقات.. ماذا يعني بالنسبة لك التأهل الثالث للخضر إلى المونديال في وقت لم يكن أحد يتوقع ذلك؟ * - ما حققه المنتخب الوطني هو شيء جيد وإنجاز كبير انتظرناه كثيرا، جاء في وقت تظافرت جهود الإداريين واللاعبين الذين صنعوا التأهل بإرادتهم وشجاعتهم داخل الميدان، اللاعبون الحاليون للمنتخب الوطني يتميزون بالحرارة وحب الوطن غير المحدود وهو ما مكنهم الوصول إلى جنوب إفريقيا رغم أن التشكيلة الحالية لا يمكن مقارنتها بتشكيلة 82 مثلا، والتي كانت أقوى فنيا وجماعيا. * * * لا حديث في الوسط الكروي حاليا إلا عن التغييرات التي قرر المدرب الوطني القيام بها على مستوى التشكيلة، أو ما أضحى يعرف على وجه الخصوص بقضية مهدي لحسن. ماذا لو طلبنا منك الخوض في هذا النقاش الذي بدا على ما يبدو يأخذ أبعادا أخرى؟ * - في الحقيقة لست بدراية بكل ما يحدث حاليا في المنتخب الوطني إلا أنه يتوجب على المشرفين عليه الحذر، وأن لا تخرج الأمور عن سيطرتهم، فإبعاد لاعب ساهم في تأهيل الخضر إلى كأس العالم وجلب لاعب آخر ليحل مكانه أمر صعب، خاصة وأن الفريق الحالي هو مجموعة واحدة وأي اضطراب سيؤدي إلى التأثير على المجموعة وقد يتسبب ذلك في دخول النتخب في دوامة من المشاكل. * * * الكثير يعيب على لحسن رفضه الالتحاق بالمنتخب الوطني عندما كان الأخير في أمس الحاجة إليه قبل أن يقرر الآن قبول دعوة سعدان بعد أن تأهل الخضر إلى المونديال.. ما هو تعليقك؟ * - في الحقيقة ما اعرفه عن لحسن انه لاعب في الدوري الاسباني ينشط في راسينغ سانتندار ولديه إمكانات معتبرة، وعليه فإن قدومه قد يشكل الإضافة اللازمة للتشكيلة الوطنية، لكن وحتى يقدم هذا اللاعب ما هو منتظر منه لا بد أولا من تحضير الأرضية الخصبة التي نضمن بها اندماجه السريع مع المجموعة، ولن يحدث ذلك بطبيعة الحال إلا في حالة إبداء بقية اللاعبين استعدادهم الكامل لمساعدته على الانسجام بسرعة مع زملائه الجدد، كل هذا يدفعني للقول بأن مسؤولية المشرفين على المنتخب من رئيس الفاف والطاقم الفني كبيرة في تجنب أي اهتزاز داخل التشكيلة الوطنية بسبب مجيء لحسن، كما أنه يتوجب على المسؤولين ايضا قطع الطريق أمام الدخلاء الذين يحاولون التأثير على المنتخب الحالي وإبعادهم عنه. * * * سحبت مؤخرا قرعة كأس العالم، كيف وجدت المجموعة التي وقع فيها الخضر وباقي المجموعات؟ * - يجب عدم الوقوع في فخ التساهل واستصغار الخصم، فكأس العالم يشارك فيها 32 بلدا والكل يطمح لتحقيق نتائج ايجابية من خلال التأهل على الأقل إلى الدور الثاني. * ويجب أن نعترف بأن مجموعة الجزائر صعبة، وعلى المنتخب الوطني أن يتعامل مع كل مباراة على حدا، والانتصار في أول مباراة يرفع كثيرا المعنويات في الوقت الذي تثبطنا بالمقابل الهزيمة. * * * كأس الأمم الإفريقية على الأبواب والمنتخب الوطني سيبدأ استعداداته في 27 ديسمبر إلى 7 جانفي ولن يجري أي مباراة ودية.. ألا تعتقد أن هذه الفترة قصيرة للتحضير لأكبر منافسة كروية في القارة؟ * - هذه المنافسات لا تحتاج إلى التحضير البدني، فهذا النوع من العمل يقام على مستوى أندية اللاعبين، وكذلك أن العناصر الوطنية لعبت فترة معقولة فيما بينها ما أكسبتها نوعا من الانسجام، وما يجب فعله الآن هو التحضير البسيكولوجي والفترة معقولة حتى يقف الطاقم الفني الوطني على تعديل بعض من الأشياء وتحفيز اللاعبين. * * * صراحة، ما هي حظوظ الخضر في "الكان" ؟ * - المنتخبات الإفريقية تطورت وأصبحت كلها تلعب من دون أي عقد، ولا توجد الآن فرق ضعيفة وقوية الكل ينافس من اجل الكأس. والمنتخب الجزائري يمكنه بهذه المجموعة المتميزة من اللاعبين أن يحرز اللقب الذي غاب عن الجزائر لمدة 20 سنة، فعلى الخضر أن يركزوا ويتعاملوا مع كل مباراة وسيوفقون إن شاء الله. وإذا حقق المنتخب الوطني نتائج جيدة في كأس أمم إفريقيا سيكون له اثر ايجابي على مسيرتهم في المونديال. * * * نعود إذا سمحت إلى الوراء، كنت على رأس المنتخب الوطني الجزائري في أول تصفيات لكأس العالم 1970، التي فشل الخضر من خلالها المرور إلى المونديال.. كيف خضتم هذ التجربة؟ * - لعبنا التصفيات في 1968، كانت أول مرة تخوض فيها الجزائر التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، كانت تحذونا إرادة كبيرة للتأهل إلى مونديال المكسيك لكن للأسف الشديد ذلك لم يحدث حيث اصطدمنا بفريق تونسي قوي تمكن من التغلب علينا في لقاء بالجزائر ب 1-2 وتعادلنا معه في مباراة الإياب وعلى أرضه بنتيجة 0/0 * * * إذا طلبنا منك استحضار ذاكرتك أكثر وتحليل الأسباب التي كانت وراء ذلك الإخفاق، ماذا تقول؟ * - أتذكر يومها أننا لعبنا المباراة بدون لاعبين محترفين أي بالمحليين فقط، وذلك بعد أن رفض المسؤولون في الاتحادية الجزائرية استدعاء اللاعبين الذين ينشطون في البطولة الأوروبية، إلا انه وبعد الهزيمة التي مني بها المنتخب في مباراته الأولى وعلى أرضه استدعى اللجوء إلى المحترفين حيث قمت وسوكان باستدعاء لاعبينا من البطولات الأوروبية لكن ذلك حدث بعد فوات الأوان ولم نستطع العودة من تونس بأفضل من نتيجة التعادل التي أقصتنا من المشاركة في كأس العالم 1970. * * * 14 سنة من بعد كنت حاضرا في مونديال إسبانيا، حيث شغلت منصب المدير الفني، ماذا تحتفظ أيضا من تلك التجربة سيما وأن الأمر تعلق بأول مشاركة للمنتخب الوطني في كأس العالم؟ * - أولا وما أريد أن أشير إليه هو أنني وبعد تأهل المنتخب الجزائري إلى كأس العالم بإسبانيا عام 1982 قام وزير الشبيبة والرياضة آنذاك عبد النور بقة، بتكليفي بمهمة مرافقة الوفد الجزائري والإشراف على تنظيمه وتسييره خلال تواجده في اسبانيا، أما عن الأجواء العامة للمنتخب في ألمانيا والسلوك العام للاعبين كل الأمور كانت على ما يرام ولم تكن أي مشاكل في المجموعة. * * وماذا إذن عما عرف آنذاك بقضية مجادي وقريشي، وما هو سر إبعادهما عن المنتخب قبل انطلاق المونديال؟ * - ما أريد توضيحه حول هذه القضية انه كان يجب علينا فرض الانضباط بين اللاعبين وعدم التسامح مع أي كان حتى لا تخرج الأمور على مجراها. * والمشكلة كانت انطلاقا من التصرفات الفردية والأنانية التي قام بها قريشي ومجادي، حيث قاما بالتفاوض حول عقود إشهارية فردية مع العلامة بوما للملابس الرياضية خفية عن المسؤولين، وهذا ما لم نسمح به، باعتبار أن هذه المسائل ادارية وتخص الاداريين وكذلك تفقد تركيز اللاعبين، قمنا بانتظار خروج اللاعبين من اجتماعهما مع مسؤولي "بوما"، الذي أجروه خفية حتى الرابعة صباحا وقمنا باتخاذ الاجراءات اللازمة بإبعادهما عن المجموعة وكأس العالم. * * * لكن قريشي عاد بعد ذلك وشارك في المونديال بخلاف مجادي.. * - بالفعل سمحنا لقريشي العودة إلى المجموعة بعدما تقدم بالاعتذار عن ما فعله، إلا أن مجادي اخذ حقيبته وعاد إلى فرنسا ولم يبد أي رغبة في الاعتذار للعودة إلى المنتخب. * * * منذ كأس العالم 1986 تراجع المنتخب الوطني الجزائري وكرة القدم الجزائرية عموما. في اعتقادك ما هي الأسباب التي أدت إلى غياب منتخبنا لكل هذه الفترة عن نهائيات كاس العالم؟ * - الأسباب هي منطقية ونتيجة إهمال ما يسمى بالعمل القاعدي والمتواصل من الفئات الصغرى فنتائج منتخب 82 و86 وحتى 1990 الذي تحصل على كأس الأمم الإفريقية جاءت بفضل عمل متواصل مع مجموعة من اللاعبين، حوالي 40 لاعبا شاركوا في ألعاب البحر الأبيض المتوسط في الجزائر 1974 وفازوا بها وكذلك الألعاب الإفريقية 1978 ولا ننسى مشاركة منتخب الشباب 1979 في كأس العالم بطوكيو، وكانت النتيجة هي سلسلة النتائج المتميزة والمشاركة في كأسين عالميتين على التوالي إضافة إلى إحراز اللقب الإفريقي. * فما أنجز في مونديال 82 رغم أننا لم وأهل إلى الدور الثاني للأسباب التي يعرفها الجميع، لم يأت هكذا بل هو نتيجة للعمل الدؤوب، وبعد التسعينيات دخل هذا الجيل في مرحلة شيخوخته، ولم تكن هنالك استراتيجية للتكوين ولم يقم المشرفون على كرة القدم الجزائرية بعملية البحث عن الشباب وهو ما دفعت الجزائر ثمنه كبيرا من خلال الغياب عن المواعيد الكروية الكبيرة.