استقبال رسمي من السلطان للرئيس    رسالة من الرئيس إلى أمير قطر    تيارت: نحو اتخاذ إجراءات جديدة لتوفير المنتوجات الفلاحية للمستهلكين بأسعار معقولة    رودري يفوز بالكرة الذهبية    سوناطراك تُعزّي    تفكيك شبكة إجرامية بغرداية    استعراض عسكري ضخم بالطريق الوطني رقم 11    إحياء ثورة نوفمبر فرصة للانخراط أكثر فأكثر في معركة التشييد    الجزائر – عمان.. 8 مذكرات تفاهم لتقوية التعاون    الدفع الإلكتروني.. مخاوف غير مبرّرة تؤخر رقمنة المعاملات التجارية    تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية في صلب انشغالات الأمم المتحدة    المدراس القرآنية تزرع الوطنية وحبّ الوطن    السيد بن جامع يدعو المجتمع الدولي إلى "العمل معا" من أجل اطلاق مسار سلام حقيقي في الشرق الأوسط    إفريقيا أولوية استراتيجية للجزائر    نظام رقمي للتبليغ عن وضعية الإطعام بالمدارس    عازمون على مواصلة رفع تحديات مكافحة تبييض الأموال    النقل مجاني على خطوط "إيتوزا" الجمعة القادم    وفاة 11 عاملا في حادث مرور بحاسي مسعود    ارتفاع استهلاك الأدوية.. ولا ندرة في لقاحات الأطفال    أسبوع كامل لتحضير لقاء النصرية    بن جامع يشيد بالزخم الذي تشهده الدبلوماسية البرلمانية    الجزائر تدين بشدة اعتماد الكيان الصهيوني لقانونين يهدفان إلى تقويض أنشطة "الأونروا"    إرادة سياسية واستراتيجية وطنية لبداية "ثورة فلاحية"    رياض محرز يحصد جائزة أجمل هدف    فايزر ورقة بيتكوفيتش الرابحة لحل مشكلة الظهير الأيمن    تأكيد على أهمية التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    حجز 594 وحدة من الخمور    التشكيليون يكسرون حاجز الفراق ويَعِدون بالأفضل    ميلر تعيد رسم التراث    "ثمن الحرية" بأوبرا الجزائر    المؤثرون شوَّهوا الوجهة المحلية والمعلومةُ الصحيحة أساس الترويج    ضبط مهلوسات داخل كيس "شيبس"    سي الهاشمي عصاد يبرز بتيارت الوضعية الإيجابية لتدريس اللغة الأمازيغية على المستوى الوطني    التسيير البيئي لمزارع تربية المائيات : ورشة ثانية لفائدة إطارات وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية    الوطنية للنقل البحري للمسافرين : نقل ربع مليون مسافر في 444 رحلة خلال 9 أشهر    علي عون: استهلاك الأدوية يرتفع ب15 بالمائة سنويا في الجزائر    تلمسان.. أبواب مفتوحة حول الوقاية من الأخطار المهنية    النعامة.. مشاريع تنموية تدخل حيز الخدمة وإطلاق أخرى    تلمسان.. ربط أزيد من 110 مسكن بشبكة الغاز الطبيعي    كأس إفريقيا للأمم-2024 سيدات (تحضيرات) : المنتخب الجزائري يخسر وديا أمام نيجيريا (4-1)    "قناديل تقرت" إصدار جديد يسلط الضوء على شخصيات المنطقة    الجزائر مكنت المرأة من التواجد في مختلف المناصب والمجالات    بسبب عدم تعاقدهم مع فرق جديدة.. 3 من نجوم الخضر تحاصرهم البطالة    بين وقف النار ووقف الحرب    العدوان على غزة: 55 شهيدا خلال مجزرة الاحتلال الصهيوني الجديدة في بيت لاهيا    دلائل انقسام الغرب    مشهد فظيع لم أره من قبل    من مشاهد القيامة في السنة النبوية    تأجيل الداربي العاصمي    6 ملايين أسرة موصولة بالأنترنت الثابت    سلاقجي: الإذاعة تواصل مسيرة البناء    اتفاقية وشيكة بين الجزائر وكوبا    هيرتا برلين يزف أخبارًا سارّة بشأن إبراهيم مازا    قصص المنافقين في سورة التوبة    أكبر مخبر لمراقبة الأدوية يدخل الخدمة الجمعة القادم    إن اختيار الأسماء الجميلة أمر ممتع للغاية وهنا نذكر لكم أجمل أسماء مواليد هذا الأسبوع    الاسْتِخارة سُنَّة نبَوية    الاستخارة والندم والنفس اللوامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



SMS إلى الشاعر عنترة بن شداد: واعنتراه!!
أقواس
نشر في الشروق اليومي يوم 20 - 01 - 2010

على الرغم من زمن الهاتف المحمول والإنترنيت، وتعدد القنوات على الشاشات بكل اللغات، وبكل المساحيق فوق الابتسامات البلاستيكية لآلاف المنشطات والمنشطين، رغم كل هذا أشعر بإحساس غريب فأقول:
*
لكم نحن بحاجة إلى عودة فروسية عنترة بن شداد العبسي في هذا الزمن العربي الساقط والمهزوم بامتياز وعلى كل الجبهات وبكل الخطابات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟
*
قد يقول قائل من زمننا المعطوب: ما أبعد البارحة عن يومنا هذا، يا سيدي.
*
قد يقول آخر: - ما أبعد المسافة ما بين زمننا التكنولوجي "المتحضر" هذا وزمن عنترة العبسي التقليدي الطفولي الساذج يا أيها السيد.
*
أزيد من خمسة عشر قرنا مضت على رحيل الشاعر والفارس والفتى عنترة بن شداد العبسي وها نحن، أمام هذا الخراب الثقافي والروحي الذي من فوقه بوم تنعق، ننادي: واعنتراه!!
*
ما أحوجنا إلى وجود مثقفين في هذه الحياة، حياة لا حياة فيها، الجزائرية والعربية بكل فصولها وفضولها من أمثال هذا العنترة العبسي.
*
لنتخيل:
*
لو أعاد المثقفون الجزائريون والعرب اليوم قراءة "سيرة هذا المثقف الإنساني الكبير الذي اسمه: "عنترة بن شداد العبسي"، لو أنهم قرؤوا ديوانه ومعلقته وليرم طه حسين بشكه إلى الجحيم، شك في كل ما كتبه جاهليون هم أعلم منا، لو أنهم قرؤوا تلك السيرة التي وصلت إلينا عن عنترة صحيحة كانت أو مزيدة، لا يهم!! لكنها وفي كل الأحوال تصور مثقفا نموذجيا تجاوز، بما هو عليه من الحقيقة أومن الأسطورية، زمنه ليعبر أزمنة وأجيالا متلاحقة كثيرة وكبيرة وواسعة ومستقبلية.
*
لو قرأ المثقفون العرب يساريوهم ويمينيوهم وإسلاميوهم وعلمانيوهم
*
ووسطيوهم، وهم على ما هم عليه، في زمننا هذا، من تبعية، وهم في ما هم فيه من مذلة، وهم ما هم عليه من حال يشبه حال الذين يُعرَضون في سوق حداثي للنخاسة، لو أنهم قرؤوا أو أعادوا قراءة تفاصيل تاريخ "المثقف عنترة العبسي" وحاولوا فهم تفاصيل حياة هذا المثقف الذي قلص المسافة ما بين الفكر والممارسة، مثقف حارب الظلم وواجه أعداء الحرية وحارب التمييز العنصري(بلغتنا المعاصرة)، كان ذلك حتى قبل أن يجيء الإسلام
*
وينزل التنزيل الكريم باللغة التي بها كتب عنترة أشعاره، لكم نحتاج، في هذا الزمن التكنولوجي المعقد والاستهلاكي أيضا، إلى مثقف على صورة عنترة بن شداد، مثقف يعرف كيف يقول "لا" الكبيرة والمؤسسة، مثقف يعرف كيف يكون نظيفا، كريما، فتى، شجاعا و شاعرا.
*
نريد مثقفا جزائريا وعربيا حداثيا أقرب إلى عنترة بن شداد، في الشجاعة والمسلكية والحلم والصدق والمعلقة، منه إلى جاك دريدا في تفكيكيته.
*
نريد مبدعا على شاكلة عنترة العبسي يقول درر الكلام في الحب ذاك الذي أضحى ممنوعا ومصادرا من قبل القبيلة العربية المعاصرة بشعاراتها الحداثية، نريد شاعرا وعاشقا وفارسا لا يرى في الحب إلا العزة، عزة العاشقة أولا، نريد شاعر يحتفي ونحتفي معه فيه بالفتوة واللغة الجميلة، أليس عنترة العبسي هو ذاك الشاعر الذي كره أن يمشي في طرق مشاها غيره وقد سئم التكرار ورفض البائت من القول الشعري:
*
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم.
*
نريد شاعرا جزائريا وعربيا حداثيا يكون أقرب، في جنون حبه وفي قيم الشهامة والمسلكية، إلى عنترة العبسي صاحب عبلة منه إلى الشاعر لوي أراغون صاحب إلزا. نريد مثقفا يكرم المرأة أُما وزوجة وبنتا وأختا
*
وعشيقة، يكرمها إنسانا كامل الوجود في ذاته، في نصه وفي الحياة.
*
ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي
*
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
*
نريد قائدا عربيا على شاكلة الفارس عنترة العبسي بقيم وفلسفة لا تتردد في إدانة الظلم ومواجهة المغتصب، في أيام الإحباط والهزيمة الملونة هذه. نريد قائدا بأخلاق فروسية عنترة العبسي في هذا الزمن العقيم، زمن الخصي والتلجيم، زمن ضاع فيه الوطن واختلطت على القائد العربي قيم الخذلان بقيم النبالة.
*
نريد قائدا يعرف حدود الوطن ويعرف كيف ترفع جدران المناعة ويميزها عن جدران العار التي تحاصر الأخ لتقتله بالبطيء. نريد قائدا على شجاعة الشاعر الفارس عنترة يعرف القبيلة- الوطن و يعرف كيف يذود عنها وكيف يميز ما بين جدار عازل يرفع في وجه أخ
*
وسيف يرفع في وجه عدو.
*
نريد لغة عربية كلغة عنترة العبسي، لغة عربية جميلة جمال عبلة، جمال مقاوم للرداءة والابتذال، لغة عربية تحارب التلوث الذي سكن مفاصلها
*
وهاهو يغتال هواءها شيئا فشيئا.
*
نريد رجل دين بسلوكيات عنترة العبسي السامية وهو الذي كان على أفضل السلوك وأنبل الأخلاق حتى قبل أن يجيء الإسلام.
*
لو أن لنا في هذا الوطن العربي، من مدينة العيون إلى المنامة، لو أن لنا مائة من المثقفين من طينة الشاعر عنترة العبسي، يرابطون على جبهة الثقافة، لو توّفر لنا مائة من نفسه ونَفَسه في أحاسيس شعراء ومبدعي هذا الزمن الكابوسي، ولو أن لنا مائة من مثله قادة مرابطين على الحدود الحقيقية من غير الرابضين في البارات والخيانات والمؤامرات، لو أن خمسة في المائة من الثلاثمائة مليون عربي من مواطنيه على سلوك عنترة العبسي، لو كان لنا هذا الرأسمال من الحلم والعدة لتمكنا من دخول المعاصرة في الثقافة والإبداع والسياسة وفنون الحياة دون استلاب أو اغتراب ولحققنا الانتصار أولا على تخلفنا وعلى أعدائنا في نهاية المطاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.