رفض مجلس الشورى لحمس منح تفويض للقيادة بدعم أحد المرشحين للاستحقاقات المقبلة، وهما رئيسا الحكومة السابقان علي بن فليس أو بن بيتور، بدعوى أن الأول محسوب على النظام ولم يقدم شيئا، والثاني لا يحظى بالشعبية، وأصر على غلق باب النقاش حول الرئاسيات باتخاذ قرار المقاطعة حتى وإن لم يترشح بوتفليقة. ورغم أن خيار مقاطعة الانتخابات الرئاسية كان يبدو شبه جلي من خلال نتائج سبر الآراء الذي قامت به الحركة عبر الولايات، إلا أن القرار النهائي الذي اتخذه مجلس الشورى المجتمع نهاية الأسبوع، لم يكن في مستوى توقعات قيادة حمس، وعلى رأسها عبد الرزاق مقري، الذي كان قد أعلن ترشحه في وقت سابق. وجرت أشغال مجلس الشورى في جو متميز، بسبب أصوات رفضت جرّ الحزب إلى انقسامات جديدة، في حال فتح باب التنافس على الترشح بين اسمين بارزين وهما رئيس الحركة عبد الرزاق مقري وسلفه أبو جرة سلطاني، الذي خفف من حدة تلك المخاوف طالبا بنقطة نظام وقال: "أنا لن أترشح للانتخابات"، ملتزما بمتابعة أشغال الدورة إلى نهايتها. وبحسب ما أسرت به مصادر ل "الشروق"، فإن هذا الموقف لقي استحسان الهيئة العليا، لكنه أحرج مقري، الذي وجد نفسه في مواجهة قرار صعب تمسك مجلس الشورى باتخاذه، كون الأمر يتعلق في تقديره بمصير الحركة التي تعرضت لانكسارين متتاليين، في التشريعيات والمحليات، بسبب تراجع نتائجها. ووفق مصادرنا، فإن مقري وعلى خلاف الصورة التي ظهر عليها في بداية عهدته الرئاسية لحمس، بدا محبطا، بسبب فشل المساعي التي كلف بها لأجل إيجاد الخيار المناسب حول كيفية التعامل مع الرئاسيات. كما أنه رفع سقف المعارضة قبل أن يصطدم بواقعها المر، كون المعارضة السياسية ما تزال شكلية ولم ترق بعد إلى المستوى المطلوب، كما أنه لم ينجح في إرضاء مجلس الشورى، الذي منحه تفويضا للتوصل إلى مشروع قرار، وهو المشاركة بمرشح الحزب أو المقاطعة أو التحالف، "لكنهم عادوا بنفس النقاط" وفق مصادر من هذه الهيئة، أي دون نتيجة. فأضحى الترشح يشكل هاجسا، بسبب ظهور مخاوف من أن يجر التنافس ما بين سلطاني ومقري حمس إلى انقسامات أخرى، في حين إن طموح القاعدة يتجه نحو بناء الحركة وإعادة هيكلتها. وأظهر قسم كبير داخل مجلس الشورى امتعاضهم من الخيارات الثلاثة التي توصل إليها أعضاء المكتب الوطني على رأسهم رئيسه، وهي عدم المشاركة في العملية إذا ترشح بوتفليقة، أو المشاركة بمرشح الحركة، أو التحالف مع بن بيتور أو بن فليس، وقالوا بأن المكتب لم يصل إلى نتيجة، واكتفى بالعودة إلى نفس الخيارات التي كلف بالبحث فيها والتشاور بشأنها، غير أنهم رفضوا بتاتا مضمون الخيار الثالث، لأسباب عدة، أولا لأن التحالف مع بن بيتور وبن فليس لا يمكن أن يكون إلا مساندة أو دعما لأحدهما، لأن التحالف يعني الاتفاق والتشاور على شخصية معينة قبل أن تعلن ترشحها، فضلا عن عدم حصول الاسمين على الرضا والقبول من قبل قسط واسع من أعضاء تلك الهيئة القيادية، الذين رأوا بأن بن بيتور نكرة ولا يحظى بالشعبية، وأن بن فليس محسوب على النظام، ولم يقدم أي شيء يذكر حينما كان رئيسا للحكومة. وقد كان الانزعاج من ذكر اسم بن فليس باديا بوضوح حسب مصادرنا مقارنة باسم بن بيتور، فكانت النتيجة قرار المجلس مقاطعة الرئاسيات، وتولى مقري تلاوة مضمونه على أعضاء الهيئة وهو واقف على المنصة، طالبا منهم الوقوف جميعا لسماع نتيجة القرار وما تم بالفعل، لكنه غادر القاعة وهو متوتر، بعد أن اصطدمت رغبته في الترشح بإرادة أعلى هيئة استشارية في الحزب، ورغبة القاعدة. وبحسب تفسير مقرر مجلس الشورى لحمس ناصر حمدادوش لمضمون قرار المقاطعة، فإنه يعني عدم المشاركة بمرشح الحركة في الانتخابات الرئاسية، غير أن كيفية توجيه المناضلين خلال هذه الانتخابات سيتم عقب اجتماع يعقده لاحقا المكتب الوطني لحمس، لكنه رحج إمكانية ترك الاختيار لهم، قائلا بأن قرار المقاطعة لا رجعة فيه.