الأيام الأولى للحملة الانتخابية، أثبتت أن منشطيها والمترشحين للرئاسيات، غير قادرين على تعبئة الأغلبية المسحوقة، مثلما أطياف المعارضة التي تنام في محمية نادي الصنوبر، ليست مؤهلة هي أيضا لتجنيد الأقلية الساحقة، وهذه مصيبة الطبقة السياسية الغارقة في مستنقع الفشل والعجز! عندما يلجأ هؤلاء وأولئك إلى ملء قاعات الهملة بالتلاميذ و"يشترون" المصفقين والمطبلين في مزادات ومناقصات، فمن الطبيعي أن تُفرغ العملية الانتخابية من محتواها، وتتحوّل إلى لعبة يتسلى بها عديمو الكفاءة وعديمو الذمة، وتصبح نسبة المشاركة آخر اهتمامات المتهارشين والمتنافسين! غابت حجة الإقناع والاستدراج والإرضاء، فغاب المناصرون والمناضلون والمتعاطفون، ولم يصبح عامة الناس مقتنعين بأقوال بلا أفعال، واستوى المطبّلون مع المعارضين في مفترق طرق تنفير الجزائريين وعدم القدرة على ترويضهم وجرّهم إلى مواعيد انتخابية يُريدها هؤلاء وأولئك أن تكون في خدمتهم وتحت تصرّفهم! على المدافعين عن جدوى الانتخابات، والمشوّشين عليها، أن يُراجعوا حساباتهم ويرتّبوا أوراقهم، قبل دعوة أو استدعاء المواطنين إلى "تسخين البندير"، مع أو ضدّ، والحال أن الجزائري "كره" من "فستي" المراوغين والغمّاسين وأفراد وجماعات "تاكل الغلة وتسبّ الملّة"! نعم، المطلوب من المتنافسين أن يتراشقوا بالبرامج والبدائل والحلول، وليس بالسبّ والشتم والسباب والقذف و"الهفّ"، وبعدها الكلمة للصندوق والإرادة الشعبية، التي تعرف جيّدا من أين تُؤكل الكتف! كم نحن بحاجة إلى ميزان غير مغشوش، يزن المكاسب والمصائب، يزن الإنجازات والإخفاقات، يزن الأخطاء والخطايا، يزن الحقيقة والسراب، حتى لا يُظلم أيّ أحد، ولا يُوزع الجزاء والعقاب بطريقة استعراضية، فيها كثير من التمييز والمفاضلة! كم هو مستفزّ ومثير للشفقة في آن واحد، عندما يُعارض ذلك "المعارض" الذي ينام بمحميات "السلطة" التي يمقتها ويسبّها، وكم هو مثير للضحك عندما يُعارض ذلك الذي مازال يحلب "البقرة الحلوب" ويستفيد من خدمات وامتيازات الدولة ويضع يده في جيبها! هؤلاء "المنتفعون" بلا صدق ولا مصداقية، ولذلك فإنهم لم ولن ينجحوا في إقناع الزوالية، وحتى إن كان من حقّ، وربما واجب وزراء ومسؤولين سابقين، "معارضة" زملائهم وأصدقائهم القدماء والسابقين، فعليهم أن يحترموا فطنة الجزائريين التي تردّد: ياو فاقو.. ياو يطبطب! إن تقديس معارضة كلّ شيء بعد مغادرة السلطة، والتحرّر ظاهريا من "واجب التحفظ"، تصبح كمن يؤذن في مالطا أو يحجّ إلى لوزوطو، مثلما لا فائدة من ماركتينغ غنائي يتولاه "مستفيدون"، طالما أن أغلب الفرق تمثّل على "شعيب الخديم" ولا تمثله!