الرغبة في تنظيم تشريعيات ومحليات مسبقة، أو النية فيها، أو التخويف بها، أو إسالة اللعاب وامتصاص الغضب وإرضاء هؤلاء أو أولئك بها، بدأت بالفعل تنقل الرعب، إلى الحاليين، وتثير شهية الراغبين في دخول برّ-لمان أو المجالس المخلية! هل هناك جدوى ومبررات فعلية لحلّ الهيئة التشريعية ومعها المجالس البلدية والولائية المنتخبة؟: لماذا وكيف ومتى؟.. من المتضرّر ومن المستفيد؟ هل سيقبل حزب الأغلبية البرلمانية ومعه الأحزاب "المعششة" في البرلمان بمثل هذا الإجراء حتى وإن كان باسم الإصلاحات؟ حكاية حلّ البرلمان، ليست وليدة اليوم، فقد رفع "غاضبون" بعد رئاسيات 2009، وبينهم زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، مطلب تنظيم تشريعيات مبكّرة، بدعوى عدم مصداقية الانتخابات البرلمانية آنذاك! من الطبيعي أن تستيقظ الآن الفتنة و"الغبّارة" وسط النواب والأميار ومعشر المنتخبين المحليين، فهم يعتقدون، وهذا بنصّ القانون، أن "الشعب" انتخبهم لعهدة من خمس سنوات، ولا يحقّ لأيّ كان، أن ينقلب على "الإرادة الشعبية" ويطردهم أو يُنقص من عمرهم بهذه "المحالس"! قد يكون من الأولويات إعادة انتخاب أميار ونواب جدد، بعد مرور نحو سنتين من عمر البرلمان والمجالس المحلية، لكن أليس في ذلك، تسفيها للمنتخبين، وتتفيها للناخبين الذين صوّتوا لصالحهم؟ أليس من الأخلاق السياسية أن يُبادر الشعب إلى المطالبة بتغيير منتخبيه ونوابه، بدل أن يتهافت السياسيون و"الطمّاعون" على هذا المطلب! قد يكون في حلّ المجالس المنتخبة، حل وبديل، لمن يبحث عن حلول وبدائل، لكن هل في ذلك حلول وبدائل للأغلبية المسحوقة من الموطنين؟ وبماذا سيستنفع الغلابى من هكذا قرارات قد تكون استعراضية أو شطحة لا تختلف عن رقصة البطريق؟ نعم، لقد عانى المواطن البسيط، ومازال، من نواب لم يعودوا إلى مداشرهم وولايتهم منذ انتخابهم، وعانوا ويُعانون من أميار ومنتخبين عاثوا في البلديات فسادا، لكن ألا يُمكن لقرار الحل أو المناداة والمغالاة بتنفيذه، حقّ يُراد به باطل؟ أو قد يكون سمّا مدسوسا في عسل؟ دون شكّ، فإن من بين المطالبين بحلّ البرلمان، أو الذين سيخدمهم، هم أفراد وجماعات موزعون بين الغمّاسين والانتهازيين والوصوليين وأولئك الذين يحترفون فنون الاستفادة دون الإفادة، وهؤلاء الذين تعوّدوا على أن يأخذوا ولا يعطوا! لكن، بالمقابل، قد يكون حلّ المجالس المحلية والبرلمان، تنفيسا للمواطنين وقطعا لدابر المفسدين، وقد يكون فيه ظلم كبير لأبرياء وسفراء النوايا الحسنة، ممّن خدموا وأسالوا العرق وأصابهم الأرق، لكن يجب منح الكلمة للشعب ليفصل في "مصير" نوابه ومنتخبيه وبعدها "كل واحد يعرف وين يدفن يمّاه" مثلما يقول المثل الشعبي!